الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القيء قصة قصيرة
ثائر ابو رغيف
كاتب وشاعر
2022 / 8 / 14
الادب والفن
قصة قصيرة
كانت الحرارة في الخارج لا تطاق ، وفقًا لتقرير الطقس الذي وصلت فيه الحرارة لدرجة غيرمسبوقة تبلغ 48 درجة مئوية ، لكن ذلك لم يمنعني من الخروج إلى الكافيتوريوم لأداء طقس الساعة الرابعة عصراً ؛ شرب فنجان إسبريسو قوي وممارسة عادتي الذميمة المتمثلة في مراقبة رواد المقاهي والأشخاص الذين يمرون قرب نافذتي بشكل متطفل. كانت عيناي مثل ثقبين أسودين ، لكن بدلاً من التهام مجرات وأكوان ، كانتا تمتصان الانعكاسات البائسة للأرواح البائسة التي تقع في مداهما
عادة ، في هذا الوقت من اليوم ، يجب أن أنتظر في المقهى حتى تصبح طاولتي المفضلة شاغرة ، واليوم كان استثناء ؛ مجرد الحمقى يخرجون في مثل هذا الجو الحار لتناول مشروب ساخن.
كان الكافيتوريوم فارغًا باستثناء طاولتين ، والطاولة المجاورة للمقهى كان يشغلها شاب يرتدي بدلة زرقاء (تبا لهم جرذ الشركات حتى الحرارة لن تجعلهم يتخلون عن بدلاته) ، كان يقرأ ما يبدو أنه بعض اوراق الأعمال. الطاولة المجاورة لطاولتي المفضلة احتلها رجل أصلع سمين في أواخر الثلاثينيات من عمره بقرط ذهبي بأذنه اليمنى ورفيقته, سيدة سمينة وصينية مملؤة بكومة من كعك الدونَت أمامهما
طلبت قهوتي وكوب الماء البارد وذهبت إلى طاولتي ؛ جلست في مواجهة الشارع معطياً ظهري للرجل والامرأة البدينين ، في محاولة لتجاهل ضحك السيدة البدينات الهستيرية (على ما يبدو كان رفيقها السمين يروي نكات لها) بدأت في مسح المارة وهم يمرون بجانب نافذتي وألقي نظرة على وجوههم المتعرقة. يا إلهي أعتقد أن عرقهم النتن يمكن أن يملأ المحيط. قاطعت النادلة الشابة كلير تطفلي على المارة
- ها هي قهوتك ومياهك الباردة سيد ميلر ، آه ، أرى أنك محظوظ اليوم ، لقد حصلت على طاولتك المفضلة دون انتظار
- شكرا يا كلير ، لا أعتقد أنني محظوظ ، فقط مدين للطقس الحار. وضعت كلير القهوة والماء على طاولتي وعادت إلى بار الخدمة
بعد حلقة من الضحك المزعج ، قالت الأنثى البدينة التي ورائي لرفيقها
- يا مات ستقتلني بالضحك ، يا كيس من السكر أنت
أردت أن أصرخ بها : لا , لا هو ولا انت كذلك،فكلاكما أكياس ممتلئة خراء ، براز حي ضاحك ، انظرا إلى كرشيكما المتضخمان ، انظرا إلى وجهيكما المغطان بفتات كعك الدونُت لكن بالطبع ، أنا أفتقر إلى هذه الشجاعة ، لذلك بقيت أطحن أسناني بِغل
في محاولة لإلهاء أفكاري عن الفيلين ورائي ، عدت إلى هوايتي المفضلة ، حيث كانت هناك امرأة تنتظر سيارة أجرة على ما يبدو ، من النظر الى خلفيتها يمكنني أن أقول إن كل شيء لديها يقع ضمن المواصفات الكاملة، رقبة طويلة ، أكتاف عريضة قليلاً ، خصر رائع ومؤخرة صلدة ومستديرة. يظهر قميصها الأبيض خطًا عريضًا من العرق ينزل من رقبتها الى حافة التنورة الرمادية الضيقة التي كانت خطوط لباسها الداخلي ترتسم بشكل بارز عليها. كنت أتمنى أن تدير وجهها نحو نافذتي لأرى ما إذا كان وجهها وثديها يتناسبان مع كمال شكلها من ألخلف. كمال؟ ، ماهذا الهذيان؟ جسم جميل ، وجه جميل ؟! لقد رأيت في درس التشريح ما يكمن تحت الجلد. عضلات ، عظام ، غدد ، سوائل كريهة الرائحة ، لعاب يحمل رائحة كريهة من أحماض البطن، ما الذي جذبني ، خلايا الجلد الميت التي تتساقط كل لحظة ، العرق النتن الذي تستحم به أو ربما لباسها الداخلي ابو الخيط ؟! نعم ، بألتأكيد هو لباسها الداخلي، لكن الآن كلما أفكر بشكل أعمق في الأمر ، أتخيل أنها ترتدي لباساً خيطه أبيض اللون يتحول إلى اللون الأصفر بسبب العرق وشظايا البراز من آخر رحلة لمرحاض المكتب قبل المغادرة على عجل. التفكير في كل هذا يجعلني اشعر بالغثيان ، في الواقع بدأت أشعر بالرائحة الكريهة تملأ أنفي ؛ تغلبت علي الرغبة في التقيؤ. غادرت المقهى وعدت إلى مكتبي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فرحة وأماني وخطط لمستقبل.. كيف تفاعل الفنانون السوريون مع سق
.. الخارجية السورية: العمل مستمر في جميع الممثليات الدبلوماسية
.. لما أحمد أمين وحمدي المرغني يمثلوا في فيلم واحد ?? يا ترى هي
.. السيدة انتصار السيسي وقرينة سلطان عُمان تزوران دار الأوبرا ا
.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: على الحلوة والمرة أشت