الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء عشوائية -غير اعتباطية-!: كيف حول أفيون الشعوب الشيخ الريسوني إلى (بالون اختبار)؟

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر

(Issam Bencheikh)

2022 / 8 / 18
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


*************************
انشغل الرأي العام الجزائري لبضع سويعات ب:" دعوة نفير للجهاد نحو الجزائر" وليس لتحرير فلسطين أو إنقاذ شعب غزة، أطلقها شيخ يدعى ريسوني قيل أنه خليفة الشيخ القرضاوي على رأس ما يسمى الاتحاد العام للعلماء المسلمين. لسخافة الصدف هناك صحف لقبه الريسوني يقبع مظلوما في المعتقل وتتولى الدفاع عنه منظمة العفو الدولية، فكيف يحمل هذا اللقب شيخ وضيع وصحفي عظيم في آن واحد، أم أنها غلطة من تصاميم الحموشي؟!.
ردت لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية الجزائرية برفض صدور هذا التصريح من قبل شخص يرأس هذه" المنظمة العالمية غير الحكومية". ويذكرني موقف هءه اللجنة بتصريح سابق لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة "أعتقد أن المخزن ذهب بعيدا"!.
ربط بعض المحللين رأي ريسوني هذا بالتصعيد الرقمي الذي يتم شنه على الجزائر شعبا وحكومة منذ عدة سنوات دون مراعاة الخط الأحمر لمسافة الود، لكن ريسوني هذا كان يرد عن قصد على تصريح صادر عن "الأمير المنبوذ" هشام العلوي الذي قال أن "تسلح الجزائر يخيف المخزن". ولم ينجح في مهمته.
لهواة التلاعب بدروس التاريخ، أحيلكم إلى مدوني التاريخ المزور في الرباط، الذين لم ينجح غالبيتهم عن كتب الحقيقة في بضعة أسطر من بحور الأكاذيب، فلقد أقر قلة قليل منهم أن مراكش"فكت عام 1846 رابط الجهاد التي تعود للجامعة الإسلامية مع الأمير عبد القادر الجزائري، ورفضت طلبه الحماية من هجوم عسكري فرنسي، ولا يهمه حصار الفرنسيين لجيش الأمير ببشار إلى أن قرر الاستسلام"، فلا غرابة إذن أن يثبت لنا ريسوني الخبيث أن عقليته تعود للقرن 19 لا الألفية الثالثة، حيث لا يعرف من حداثة القرن 21 سوى الاقامة الفارهة في فنادق اسطنبول!.
سارع بنكيران زعيم حزب العدالة والتنمية (الحزب الموقع على اتفاق أبراهان للتطبيع)، للتأكيد أن رأي ريسوني يخصه وليس موقفا رسميا!، وككل مرة يسعى المخزن بمؤسساته وأحزابه التملص من الخطأ. لكن بنكيران كان قبل ريسوني" بالون اختبار" يطلب الهداية لحكام الجزائر!!.
لتحليل هذا اللغط اخترت لغة العلم، لأن الجزائر صاحبة حق في التسلح الذي قوى جبهتها الداخلية وجاهزيتها الدفاعية. لأن إطلاق 182 مناورة عسكرية جزائرية سنويا هو لحماية إقليم يلد بمساحة قارة طولها ثلاث ساعات تحليق بالطيران وعرضها ثلاث ساعات أخرى، يمتلك ثروات تسيل اللعاب، من غاز حاسي الرمل الى حديد غار جبيلات الى نفط حاسي مسعود وسياحة وهران وعنابة وتوارق تمنراست. سياحة حقيقية لا سفاحة جنسية.

يقودنا تحليل كتاب الباحث الامريكي الراحل روبرت جيرفيس Robert Jervis بعنوان: "التصورات، والتصورات الخاطئة في السياسة الدولية Perceptions and Misperceptions in International Politics" 1976، إلى فهم كل ما وقع داخل المخزن وبكل عقلانية. والكتاب منشور رقميا pdf ويمكن الغودة إليه في كل وقت.
شكل تصريح ريسوني إلى تحويل هذا الشخص الى "بالون اختبار" قضى على مستقبله كشخصية "دولية"، فهو لن يتراجع عن قناعاته كما قال أبوجرة سلطاني، رغم أنه مدفوع هذه المرة. كما أن نتائج ردود الأفعال كانت كارثية ضده وضد من حرضه، في بلد تعود على الاستقواء بأطراف ثالثة من الفلك الغربي للإختباء من اللوم والمواجهة والعقاب. لكن عن أية مواجهة نتحدث والجزائر تعطي نموذجا في العقلانية الرصينة والدبلوماسية العريقة!. فالدراسات الامريكية تؤكد أن الجزائر تفرض هيمنة إقليمية صغرى لا تتصادن مع القوى العظمى لأنها تعزز السلم والأمن الدوليين.

*- رأي روبرت جريفس تلنظرية في حماقات المخزن: قياس عقلانية صناع القرار عبر المقاربة السيكوبوليتيكية

يؤكد الباحث الأمريكي جريفس أن على صناع القرار تصويب الأخطاء الإدراكية وعدم الثقة في المعلومات التحريضية المتضاربة، إذ لا بد عليهم التصميم على تقليل سوء الفهم Minimizing Misperception لمواجهة ارتباك الوضع الغامض، الناجم عن عدم فحص وجهات النظر الصحيحة، فحين يخطىء صناع القرار فهذا ناجم عن فخ نصبه "سوء التقدير الاستخباري"، حتى تشكلت المواقف المتسرعة نتيجة فهم أبطأ وصورة مرغوبة في الصدام والتصعيد دون دراسة للعواقب الوخيمة، فهذا التوتر النهائي ناجم عن فشل في تمحيص الحقيقة، يجعل صانع القرار فريسة لأطراف ثالثة متلاعبة، تقوم بتصميم حوادث مقلقة ناجمة عن تصورات إدراكية إنفعالية مفبركة. ولا عجب أن يطلب المخزن مقترحات من تل أبيب للرد على وهم كرسه الصهاينة في عقولهم!!.
الوضع الملغز للشك يدل على عدم النجاح في معرفة قوة الخصم والاندفاع عن قصد لتهويل هالة التهديد الوهمي الملفق المنسوب إليه!، تؤكد هذه التصورات السخيفة على ضغوط تقع على صانع القرار سببها فشل حكوني في تسيير السياسة المحلية والأوضاع الداخلية للمجتمع والقوى الجماهيرية بسبب موت الاحزاب السياسية والكبت المفروض في الفضاء العمومي، لذلك يتم اختيار خصم لعرضه على الرأي العام المحلي كتهديد حتمي (شماعة!)، وغالبا ما تكون هذه القرارات الخاطئة مستندة إلى أخطاء التاريخ وكأن المستقبل سيكرر أخطاء الماضي بالضرورة؟!. يستخدم صناع القرار المخطئون دروس الماضي كما لو أنها أدلة تثبت صحة حماقاتهم، والغرض منها تنويم الأفراد وتوجيه الرأي العام (أوهام الجبان، وهو تحت تأثير الخوف)، عبر "إيقاظ الرهاب من الجوار". وكل ما يقع في الواقع هو فقط فشل في تحقيق التوازن بين الانفتاح على معلومات الواقع الجديد والاحتفاظ بالمعتقدات المشوهة للماضي. لذلك يكون الخلاف انتقاميا بسبب "تصورات النوايا" التي تضخم تفاصيل القضايا الصغيرة كتقنية للضغط على الخصم ودفعه للتراجع أو التوقف عن التقدم. ويسميها جريفس "مؤشرات العزيمة والنوايا" Indices of Resolve and Intentions. الغرض من هذه الحماقة هو تصدير الأزمات المدفوعة بحالة عدم اليقين.

يصر جريفس على تحليل شخصية صانع القرار والبيروقراطية والسياسة الداخلية والبيئة الدولية والتاريخ، لكشف أسباب "التصورات الخاطئة"، لذلك يشكل تصريح الامير المنبوذ هشام العلوي دليلا على إخفاق مخزني في تقدير المعاني الصحيحة للواقع الدولي المعقد كما فعلت الجزائر، نعيش اليوم عالما تدافع فيه قوى كبرى عن حقها في عالم عادل تسوده مؤسسية قوة القانون، وليس محكوما بأحادية هيمنة قانون القوة المتأمركة للنظام الأحادي Unipolar، ويبدو أن المخزن فشل في استيعاب هذه التحولات شديدة السرعة والتعقيد نحو عالم متعدد الأقطاب والأطراف Multipolar/Multilateral كما يفعل أقرانه، خاصة وأنه مجرد وكيل بروكسي Proxy يخدم لصالح الصهيونية العالمية والسياسة الفرنسية لا أكثر ولا أقل، ولا ينكر مؤرخوه أن الملك الحسن2 قد سرب تسجيلات للصهاينة عن القمة العربية في فاس.
يصر جريفس أيضا على أن نظرية التماسك النفسي دليل على الاتساق وليس التنافر المعرفي، فحين عاقبت الجزائر اسبانيا استندت الى القانون الدولي واتفاقيات الغاز وجمدت أتفاق الصداقة مع مدريد بحجج واقعية. لكن المخزن دفع بعشرات الأطفال للحرقة لاختراق المدن الاسبانية سباحة ولم يحقق أية تقدمات سوى حماقات بيدرو سانشيز الذي سيعزل عاجلا أم آجلا!!. هذا ليس معاقبة وضغطا قانونيا بل ابتزاز مشوه وغير أخلاقي. فتسليط العقوبات Sanctions فن كتب حوله العلماء وليس من السهل التلويح به وكأنك "تملك عصا فقط، دون امتلاك جزرة"!!
كما لن نتحدث عن اقتتاء المخزن برنامح بيغاسوس للتجسس باسم لقجع مدير جامعة الرياضة المغربية، ولا عن تجنيد وزير خارجية المخزن بوريطة للمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر ضد الدوحة، لأن الأجهزة تعلم كل شيء وهذه المعلومات نشرتها الجرائد الإسبانية والفرنسية وحتى مجلة فورين بوليسي ويمكن العودة إليها في سلسلة مقالات وتغريدات الصحفي علي لمرابط، فما أود الخوض فيه حقا هو نجاح الجزائر في تطبيق "الإكراه الاستراتيجي" بهدوء شديد لعدة عقود، دون الحاجة للإستقواء أو الإستنجاد بأحد، لأن "حماية الجزائر لخيار رفض التطبيع" يعني أن فلسطين ليست العدو بالنسبة للجزائر والجزائريين، وعليه، كان على ريسوني هذا إطلاق دعوة نفير لحماية شعب غزة وليس لقتل الجزائريين أو التعالي على الموريتانيين المسالمين. بكل أسف هناك مواطن مدني من مدينتي تم قتله بطائرة درون مفترسة وهو في رحلة تزويد المستهلك الموريتاني بالغذاء، في زمن شح الدواء وانعدام قوارير الأكسجين، فما الذي توقعه الجيش الملكي خلف جدار الفصل العنصري الرملي الذي فضحه المهندس غيثي النح في كتابه باللغة الإسبانية، لأن من صممه هم الصهاينة ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، بعد توصية هنري كيسنجر إطلاق "غزو ديمغرافي" اصطلح حسن2 على تسميته المسيرة الخضراء للتبجح بدهاء لا يملكه.

*- التقييم الغربي للخطأ المخزني: لماذا يتم نشر الكراهية بين الشعوب عبر حرب الهجينة غير الاحتكاكية؟
عندما سعى المخزن لتطبيق إكراه استراتيجي مضاد عاد للانضمام للاتحاد الافريقي وقام بالتوقيع على اتفاق أبراهام للتطبيع واستورد الطائرات المفترسة للدرون، واستدعى وزير الدقاع الصهيوني للتهجم على الجزائر انطلاقا من أراضيه!. ثغرات خطيرة عززت شعور الشعب المغربي نفسه بعدم الأمن والأمان أكثر من غيره،!، لأن ميزان القوى لم يتغير. كما يفشل المخزن في توفير الغذاء والغاز ووقود السيارات والأكسجين ولقاحات كوفيد-١٩، لقد اقتنى المخزن حصة من لقاح فايزر الأمريكي الذي أدى إلى حالات قتل يتم التغطية عليها إعلاميا، وينتظر المخزن حصة الرباط من Covax كالمتسولين، لأن علاقاته بالصين متأرجحة حول تايوان!. للمرة السابعة على التوالي خلال عام واحد تطلب الحكومة المغربية دعم صندوق النقد الدوليfmi لسد عجز الموازنة السنوية للعام 2022!، فعين أية حكومة يتحدث آخنوش والشعب لا يفقه أرقام محافظ البنك الملكي البتة.
من الواضح أن ما يقع، هو البحث عن شماعة لتعليق الفشل، إن ما نلوم عليه الجزائر سابقا هو سكوتها عن هذا الوضع، لأن جزائر اليوم ترسل رسالة للمخزن "أمامك مدريد أو باريس أو غيرهما لتعلق عليه فشلك!!". لن تقبل الجزائر لعب دور الشماعة بعد مرور 06 عقود على هذا الخطأ، كما أن من قام بتفجير فندق أطلس إسني بمراكش عام 1994 ليست الجزائر، وعلى الرباط الاعتذار.

بالعودة إلى جريفس فهو يقر أن صناع القرار الذين يتحكم فيهم الوهم وغموض الرؤية، يعملون على تهميش المؤسسات، لذلك صمموا قراراتهم على صراعات الهوية وأغلاط التاريخ المزيف لتنويم الجماهير، لذلك يصبح جنون صناع القرار مصدرا للأخطاء القاتلة، الناتجة عن سوء توظيف قيم المجد والشرف للانتقام والتحريض على الشعوب المجاورة. فحين يعجز صانع القرار عن التقييم الأخلاقي الصحيح للخيارات السياسية، تصبح المخاطرة اللحظية برفع درجات التصعيد الملاذ الأخير الذي سيؤدي به إلى المروق عن الامتثال التنظيمي للقانون الدولي.
نعيش اليوم لحظات دولية عاصفة من فوضى العلاقات الدولية، فكل أطراف النظام الدولي تعاني من حالة المبالغة في سوء تقدير التهديد، فكل الحكومات منغمسة الآن في قصص معقدة للابتزاز المضاد والغموض المتعمد والخداع السري، لذلك يزداد تدحرج صناع القرار والأمم التي يحكمونها من المرونة وأوضاع السلم نحو المعتقدات الداخلية المبتورة "المنغلقة إدراكيا" بسبب صناع قرار نرجسيين. فإذا كان الدبلوماسي يفضل التفاوض مع مهندسي التوترات المفتعلة فإن العسكري يدرس فرص تحقيق توازن القوى من أجل تحديد أدق للنوايا والنجاح في عزل التهديدات وتحييد فواعلها ومنفذيها.
إن ما ورد عن الريسوني مسيء إلى إمارة قطر ومملكة المخزن على حد سواء، فلقد غابت المسؤولية والعقلانية ونحن نقاوم حرب نشر الكراهية بين الشعوب بسبب الحرب الهجينة Hybrid War وغير الاحتكاكية without contact، حسابات الكترونية وهمية تمارس بمئات الآلاف ويوميا حربا سيبرانية حوسبية رقمية بدون دم في الفضاء المفتوح، تسعى لقطع أواصر الود والجوار والأخوة والصداقة، كما أن مثقفي ونخب الشعب المغربي مهددة بالقمع ولا يمكنها التظاهر ضد التطبيع علنا رغم أن كتاب مهدي المنجرة "الذلقراطية" قد حذر ومنذ سنوات من الهرولة نحو التطبيع في "عصر مهانة الميغا إمبريالية". وضع لا يمكن السكوت عليه خاصة بعد مقايضة مدينتي سبتة ومليلية. هذا الشأن داخلي في بلد ينغمس اقتصاده في سوق دولية للمخدرات تتداول 500 مليار دولار في السوق السوداء بميزانية وهمية يسيرها المخزن. هذا المخزن فشل في اقناع شيخ التجانية الشيخ علي بلعرابي الجزائري الوطني ببيع الخلافة العامة للتلاعب بدول مجموعة إكواص والساحل الافريقي، فقرر التلاعب بالريسوني، وما على قطر سوى توبيخع ولجمه وطرده. ستمر ثلاثة أشهر وتتخلص الدوحة على عبء تنظيم كأس العالم2022 وهي التي تعاني من ابتزاز ديستي الحموشي، وبعد ذلك سيكون الرد أليما. على نفس مستوى الابتزاز.

على الباغي تدور الدوائر، والدوام للأقوم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة