الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الذي تحتاجه مصر

مجدي شندي

2006 / 9 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أصدق بشدة نفي الرئيس مبارك ونجله جمال المتكرر لقصة التوريث .. لكن هناك وراء الأكمة ظواهر تنفي النفي وتجعله مجرد كلام للاستهلاك الوقتي .. دعونا أولا ننطلق من التصديق .. فمصر ليست سوريا حينا وليست اليمن حينا آخر .. وهي وطن عريق أكبر من أن يورثه حاكم أو يصادر مستقبل أجياله القادمة لصالح نزعات شخصية .. كما أن السلطة ليست مغنما وانما هي مغرم كما ورد على لسان الرئيس مبارك وغيره ممن يتولون مقاليد الأمور ..
لكن هناك أسئلة تظل معلقة ولا تجد من يجيب عنها :
- إذا كان السيد جمال مبارك زاهد في السلطة حقا ولا يفكر مطلقا في ترشيح نفسه خلفا لأبيه .. فلماذا يصر على أن يكون موجودا في دائرة الضوء يدير الحزب الوطني من وراء ستار ويسافر ويتفاوض باسم مصر باعتباره الرجل القوي , ربما الأقوي من رئيس الوزراء .. ولماذا يحيط نفسه بالأعوان .. يتولى توزيرهم وتصعيدهم ويصدر التوجيهات بتلميعهم ويسند اليهم أدوارا أكبر أحيانا من حجمهم .
- وإذا كان حقا لا يرغب في المنصب , فلماذا يصر على الظهور العام .. ويتصرف بشكل يقتطع من سلطات الرئيس ولا يستند فقط إلى منصبه كرئيس لإحدى لجان الحزب الوطني .
ربما كان المرء يتحمس لجمال لو أنه شاب مصري عادي لمع وشق الصفوف وصعدت به مواهبه السياسية ليزيح السياسيين القدامى , ويتصدر الدماء الشابة في حزب تيبس بالشللية والفساد , وساعد على ذلك طول أعمار قياداته ( أطال الله أعمارهم أكثر وأكثر). لكن صعود جمال مبارك لم يكن ليتم إلا لأنه نجل الرئيس الذي يصر على وضع كل السلطات في يده .
ورغم مواهب جمال مبارك ونبوغه وربما عبقريته إلا أن مصر لا تريد شابا من هذا النوع .. تريد شابا يعرف مصر وتعرفه .. عايش هموم المصريين وكابد كما يكابدون .. نريد شخصا ركب اتوبيسات القاهرة وانحشر كما انحشرنا .. شخصا كافح حتى يجد مسكنا ملائما وكابد حتى يجد وظيفة .. لن يحس بالام المصريين وأوجاعهم إلا شخص وقف في طوابير الانتظار .. عرف مرارة البطالة وجرب أن يتخرج فلا يجد عملا .. وأن يدخل قسم شرطة فيهان ويتمنظر عليه ضباطه ومخبروه. وأن يقف أمام ضباط الجوازات في المطار فيستمهلوه حتى يتصلوا بأمن الدوله ويسألونهم هل يتركونه يمر أم يحتجزونه.
أوجاع المصريين كبيرة وآمالهم وطموحاتهم أكبر.. هم بحاجة إلى واحد من غمار الناس .. يحس بالامهم ويحزن لأحزانهم .. شخص يضع المصريين نصب عينيه , وليس شخصا تربي على النظر للخارج حين يحكم مصر .. نحتاج شخصا يعرف الناس بأسمائهم وأقدارهم وليس بملايينهم التي جرفوها .. وصناعاتهم التي احتكروها . مصر بحاجة إلى رئيس يجمع من حوله الحكماء والعقلاء الذين يرون السلطة تكليفا لا تشريفا .. وليس لشخص يحيط نفسه بشلة لا يعرف المصريون من أين نبتت ولا كيف جمعت ثرواتها واكتسبت نفوذها ؟ نحتاج إلى من يثق بالناس وليس من يعتبرهم قطيعا يمكن أن يساق حيث يشاء الحاكم وحسبما تشكل عقولهم الصحف الكاذبة والإعلام المزيف والكتبة المرتزقة .
ربما لو كانت النخبة تعرف جمال مبارك طالبا لامعا في الجامعة أو ناشطا سياسيا يأخذ الطريق من بدايته لتسامحت معه .. لكن أزعم أن الرجل لم يكن يعرفه في مصر بأكملها خمسة أشخاص .. وفجأة أصبح ملء السمع والبصر .
إذا كان تكرار النفي حيلة للإثبات أو انتظار لشرائح تتحرك وتطالب به خلفا للرئيس مبارك في حكم مصر , فما هكذا تورد الإبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل