الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي...و الزّعيم (2)

كريمة مكي

2022 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كان مستعدّا أن يمضي بعيدا في فرض سياسته و محاربة الدّين والعرف والعادات، لولا حساباته الاجتماعية الدقيقة التي تجعله يتراجع خوفا على سلامة حكمه ومن ذلك تراجعه عن إقرار الإفطار في رمضان بعد أن دعا إليه علنا، أو خوفه و تردّده و عدم مقامرته بإقرار التساوي في الميراث بين المرأة والرّجل رغم سعيه الطويل في ذلك، أو كما تراجع، بعد ثورة الخبز الدّامية عام 84،عن الزيادة في سعر الخبز مُلصقا ذنب الزيادة برئيس بلدية العاصمة و متنصّلا تنصلا مفضوحا من تحمّل مسؤولية القائد.
القائد الحق، يا سادة،لا يقول للشّعب في خطاب و بعد كلّ مشكلة عويصة يجد نفسه فيها: لا لست أنا،،، بل هو زكرياء بن مصطفى....
لست أنا،،،بل هو محمّد مزالي...
لست أنا،،،بل هو أحمد بن صالح....
القائد الحقيقي يعترف بالخطأ ويتحمل مآلاته كيفما كانت ثم يحاسب مرؤوسيه كلٌّ بحسب الجرم الذي أتى. و لكنه هنا كان يُحب أن يكون قائدا، ليس كما القائد يكون بل، كما هو يشاء.
كان بورقيبة مهووسا بنفسه و باسمه فقط...
ألغى دور المُصلح الطاهر الحداد الذي يصحّ القول بأنه الأب الشرعي المعاصر لفكر التنوير من أجل تحرير الإنسان التونسي من براثن الجهل و التعصّب و ظلم و استغلال جنس النساء.
كما ألغى دور كل من أراد أن يشاركه في عملية الاستقلال و ما بعدها.
كان نرجسيا بامتياز و لذلك كان يطرب جدّا للمدح و الإطراء حتى أنّه أنشأ عادة سنوية يتم أثناءها الاحتفال بيوم مولده و فيها يأتي، من كلّ مناطق البلاد،الشعراء الشعبيين والمنشدين والراقصات والراقصين ليُجدِّدوا العهد للزعيم الأوحد بالشِّعر و الرقص والغناء!!
كانت الاحتفالات الطويلة تُقام على حساب الخزينة العامة لتونس فبورقيبة لا يملك مالا فهو ضدّ الإسراف و التبذير و يوم مات لم يجدوا في ميراثه شيئا يُذكر!! و لذلك هم كثيرا ما يتفاخرون بتعفّفه أمامنا و بأنه لم يترك وراءه مالاً، كما ترك الملوك و الرؤساء...
و لكن كيف كان سيترك مالاً و خزينة تونس كانت خزينته! أوَ ليست تونس، بأكملها، صنيعته!! ألم يقل يوما أنّ هذا الشعب كان حفنة من تراب وأنه هو من جمعه و أرشده و علّمه ما لم يأت به علمٌ في كتاب!!!
هكذا كان الزّعيم، إن لم يجد من يمدحه، مدح نفسه بنفسه مع رشّ خطابه، أحيانا، بذرّات من التواضع المغشوش حتى لا تنفر منه القلوب....
أراد مرّة أن يحكي لشعبه قصّة حبّه لوسيلة بورقيبة، فبدأ حديثه كالتالي :" كنّا في اجتماع سياسي زمن الحرب العالمية الثانية، و جاءت وسيلة ...و كانت معها أختها نائلة،،، لقد جاءت طبعا لتراني... لِتَرَى الزّعيم...!! فأُعجبتُ بها و وقعتُ فورا في غرامها...."
هكذا تحدّث زعيمكم عن حبّ عمره: وسيلة بن عمّار...
و لكن الزّعيم، يا سادة، لا يقدّم نفسه للنّاس على أنه هو الزّعيم...!!
"الزّعيم" لقب يطلقه النّاس على من يروا فيه ملامح الزّعامة و لا يُطلقه على نفسه من يُناضل، بشرف و تواضع، في سبيل تحرّر وطنه...
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس