الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثامن عشر من ايار

البتول المحجوب

2006 / 9 / 26
الادب والفن


… صفير رياح ساحلية محملة بقطرات مطر تنقر زجاجا النافذة...معلنة عن قدوم ليالي موحشة..
صمت يلف المكان.. تسمع نباح كلاب تعوي من هناك.. ضوء خجول يطل على مدينة تنام باكرا اتقاء برد الليالي
القارس.. حزمت حقائبك وودعتها عيناك البنيتان.. عينان طالما احترفت النظر إليهما طويلا، تركتها للمجهول للغائب..تصيخ
السمع ..كلاب تعوي مرة أخرى من هناك..نقرات مطر خفيف على نافذة مهجورة..ينادى المؤذن للصلاة..يزرع الطمأنينة في
قلبها..تحاول النهوض بعد أن
طبعت الشمس قبلة على جبينها..تطلعت من النافذة
بدأت في ارتداء ملابسها على مهل خرجت لاتلوى على شيء،
جلست متهالكة على مقعدها المفضل في ركن ذاك المقهى..
مقهى يحمل لها ذكرى، طلبت قهوتها الصباحية..بدأت في تحريك
قطعة سكر..التقت نظراتها بشخص منزوي في ركن من أركان المقهى..أمعنت النظر قليلا..تقدم نحوها قائلا:
-صباح الخير..هل يمكنني الجلوس؟
-……………
بادر بالجلوس دون ان تأذن له. سؤاله بدأ لها أغرب من لقاءه..
-هل تذكرينني..؟
تجاهلت سؤاله بالمرة..كيف لاتذكره ياللوقاحةنظرت إليه باحتقار..يالذاكرته المهترئة…كيف لاتذكره عبر لحظة من لحظات الزمن الهارب..
كيف ستنسى يوما ودعته..يوم ودعت عيناه البنيتان..
عينان يذكرانها بعيني إنسان طالما تاقت روحهاإليه
تحضرها صورته..طيفه..صوته الدافئ..بسمته المشرقة..
تمنت يومها أن تحط رأسها على كتفه..تشكو همها..تذكرت
ساعده القوى كيف كان يحوطها بذراعه بكل حنان الكون
ليخلق في نفسها السكينة..
نظرت إليه مرة ثانية..كأنها تراه للمرة الأولى شعر بذاك الإحساس الخفي بادرها قائلا:
-اسمعي ماذا دهاك يا..
قاطعته واقفة دون رد..غادرت المقهى مسرعة حاول اللحاق بها..اختفت كسراب بلادها..شعرت بالضيق..سقطت دمعة على خدها الشاحب،تمتمت:
- آه ياوجعا لم أشف منه بعد..تذوقت ملوحة الدمع المذروف..لاأحد يستحق
أن تذرف عليه دمعة في هذا الزمن الجريح..زمن
الثامن عشر من أيار..جراحي دامية فيه ودمعي
قطعة ثلج محرقة..أتراه أم تراك تذكر الثامن عشر من أيار..أتيت أليك هاربة من جراحي ..جرحت على مرمى من عينيك ياشهري الحزين..ماأمر طعم دمعك يا أيار فهلا
كففت دمع منهمر من ماقئ لم تجف بعد..؟
كيف لاتذكره..؟ تحل ذكراك أنت، وليس ذاكراه هو.. من يشفيني منك و من ذكراك ياشهرأيار،أشعر بوحدة مرة عبر ليل معتم..كلمات ضائعة تبحث عن بر أمان..تحط برأسها المثقل بشهرها
الحزين..تتطلع من نافذة الغرفة..تتطلع على أطفال يلهون .فرحين برذاذ المطر المتساقط..يرددون أنشودته المعهودة ..ٍابتسمت لهم رغم مرارتها أحست بارتياح متتبعة لحركات الا طفال يالبراءة الطفولة الجميلة..تذكرت طفولتها الحزينة..حرمانها..
أغمضت عيونها الذابلة علّها تنسى ولو للحظة.. انه المطر يسقي الأرض ينبت زرعا..مدت يدها من النافذة لتتحسس قطرات المطر..أنعشها الرذاذ..فهل تنساك ياايار..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة