الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألصين تحاكي الغرب والولايات المتحدة

ثائر ابو رغيف
كاتب وشاعر

2022 / 8 / 14
الصحافة والاعلام


ستان گرانت
14/08/2022
ترجمة ثائر ابو رغيف

تحت تساؤل ستان گرانت عن " ماذا لو كان ما وجدناه بخصوص الصين مقلقًا للغاية وهو كونها لا تختلف عنا (ألغرب) تمامًا ، لكنها تشبهنا تمامًا؟" كتب في موقع أي بي سي الأسترالي:
على الرغم من عناوين الأخبار المثقلة بطبول الحرب الا انه لم تكن هناك مفاجآت في ظهور السفير الصيني في منتدى الصحافة الاسترالي الوطني هذا الأسبوع فشياو چن لم يقل شيئًا لم يقله من قبل. لم يقل شيئًا خارج عن أرثوذكسية الحزب الشيوعي الصيني إذ انه قال "تايوان تنتمي إلى الصين. "وستتخذ جميع التدابير اللازمة بهذا الصدد". لا مجال للتسوية.
ماذا كنا نتوقع؟
فقد واظب الحزب الشيوعي دائمًا على مبدأ استخدام القوة من أجل "إعادة توحيد" تايوان مع البر الرئيسي للصين
في عام 1996 ، كانت الولايات المتحدة والصين تنظران إلى بعضهما البعض بشأن مضيق تايوان مع تصاعد التوترات وتلوح الحرب في الأفق, الآن لا يختلف الامر ولم تتغير الصين. وبرغم قيام الحزب الشيوعي الصيني بحبس المنشقين وإسكات الأصوات والأقليات المضطهدة من التبتيين إلى مسلمي الأويغور لم يمنعنا أي من ذلك من التقرب إلى الصين ، لتعميق العلاقات الاقتصادية وقد تم تكريم الزعيم الصيني شي جين پينغ من قبل قادتنا السياسيين في زيارة إلى أستراليا عام 2014. وهو نفس الشي جين بينغ كما هو الآن
أراد الغرب فقط أن يعتقد أن الصين ستتغير. أنها ستصبح أكثر شبهاً بنا. فكروا جيدًا في هذا: ماذا لو كانت الحقيقة غير المريحة هي أن الصين تشبهنا كثيرًا, أكثر مما نود الاعتراف به؟
أسس الفيلسوف الفرنسي رينيه جيرارد فكرة نظرية المحاكاة. إذ قال إننا نشجع الآخرين على ألتشبه بنا أو تقليدنا للحد الذي يبدؤا بالرغبة في ما نرغب فيه ثم يصبح التقليد تنافسًا. وقال إن الخصوم يصبحون "مماثلين" لبعضهم البعض
لا يمكن تقاسم رغباتنا. يصبح المثيل "كبش فداء" ، تضحية من أجل خطايانا. الصراع يخفي تواطؤنا, هل هذا ما نراه مع الصين؟
بدلاً من رفض الغرب ، قامت الصين في الواقع بمحاكاة الغرب. وبدلاً من الإطاحة بالنظام العالمي ، انضمت الصين إليه وبهذا سهّل النظام صعود الصين كقوة اقتصادية
لقد أرادت الصين ما تريده الولايات المتحدة
في تسعينيات القرن الماضي أطلق دنگ شياو پينگ الإصلاحات الاقتصادية في الصين بعد أن زار الولايات المتحدة في وقت سابق ، وقام بجولة في مصنع سيارات فورد ، وحضر مسابقات رعاة البقر وارتدى قبعة رعاة البقر
احتضنت الصين جوانب من الرأسمالية - وإن كانت ذات "خصائص صينية" - حتى أنها انضمت إلى منظمة التجارة العالمية. وهي عضو في مؤسسات متعددة الأطراف ، ووقعت معاهدات واتفاقيات دولية ، وهي عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
أراد الغرب أن تصبح الصين أكثر شبهاً بنا وقد فعل ذلك بنجاح غير عادي فتم انتشال مئات الملايين من الناس من براثن الفقر و أصبحت الصين كمصنع للعالم.
فالأمة التي لم تكن قادرة على إطعام نفسها في يوم من الأيام اصبحت الآن أكبر ماكنة للنمو الاقتصادي في العالم وتستعد لتجاوز أمريكا باعتبارها أكبر اقتصاد منفرد و بقدر ما يُنظر إلى ذلك على أنه تهديد ، فهو أيضًا لا غنى عنه.
الآن تدعي الصين القوية الامتياز الأميركي: الاستثنائية. إذ تنظر الصين إلى التاريخ وتقول إن القوى العظمى لا تلتزم بالقواعد وغالبًا ما يشير القادة الصينيون إلى أن الغرب هو الذي استعمر واحتل ونفذ عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية
بصدد ذلك يقول الكاتب والمفكر البريطاني جون گراي "إن دولًا مثل الصين وروسيا تحكمها أفكار مستمدة من مصادر غربية" ويقول إن ما يواجهه الغرب "ليس التقدم المهدد للحضارات الأجنبية بل ظلالها المظلمة". يشير گراي إلى أن أجيالًا من القادة الصينيين قد درسوا الغرب. إنهم راسخون في فهم شريعة الغرب وفكره السياسي
يعتبر الفقيه والمنظر الألماني كارل شميت من المنظرين المؤثرين في القرن العشرين, قال إن السياسة هي حالة حرب. هناك عدو دائم. قال شميت إن الدول معنية بالتوصل الى الانسجام بين السكان. وهكذا يسعى شي جين پينغ إلى خلق "الانسجام" بالقوة ، مستهدفًا مجموعات مثل المسلمين الأويغور من أجل "إعادة التثقيف" او ما يسمى بالإبادة الجماعية
بعد الحرب العالمية الأولى ، ظهرت دول قومية جديدة في أوروبا قامت بقمع أو محو الأقليات السكانية إذ يقول گراي إن الصين اليوم هي "موقع لتجربة في بناء قسري للدولة أقرب أوجه الشبه التاريخية في أوروبا ما بين الحربين العالميتين". ما يحدث في الصين حدث من قبل في الغرب. إذ لم يكن الغرب يدور في فلك الديمقراطية فقط ، كما يذكرنا گراي ، "بل مزيج من الفاشية والشيوعية والقومية المتكاملة"
كانت السمة الخلاصية للغرب هي الليبرالية. لكن هذه أيضًا تحت التهديد فقد تعرضت ديمقراطيات ما بعد الحرب الباردة للاختطاف من قبل اللالبرالية معيدة المؤسسات الديمقراطية إلى الوراء ووقوعها فريسة لرجال مستبدين أقوياء. أصبحت المجتمعات قبلية بشكل متزايد ووسائل الإعلام أكثر حزبية وباتت مفاهيم الحقيقة محل نزاع
كما يقول گراي: "أولئك الذين يعتقدون أن البشرية تتقارب على القيم الليبرالية يتجاهلون حقيقة أن المجتمعات الغربية تتجاهلها بسرعة" و گراي ليس سوى آخر من حدد ما حذر منه الآخرون منذ فترة طويلة.
حددت جوديث شكيلار ، قبل نصف قرن ، أن "الليبرالية فقدت جوهرها الأخلاقي". كان شكلار تكتب في أعقاب الاضطرابات الهائلة وكوابيس الرؤى الطوباوية للنظام السياسي. ظهر الإيمان بالتقدم كسراب. كما قالت: "في عصر الحربين العالميتين ، الديكتاتوريات الشمولية والقتل الجماعي ، يمكن اعتبار الايمان بذلك ساذجا.
إن التناقض الغربي بين الحرية والاستبداد قد بُني في عصر التنوير, فقد انحدرت الثورة الفرنسية إلى الرعب و خاض العالم حروبًا لا تنتهي ظلالها المظلمة لعدة قرون, و الآن هناك حديث عن الحرب مرة أخرى. هذه المرة ضد عدو يقلد المثل الغربية حتى في الوقت الذي يرفض فيه الزعيم الصيني شي الهيمنة الغربية نفسها.
عند مقارنة الصين بالغرب ، هناك إشكالية النسبية الأخلاقية و هذا أمر خطير. فخلال عقدين من العيش في الصين أو تقديمي لتقارير عنها ، رأيت - وشهدت - بوضوح شديد أسوأ الجوانب القمعية للحزب الشيوعي الصيني
لكن هذه اللحظة يتطلب منا الوضوح الأخلاقي: ما هو الغرب؟ ما هو مستقبل الليبرالية والديمقراطية؟ ما هو النظام العالمي؟
في الغرب ، هناك شعور بالغربة والكآبة. وشكلار ، نقلاً عن هيگل الذي اسماه "الوعي التعيس" المنطق والعقلانية اللذان دفعا التقدم الغربي دفعا الكثيرون إلى الشعور بأنهم داخل "سجن غريب ومعاد". وحذرت شكلار من أن هذه هي "رومانسية الهزيمة
إن الغرب يتصارع مع نفسه حتى وهو يواجه صينًا أكثر قوة وعدوانية. يقول جون گراي ، الذي يكتب عن تناقضات الغرب وانجرافه إلى الاستبداد غير الليبرالي ، "إن بوصلة التاريخ تشير إلى نموذج لم يعد موجودًا" ومن المفارقات ، كما يقول ، أن الغرب لا يحتضر ، وأسوأ ما في الأمر يبقى "على قيد الحياة في ظل أنظمة الاستبداد التي تهدده الآن"
حثت جوديث شكيلار الغرب على إنقاذ نفسه من الكآبة وإيجاد إحساس جديد قوي بالتجديد. فإذا كانت الصين تمثل أسوأ جوانب الغرب هل تتطلب هذه اللحظة أن يعيد الغرب النظر إلى نفسه؟
إن معركة الغرب هي أيضًا مع نفسه ومع إرثه. من وجهة نظر رينيه جيرارد ، فإن الصين رغم أنها ليست "كبش فداء" ، يمكن اعتبارها "توأمًا". وإن كانت تدعى اليوم "التوأم الشرير". الغرب ليس مسؤولاً عن هبوط صواريخ شي جين بينغ قبالة مياه تايوان إذ يبدو أن الزعيم الصيني - مثل صديقه فلاديمير بوتين – في فمه الطعم المخيف لنهاية العالم
لكننا نعيش في عالم صنعه الغرب. إذا كان للديمقراطيات الليبرالية أن تسود وتنتصر في هذه اللحظة وتتجنب الانجراف إلى حرب كارثية سيكون هذا هوالوقت المناسب لاستعراض نظامًا عالميًا أكثر فضيلة وقوة على الصين إذا لم تستطع ألصين محاكاته فستجد من المستحيل مقاومته؟
ستان گرانت محلل ومقدم للشؤون الدولية في قناة الاي بي سي الاسترالية
https://www.abc.net.au/news/2022-08-14/china-has-emulated-the-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل