الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (١_٢)

وليد المسعودي

2022 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نقد الدولة _ دولة النقد
البحث عن دولة حديثة ناقدة (١_٢)

مشكلة البحث

غياب وجود الدولة الحديثة الناقدة

( موجز عن الحداثة والنقد)


هذه المشكلة ربما تكون الغائب المطلق في التاريخ السياسي الحديث لدى المجتمعات التي تعيش ضمن فضاء الثقافة العربية الاسلامية ، وهي مشكلة انعدام وجود الدولة الحديثة الناقدة ، المصححة لذاتها ، لتعثراتها ، لاخطائها ، وبالتالي يشكل غياب عنصر النقد والتصحيح يجعلها أخاذة في الجمود والتخلف عن التطور والبناء ومضاهاة الدول والامم الحديثة ، وغياب النقد هذا لا برتبط بالواقع السياسي فحسب بل له جذوره المعرفية والاجتماعية والثقافية والدينية ، تلك التي تعيش على المطلقات القيمية والسلوكيات الموروثة الجاهزة سواء كانت مرتبطة بالحاضر وما يعاني من اقصاء وشمول معرفي وثقافي او ذات ارتباط ماضوي سياسي واجتماعي ثقافي ضمن ذات الآليات المغيبة لاي امكانيات تسمح بوجود الاختلاف في التفكير وشيوع الحريات الحديثة ، وبالتالي لا يشكل الغياب ذاته إلا غيابا للحداثة نفسها قبل غياب النقد ، وتلازم الحداثة والنقد عنصران مكملان لاي تطور اجتماعي وعلمي ثقافي بشري، ولا يكفي وجود احدهما دون وجود الاخر بل ان وجودهما مكملان لبعضهما البعض

وبما ان المجتمعات العربية الاسلامية تعاني اشد ما تعانيه هو غياب التحديثة العضوي لمجمل الأشكال والانساق الاجتماعية والثقافية والوجودية المعاشة لذلك وجب علينا تقديم موجز عن الحداثة والنقد كارتباط تاريخي عربي اسلامي حديث


موجز عن الحداثة والنقد


بداية ان الحداثة العربيّة الاسلامية هي حداثة نقدية من أجل الاصلاح ، والنقد الموجود فيها لا يغور في اعماق المشكلة الوجودية المراد نقدها ، حيث دائما هنالك العيش على السطوح والهوامش ، بسبب بسيط يكمن في ان كتاب ومفكري الحداثة ضمن حدود النسبي هم من اصول دينية ، وبالتالي لم تساعدهم الجذور الراسبة في تكوينهم المعرفي المضي قدما في النقد والبناء ، يضاف الى انهم كانوا ذات ارتباط سلطوي مع هذه الدولة او هذا السلطان ، مع بعض الاستثناءات بالطبع .


رفاعة الطهطاوي .. حداثة هامش سلطوي



فهذا رفاعة الطهطاوي اول شاهد على حداثة اوربا ، مبعوث من قبل محمد علي لاحياء وانبعاث ؤوح الامة الاسلامية ، ولكن ضمن شروط حديثة تأخذ بنظر الاعتبار اهمية التعليم والاستناد الى العقل في تسيير الامور الاجتماعية والسياسية ، وفقا لرؤية السلطة الباعثة التي تريد الاخذ بنظر الاعتبار التطور الصناعي العلمي دون التطور الفكري والسياسي والاجتماعي ، وهذا يبدو هو موقف الكثير من الدول المنتهية الصلاحية الجامدة المحكومة عائليا وحزبيا مع اختلاف تغيرات الزمن والحداثة .

بحيث يمضي تخليص الابريز في وصف حداثة باريز ( باريس) بذكر المظاهر الحديثة في العيش والسكن والملبس فضلاً على اعتمادها على العلم والصناعة دون اي محاولات من نزعها عن اطارها الخارج عن الدين ، حيث بقيت باريس " دار كفر " اذ يبدأ بوصف باريس بهذين البيتين

لئن طلقت باريسا ثلاثا
فما هذا لغير وصال مصر
فكل منهما عندي عروس
ولكن مصر ليس بتت كفر (١)

وهكذا يسهب الطهطاوي في وصف حداثة باريس دون الإشارة ولو نقدا لبيئته المحلية وما تعانيه من جمود وتقليد واتباع حيث يقارنها بما موجود فيها ليس بالمسلمين بل بالنصارى او الاقباط في مصر فقط ويحسب انتمائهم الى الجهل والغفلة وليس الى تأثير الظروف والبيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عليهم حالهم حال المصريين والعرب جميعا (٢)


الكواكبي واستبداد الشرق



ومع الكواكبي تتطور المشكلة الوجودية التي يعاني منها الانسان العربي _ الاسلامي ، اذ يوجه سهامه الى المجتمع وجذور الاستبداد والاستعباد باعتبارهما نتيجة طبيعية يعيشها المجتمع الشرقي ، وان لا خلاص من الاستبداد إلا من خلال العودة الى الجذور ، جذور الشورى الدستورية ، بالرغم من انه اي الكواكبي يتفرع كثيرا في أوجه الاستبداد بدءا بارتباطه بالدين والسياسة والتربية والمجتمع والمال .. الخ ويعمل جاهدا على حل هذه المعضلة ولكن في النهاية سوف يصاب باليأس والوهم وعدم الامكانية من الوصول إلى اي حل لها ، حيث كما يقول " يتوهم الباحث عند النظرة الاولى انه ظفر بأصل الداء ولكن لا يلبث ان يكشف له التدقيق انه لم يظفر بشيء او انه ذاك فرع لأصل او نتيجة لا وسيلة (٣)
ومن المؤكد اصابة الكواكبي باليأس لا يعود الى قضية التنظير والتفكير بقدر ما يعود الى جمود الواقع وعدم تحوله إلى الاشكال التي يريد وهي ان يتخلص المجتمع من الاستبداد في جميع اشكاله الاجتماعية من خلال تثبيت الشورى لانها تنهي غضب الله وتعفي الناس من الاستبداد لانه " يد الله القوية " تلك المسلطة على الناس الخارجين عن طاعته ، وهنا ادامة النظرة للظلم بشكل ديني وليس دنيوي باعتبار ان الظالم سيف الله ينتقم به ثم ينتقم منه كما ورد في الحديث (٤)

ان كتاب طبائع على الرغم من هيمنة التصورات الدينية عليه الا انه يعد بداية اولية للنقد السياسي الاجتماعي وخصوصا ضمن ترابطهما الكبير ، فبين الحكومة وموظفيها ومجتمعها الكثير من التشابه سواء في الفساد والاستبداد او في الاصلاح والحرية ، ذلك ما حاول الكواكبي شرحه ونقده للاستبداد في الشرق بشكل مجرد من التشخيص للدولة والحاكم والنظام بعينه .


المصادر : _

١_ الطهطاوي ، رفاعة / تخليص الابريز في تلخيص باريز
/ مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة / ٢٠١٢ / ص ٦٩

٢_ المصدر ، نفسه / ص ٨٣

٣ _ الكواكبي ، عبد الرحمن / طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد / دار الكتاب المصري ، دار الكتاب اللبناني / طبعة ٢٠١١ / ص ٣

٤_ المصدر ، نفسه / ص ١٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير