الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يكترث ؟

علوان حسين

2022 / 8 / 22
الادب والفن


لم يخطر ببالي أن أصعد حتى قمة السقف من قبل لكني فعلتها وصعدت . على الحافة وفوق البلاط القرميدي الأحمر جلست قدماي متدليتان نحو الأرض أتابع ببصري غيمة كانت تتشكل أمامي على شكل راقصة باليه تؤدي رقصتها برشاقة ٍ وبراعة ٍ أذهلت الجمهور على المسرح المتخيل ومن فرط الحماسة هب جسمي واقفا ً أحدق في ذهول ٍ كأني أود مشاركتها تلك الحركات المجنونة . في تلك اللحظة بالذات أخرجت جارتي العجوز الثمانينية رأسها من نافذة شقتها المقابلة لشقتي وراعها ما رأت . من فورها إتصلت بمكتب إدراة المجمع السكني الذي أقطن فيه . مديرة المكتب بدورها أدرات رقم الطوارئ طالبة ً النجدة . إحتشد جمع كبير من سكان البناية وهم يتضرعون إلى الله راسمين إشارة الصليب على صدورهم كي يمر الأمر بسلام . دقائق معدودات مرت وإذا بصوت منبه سيارات البوليس تتقاطر ويرتجل منها عدد كبير من عناصر الشرطة رجالا ً ونساء ً كلهم هرولوا مزيحين الحشود ليقفوا تحت مرمى بصري , رؤوسهم مشرئبة إلى حيث أقف تماما ً يودون معرفة ما يجري في رأسي من أفكار , يفكرون ويخططون بطريقة ٍ ما تقنعني في العدول عن فكرة الإنتحار والهبوط بسلام من سطح البناية . كنت أود إستنشاق الهواء النقي وتتبع حركات تلك الغيمة الراقصة فحسب وجدت نفسي متورطا ً في محاولة إنتحار ٍ لم أخطط لها على الإطلاق . علي َ أن أعترف بأن فكرة الإنتحار ليست غائبة عن تفكيري تماما ً ولدي من الأسباب الوجيهة تدفعني لإرتكاب حماقة من هذا النوع . لم أستطع التفوه ولا بكلمة واحدة . تداعت أمامي أيام حياتي لا شيء مبهج عدا بعض الأوقات اللطيفة أقضيها مع قطتي بدت الأيام كالحة وفارغة من المعنى . كل الأحلام الجميلة التي شغفت بها ذات يوم عجزت عن تحقيقها . كنت أود أن أكون موسيقيا ً وفشلت . الرواية التي حلمت بكتابتها أخفقت ولم أنجز منها سوى فصل ٍ واحد ٍ لم يرض ِ غروري . أشعر بالفشل التام في كل شيء . فشلت أن أكون كاتبا ً يشار له بالبنان إضافة إلى فشلي في علاقاتي العاطفية . في حياتي العملية هي الأخرى لم تتكلل بالنجاح وطاردني الفشل في أن أحقق شيئا ً يؤمن لي حياة ً مادية ً آمنة . ماذا تبق لي سوى الإنتحار طريقة ً للنجاة من حياة ٍ تورطت فيها دونما إرادة ٍ مني أو رغبة , ماذا يدفعني للإستمرار فيها ؟ الآن وأنا وقف منتصبا ً بكامل قيافتي في لحظة تراجيدية وتحتي حشود الناس تنتظر جثة ً مرمية ً على الإسفلت لتشبع نهمها بمنظر الدم يسيل وروح تزهق تمنحهم قصة ً يمضغون تفاصيلها كل يسردها على وفق مخيلته شاعرين بالغبطة أن الضحية ليس أحد منهم . لحظات قليلة تفصل ما بين الحياة والموت . مصيري متأرجح ما بين هذه اللحظات التي تمر بطيئة ً قاتلة . قررت أن تكون خاتمة حياتي تراجيدية فعلا ً رافضا ً العيش في السيرك البشري مع كل التناقضات والأفعال الخسيسة التي تحدث ولا دور لي في تغيير شيء أو لعب دور ٍ يليق بي كي أكون فخورا ً بنفسي . لست سوى عالة على العالم وعلى الحياة ولا شيء يستحق العيش من أجله . لم يبق لي من خيار ٍ سوى أن أهوي من عل ٍ وأنهي هذه المسرحية التافهة . في تلك اللحظة شعرت بالدوار ولم أعد أتحكم بجسد ٍ صار غريبا ً عني . رأسي مشوش وغام بصري والبلاطة حيث أضع قدمي صارت تتحرك هي الأخرى كأن الأرض تميد تحت تأثير زلزال ٍ مباغت . كل ما أذكره بعد ذلك أني هويت ومن ثم غبت عن الوعي ربما مت لحظتها وعدت ثم فتحت عيني وإذا بي على سرير ٍ نظيف ٍ وممرضة لطيفة تهبني أجمل إبتسامة ٍ رأيتها في حياتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل