الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات موظف مدجن / تخوم الجنة

عبد الرؤوف الشريفي
كاتب.

(Abdul Rauf Al-shuraifi)

2022 / 8 / 14
سيرة ذاتية


موقع عملي منبوذا يقبع كسيحا قرب الشعلة العالية ( الفلير flare) في اخر الشركة. (ربما هو ليس بهذا السوء والنقص لكن في نفسي تحامل يجعلني اسومه بسيء النعوت).
الفلير تبعث بلا توقف الى سماوات الروح سحب سود من غازات الايثان والميثان والاثيلين المحترق تصل الى حد الزبير احيانا، فتلوث المزاج قبل الرؤية، وتفكك الانسجة قبل انهيار الجهاز التنفسي . هناك في نقطة التلوث الدائمة سيما ان هبت رياح الصبا الشمالية تنعدم الكتابة والحلم.
فقد جربت لعشرين عاما واكثر مزاجا افتراضيا واحدا مبنيا على الهامش، والضجر، العدمية واللانتاج العملي والفكري، اجرد الاشياء والافكار من ابعادها وجمالها، اسخف ما المسه واراه ولا اتذوق شيئا. حتى احببت المناوبة وحيدا. امارس الاباحة الفكرية او التنسك والتزهد او الكتابة الشعرية والنثرية/ المهرب او الاستلقاء كالأبله والتقاط الافكار من السقف الخشبي الخاشع المتهدل
كنت امقت ان يعرفني احد، اسمي سحنتي وعنواني ودرجتي الوظيفية. وكنت لا اريد ان اعرف سوى مسؤولي المباشر. ولم احفظ سوى اسم المدير العام المتبدل حسب مزاج الوزارة والاحزاب واسم مسؤول الرواتب وهو غالبا باقامة دائمة حتى تتعرق مؤخرته والمقعد.
فكل ما يربطني بالمنتسبين والشركة هو الراتب اخر الشهر. لا انتمي لهم. وتعبيرا لهذه المزاجية العدمية كنت ادون ومنذ عام وبعد كل مناوبة واثناءها يوميات موظف مدجن. وكنت ازيد عليها تخفيفا لضجر الحياة والعمل. وقد نشرت بعضها. وكان الدفع المتواصل الحثيث لإتمام الكتاب من صديقي الاديب كاظم حسن سعيد.
اليوم فقط ، (تغيرت الاحوال يا سكينة) .فقد كتبت له مقالة بعنوان ( يوميات مسؤول سعيد). جاء فيها:
في مختبر التجارب الفاصلة يرتدي المختبري قفازاته وارادته. وينزع صمغ (مشاعره ) عند الباب ليقف هادئا مثل ريشة طاووس ومدققا بعين الحرباء امام الدوارق الفوارة والمقاييس الدقيقة. يكتشف سر وسير قوانين الحياة. ويقرر التعديل في نسب المواد المتفاعلة ليصل الى اقرب النتائج عن صدق العلم.. والعالم
هكذا اصبحت اليوم اداريا او قائدا مع فارق ببن الاثنين. ولا يهمني حجم المكانة والمسؤولية بل القدرة على ضبط ايقاع عشرة منتسبين بإمرتي او بمعيتي. رغم اني كنت اتهرب منها لسنوات مختبا مثل سنجاب في جحر سباته الشتوي يتغذى على دهونه المختزنة. ولا يتحرك. لقد اصبحت مسؤولا.
وها انا الج مختبر التعامل والتفاعل الاداري والاجتماعي. اجرب مشاعرا غاية الجدة والطزاجة والسعادة مثل فتى يعشق غيمة. لقد غدوت في تعاملي معهم لا اكره شخصا ولا احبه رغم انك قد تمدحه في اجادته او توجهه او حتى تنتقده في خطئه مهما اخطأ او اجاد وابدع. لان الامر برمته عمل. وليس (شخصي). وكأنك اقرب للروبوت البشري تبحث عن مصالح العمل ومصلحتك بتان وتعقل, ولا تريد ان تخسر احدا ليس لأهميته ولشخصه بل لأنك تعتقد انه يفيد العمل. وعندما تخسره لا تفكر ولا تندم كانه ليس موجودا.
هذه هي مطلع الروح السعيدة التي اتقمصها او تتقمصني. وتلك هي تخوم الجنة في التوازن الفائق الجودة الذي يرضي ذاتك ويسعدك لآخر نفس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام