الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوار الوطني وركلات الجزاء

فاتن نور

2022 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يكون الحوار وطنياً خالصاً لصالح العراق أرضاً وشعباً، في ظل تأزّم الأوضاع، وبلوغ حالة الاحتباس الفكري والانسداد الوطني ذروتها؟
ما يسمى بـ "الحوار الوطني" هو في الحقيقة خوار وطني فاضح، واجترار تحصاصصي لكلأ عملية سياسية ولدت شوهاء على قواعد دستورية هشة. ضمت أعداداً خرافية من الجهلاء والفائضين عن اللزوم، حملة معاول الإفساد والشهادات المزوّرة.

إنه لمن الخزيّ والعار، في خضم الواقع العراقي المرير، وبصهريج عجزه المريع، وهو يعيش مرحلة التفكك والعشوائية تحت راية الإسلام السياسي -الفاشل تاريخياً على مستوى الممارسة والتطبيق- وبغياب الرغبة والنية الصادقة لتصحيح النهج والمسار؛ أن نسمع من كبار المسؤولين طرائف مثيرة للسخرية تشطح عن عظائم الأمور إلى صغائرها.

من حق المواطن المطالبة بشوارع مبلطة!
من حق المواطن أن يأكل ويشبع!
من حق المواطن أن يطالب بمدارس مكيّفة!.

إن مطالبة المواطن بأبسط حقوقه على امتداد ما يقارب عقدين من الزمن، لهو خير دليل على أنها حقوق مُستلبة مع سبق الإصرار والترصد، من قبل نظام فاشل برئاساته ومؤسساته.
ولكن لنترك الصغائر من الحقوق ونذهب الى الكبائر منها، حقوق المواطن المصيرية.
فقبل الشارع المبلط، المواطن يطالب ببلاط جديد للعملية السياسية على أن يكون رصفها على أسس جديدة، نظيفة وصلبة.
ومن حق المواطن قبل الأكل، إفراغ الفضلات والكتل المتفسخة التي سدت أمامه أبواب الرزق والحياة والمرح.
من حقه أيضاً وقبل المدرسة والتكييف. المطالبة بتصحيح العملية التعليمية والتربولوجية. واحترام الأحرام الأكاديمية وحمايتها من تطفل أزلام الإسلام السياسي.
الحوارات الوطنية الحقة، لا يمكن بأي حال أن تفضي إلى تسفيه المحنة الدهرية في العراق، واختزالها بمجرد خدمات وتصريحات شكليّة مؤازرة. القضية العراقية أكبر من هذا بكثير. قضية لصوص اقحاح سرقوا الله والوطن.
صعب أن تعزف هذه القوى الكالحة نفس النشازات عاماً بعد عام وبكل وقاحة، وبهذا القدر الفاحش من الاستغباء والتهميش والتلاعب بعواطف الناس واحتياجتهم،. صعب أن يحتمل الشعب كل هذا.

الخدمات التي يطلبها المواطن لم تعد تلك التي يظنها قادة الشقاق والنفاق، قاده تسفيه الحقوق الوطنية والمستحقات.
فسيول الفساد قد بلغت الزبى، شبكاته فاقت شبكات الصرف الصحي في النتانة. وعسكرة الحياة المدنية آلت إلى لواط مستعر بخيرات البلد وثرواته الطبيعية. هذه العملية السياسية اللقيطة، العملية المستنقع بكتلها الجوفاء، لم تبق غير الرماد تذرّه في العيون.

الحوار الوطني المضاد للخوار والسفاهة، ينبغي أن يطرح على طاولة الجد والمثابرة كافة العقد الإشكالية، والمعضلات الأساسية التي أوصلت البلد إلى هذا الدرك من الانحطاط والتردي وفقد السيادة، وعلى رأسها العملية السياسية ذاتها وافرازاتها القذرة المخيبة للآمال.. وعلى رأسها:

- حل البرلمان العاجز المعطل، وإلغاء كافة الامتيازات الممنوحة لنوابه وبأثر رجعي. ومنع مغادرتهم الأراضي العراقية قبل حصولهم على براءة ذمة من قبل هيئة قضائية مستقلة.

- اختيار شخصية مستقلة موثوقة لرئاسة الوزراء، لم يسبق لها المشاركة في الحكومات السابقة على أن تحظى بقبول شعبي واسع مع استثناء المرجعيات الدينية وابعادها عن صناعة القرار السياسي تنزيهاً لها.

- تشكيل حكومة مؤقتة من أطراف سياسية وكتل مستقلة ذات خبرة وكفاءة عالية.

- تعديل الدستور، أو سن دستور جديد إذا اقتضى الحال، يخدم بناء دولة مدنية، دولة مواطنة لا دولة مكونات. وإزالة الفقرات المتناقضة والرجعية. وأهمها الفقرات التي مهدت الطريق لجماعات الإسلام السياسي للوصول إلى دفّة الحكم. تعديل قانون الأحزاب بما لا يسمح بأي تحزبات دينية أو طائفية أو قومية أو أي تخندقات مناطقية. ولا يتيح التحزب على أساس النصاب العددي فحسب، بلا أجندة سياسية أو رؤى اقتصادية أو حتى تطلعات حضارية تساهم في بناء البلد، أو تخلق فضاءات جدلية واعدة لتطويره وتنميته أجتماعياً. وتعديل قانون الانتخابات بما يصب في هذا الهدف.

- تفتيت الميلشيات، جرد السلاح وحصره بيد الدولة.

- تشريع قانون "من أين لك هذا" وتفعيله هرمياً، من رأس الهرم إلى قاعدته.

- تشريع قانون "تحييد الثقة" يفرض تقديم خلاصة أصولية عن الممتلكات العقارية والأرصدة السائلة في البنوك المحلية والعالمية، مدعمة بالوثائق من قبل المرشحين لتسلّم مناصب حكومية متقدمة، بما في ذلك المرشحين لعضوية البرلمان. وتخويل جهاز رقابي يرتبط بأعلى سلطة قضائية، بمراقبة حركة عقارات المرشح خلال فترة الخدمة وحتى ثلاث سنوات بعد انتهائها، ويكون هذا شرطاً أساسياً من شروط تسلّم المنصب.

- اقتلاع العملية التعليمية القائمة من جذورها، والغاء كافة مناهجها والعمل على إحياء عملية تعليمية معاصرة، والتحضير لإعداد مناهج حديثة على أسس علمية وحضارية مدروسة، قادرة على صناعة واقع جديد يرتقي بالبلد زراعياً وصناعياً وبيئياً وأخلاقياً وغيرها من المجال والحقول، التي تدفع نحو التقدم والازدهار الحضاري.

هل يمكن لجلسات الخوار الوطني ( مع التركيز على الخاء) أن تفضي إلى مثل هذه الأمور المصيرية؟
هل يمكن للعملية السياسية الشوهاء أن ترمم نفسها ترميماً ذاتياً؟
هل يدرك الشعب العراقي الفرق الشاسع بين القدر والإرادة السيئة؟
هل يجرؤ على التكاتف بقناعته التامة، أن هذا النظام المدعوم من الخارج؛ بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة. وأن الكرة في ملعبه الآن، والأحرى به اغتنام الوقت والفرصة، والنزول بأقوى ركلات جزاء ممكنة لتسجيل أهداف الخلاص؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو