الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من-المجتمعية الجسدية-الى-المجتمعية العقلية/5*

عبدالامير الركابي

2022 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


كانت ثورة 14 تموز اللاارضوية الثانيه غير الناطقة، المحطة الفاصلة والاخيرة، قبل النطقية المؤجله منذ اكثر من سبعة الاف عام، عندها حصل التفارق الكلي بين المقولات الاتباعية النقلية والاليات الصامته، وصارت القوى المنتمية للايديلوجيا خارج السياقات الواقعية حتى بحدودها الدنيا، او كاصداء تردد وقع الديناميات اللاارضوية كما كانت ابان الفترة بين 1921/1958 ، وبالامكان القول بان العر اق عاش الفترة المشار اليها، من دون اي حضور تعبيري من اي نوع، في وقت تبدل فيه ايقاع الاليات التي كانت حاضرة بقوة بظل اللانطقية، ومع الانتقال من البرانيه المستمرة بين 1258 و1958 ، زادت اسباب تعذر النطقية عناصر اخرى، فغدت اكثر تعذرا.
وعلى هامش ماهو معاش ومستجد من انقلاب نحو الريعيه الايديلوجية القرابيه بعد 1968، لم يبق من مبرر للقوى الايديلوجية غير ادوات وشعارات ومحفوظات الاستتباع، وفي حين كان المطلوب لحظتها، التوقف ولو متاخرا، لاجل محاولة قراءة الواقع بما هو، لم تجد القوى المشار لها غير شعار وحيد، فيه وحوله ظل يتركز دورها المفترض المفتعل، المعتاش على ماقبله، به يتم تبرير استمرارها لنفسها، فكانت "الدكتاتورية"، نقيض الديمقراطية المعتبره هدفا اعلى، وان من دون حيثيات مثبته واقعيا، او تدليل نظري، او مادي واقعي، الامر الذي يخرج المذكور كشعار من خانة الخاص الى العام،المعتمد والمتفق عليه بالدرجة الاولى بقوة حضور النموذج الغربي.
ذلك في الوقت الذي انقلبت فيه موضوعات وحيثيات اللحظة كليا، ولم تعد ـ التراكمات تتيح حتى للقراءة المجتمعية المتعارف عليها بموضوعاتها ومنهجياتها، والاسس التي تقرأ استنادا لها ـ ان تكون مجدية، فحين تكون النطقية العراقية وشيكة، او هي في حال تبلور، فان موضوعات البحث والتفحص، لاتعود من صنف او جنس ماهو سائد، لاختلافها النوعي، ولان تصيّر الاعقالية، ودور العقل البشري ومكانه يغدو هو المقصود والمعاين المطلوب التاشير عليه، ونحن هنا نكشف النقاب عن الحقيقة التحولية الرافدينيه كما هي منتظرة بعد دورتين سالفتين، ذهبتا الى اقصى مايمكن ومتاح في لحظته، والى حدود تقارب التجلي المطابق، مقاربة الحقيقة اللاارضوية الازدواجية، مع انهما عجزتا في نهاية المطاف عن ان اداراك منطوياتها كما ينبغي، فضلا عن تحققها واقعا، فظلت هذه ضمن مايعرف بوعي المجتمعات لذاتها، بدل وعي العقل لذاته، من ضمن عملية الوعي الكبرى الشاملة للظاهرة المجتمعية بعنصريها الافعل: الجسدية وخاصياتها، والعقل بتفرده واستقلاله.
واهم حدث كان ومايزال ينتظر العقل بنتيجه التفاعلية المجتمعية، هو تحرره من الاستلاب الجسدي، ومن حالة الحاقه بالجسدية، وكانه جزء منها، مكمل لها، الامر الدال على بقاء الهيمنه الجسدية ابان المحطة المجتمعية الاولى، كاستمرار دال على هيمنه الجسدوية الطويلة، ابان الحيوانية، عندما كان الجسد غالبا غلبة شبه مطلقة، قبل ان تحدث القفزة النوعية الكبرى، ويصير الكائن الحي منتصبا يستعمل يدية، ويتمتع ممتازا بالازدواج"الانسايواني" الجسدو/ عقلي الذي يطلق عليه اعتباطا تسمية "الانسايواني"، والذي هو بالاحرى، طور ومحطة لاحقة، لم تلح بوادرها الا اليوم مع اقتراب ارض البدئية الاولى، من النطقية الممنوعه على مدى عشرات القرون.
هنا واليوم تحدث الثورة الاكبر في التاريخ الاعقالي البشري للوجود، والكينونه ومساراتها، ويصير العقل حاضرا بما هو ذات وغاية، وكينونة مستقلة، موضعها رئيسي، وهو المحدد لاتجاهات ومسارات الظاهرة الحية والمجتمعية منها، ومع التحول الى اعتماد التحرر، و الانفصال العقلي عن الجسد والجسدية كهدف وغاية وجودية رئيسية، ومحور تحريك للعملية المجتمعية، فان العالم لايعود ماهو، أوماقد ظل عليه ابان الطور المنصرم من تاريخ التصيّر البشري، الطور الادنى الابتدائي.
ولامراء في كون مايجري الاعلان عنه هنا، هو الانقلابية والثورة العظمى الاكبر بما لايقاس في التاريخ التصيري البشري، اذ اتجرا واطلقه، فانني اكون في المكان والموضع المتناسب مع ماهو معلن كوعي ذاتيه، وباعتباري ابن ارض الرافدين، ومابين النهرين، فانني انما اشرع بتأدية ماهو واجب، وما متطابق مع الضرورة والحقيقة الوجودية للارض التي انا منها، وتشربت روحها مع نبضي وانفاسي، وبعد قرابة نصف قرن من التفاعية اللاارضوية، وتبعاتها، وماترتب عليها مما يصعب وصفه من مضادات ومعيقات، فان الحصيلة الراهنه تبدو لي ممايتصاغر معه اي جهد، واية تضحيات او مسارات حياتيه مطابقة لما هو لاارضوي، ومعرضة بناء عليه لاشنع صنوف غلظة وقسوة الارضوية، هذا وانا اعلم بان القادم هو الاكثر وطاة وقسوة، مع تقدم العمر، وتعقد مسارات الحياة التمهيدية السائرة اليوم على مستوى المعمورة الى وقوع العالم تحت طائلة "العيش على حافة الفناء" بحسب المقتضيات اللاارضوية العقلية، لا السائدة حتى الان، والتي تبيع الكائن البشري القاصر صنوف التوهمات الخطرة.
ان ظاهرة المجتمعية ليست على الاطلاق ( تجمع + انتاج الغذاء) كما يردد المسمى "علم الاجتماع الغربي" البدائي الارضوي ان يكرس توهما، فما يبدو ظاهرا كتجمع وانتاج للحاجات الحيوية، هو بالاحرى لحظة عقلية، المجتمعية فيها وسيلة وليست غاية، توجد لكي يتصيّر العقل ضمنها بالتفاعل، مجتازا طورا من اطوار تشكله، مابين عهد اللقاط والصيد، وصولا الى الانسانوية، حين ينبثق العقل مستقلا كما هو منوه عنه لاول مرة هنا، بعد قرون من غلبة الجسدوية و"الانسايوانيه"، يسود ابانها الاعتقاد بان المجتمعية هي غاية بذاتها، العقل فيها عنصر مدمج وتابع، دوره محدود بحدود التصيّر الحضاروي المجتمعي.
هنا لايعود البحث منصبا على الغرب وقدرته على تحقيق مايعرف بالتقدم والانقلابيه، كما هي مكرسة منذ صعود الغرب الالي البرجوازي الحالي، فالغرب ظاهرة جسدوية خارجة عن الحقيقة المجتمعية الاساس، بعيدة عن الغاية المضمرة في المجتمعية، وهي اذا تصدت للحاضر او المستقبل، فانها تفعل ذلك بناء على منطلقات ومقاييس مادون مجتمعية عقلية، اي مع اسبعاد العقل كمحور واساس، هو مايعين ويحدد مسارات المجتمعية ووجهتها. من هنا تكون الطبقية ونظريتها، والحضاروية بكل فروعها، والنمطية النموذجية الكيانوية ووجهتها، احادوية جسدوية، مادون مجتمعية، تعود كلها لطور ومرحلة من التاريخ التصيّري البشري، المنتهي والموشك على الانقضاء مع قصوريته وماقد كان مكلفا بادائه.
كما ان الكائن البشري هو اوزدواج كينونه جسدو / عقلية، فان المجتمعات تنشا في اصلها ك " ازدواج" لاارضوي / ارضوي، في موضع واحد من المعمورة، الاول منهما هو مايطابق العقل، والثاني الارضوي، هو الجسدوية الحاجاتيه، بينما يتعذر في حينه على المجتمعية اللارضوية الافصاح عن ذاتيتها،فتغلب من حينه ويتدرجات، الرؤية والمنظور الارضويان، الاقرب الى المعاش والبداهة، بينما يستمر الازدواج المجتمعي في حال تصير وتشكل قدما عبر الدورات والانقطاعات، لحين بلوغ الانشطارية الطبقية التي هي اعلى اشكال المجتمعية الاحادية دينامية، ذروة تعبيريتها، ومنتهى ماتنطوي عليه من تفكر، قبل ان تاتي لتدخل مع ارض الازدواج البدئية حالة اصطراع افنائي شامل، مادي احتلالي، وتفكري مفهومي ونموذجي، بينما تكون ارض الازدواج في حال انبعاث، هو الثالث، اللاناطق، والسابق على النطقية التي من اهم محركاتها ومحفزاتها الجوهر، آليات التصادم مع الذروة النموذجية والتفكرية الاحادية الاوربية الانشطارية الطبقية.
و ليس ماقد تقدم بكاف الا لافتتاح باب انقلابية عظمى، غير مسبوقة على الاطلاق، لن تكون اكثر من عتبه ابتداء، عندها ومعها سيؤرخ بيوم 15 اب 2022 للحظة بدء انتهاء الغفلة، او " الجاهلية" الكبرى، بالانتقال من "المجتمعية الجسدوية"، الى "المجتمعية العقلية"، بانتظار الخطوة الاكبر على طريق تجلي الذاتيه الازدواجية اللاارضوية الكونية العراقية، مع صدور "قران العراق" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• سيجد القاري ان من المنطقي، ان لم يكن البديهي، ان يتغير عنوان المقال في جزئة الاخير الحالي، بناء لما طرا عليه من انقلاب، مع الاشارة الى لحظة التحول العقلي الفاصل في التاريخ التصيّري البشري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24