الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امانٍ مدفونة لرؤى شخصية/ 3 و 4

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2022 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ثالثا: من الجدير بالإنابة عن الشعب؟
أصبح الفلاح في يومنا هذا يفهم بالسياسة أكثر من رجل يحمل الدكتوراه في العلوم، ونضجت قدرته على التقييم حين يختار شخصا يمثله في البرلمان، شريطة تحرره من الدكتاتورية المجتمعية. اذن اين تكمن المشكلة في ترشيح عضو البرلمان؟ في القرى تكون الدكتاتورية حيث استبداد رجل البيت او رب الاسرة او الشيخ، حاكمة على افراد البيت او الاسرة او القبيلة، ويتبعه كل افراد البيت عندما يختار ابن الحاج محمد، الفاشل دراسيا والبسيط في إمكانية الفكرية، بدلا من ابن الحاج احمد البارز دراسيا والمتمكن إداريا، وتتبع جميع افراد الاسرة رغبة رب الاسرة في هذا الاختيار، إرضاءً للحاج محمد وتقديرا لمكانته، بذلك يصبح الترشيح متأثرا بالأوتوقراطية الشعبية. وتتبع الاوتوقراطية الحزبية نفس المسار الدكتاتوري، وكل هذا وذاك يفقد البرلمان مزاياه، ويفقد البرلمان صفة الفاعلية والمبادرة ويضعفه.
تشريع مجلس الشيوخ مهم ضمن البرلمان، على ان يتم ترشيح ثلثي أعضائه، وتعيين ثلثه من الكفاءات المعروفة من السياسيين. ان البرلمان النشط يتكون من الكفاءات والمتمكنين من جميع المستويات، اننا بحاجه الى اناس مستقيمي الخُلق (كما يقال) وذوي كفاءة ونزاهة. البرلمان يستمد قوته من الشعب ويتخذ القرار باسم الشعب صاحبة السلطة والسيادة، لذلك يجب ان يمثل الشعب بكل طبقاته تمثيلاً حرا، ويفترض ان يمارس الشعب بكل فئاته ديدن الديمقراطية وتقبل الراي الاخر والمجادلة لتنمية روح المسؤولية عند الانتخاب، وبالتالي تسمى البرلمانية الشعبية بحق. نحن نريد برلمان نشيط وفعال من اناس اكفاء يحركون عجله الدولة التنفيذية، ومداولة قضايا الساعة من الانفجار السكاني، وعامل الفقر والجهل المتزايد وعوامل اخرى تتسبب في ازدياد حالات الانحراف السلوكي والجرائم مِن تزايد الادمان والحالات الشاذة والاغتصاب والانتحار والسرقة، ثم وضع الحلول الناجعة لمعالجتها وبرامج للإصلاح الشامل في التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها.
ان راتب البرلماني وامتيازاته مغرية جدا، يتقاتل عليها كل فئات الشعب، وتصبح الغالبية صناع كلام وتتملق وتتظاهر بالمعرفة إرضاءً لمرجعياتهم، ويفترض ان تكون عضويته دون مقابل، على ان تتحمل الدولة أجور نقله وسكنه ومخصصات ساعاته الإضافية ووجبة غذاء واحدة فقط. ومن الخطأ الجمع بين الوظيفة وعضوية البرلمان، أي يكون عضو البرلمان ازدواجي الانتماء والولاء! هل سيكون ولاءه للبرلمان ام لدائرته؟ وإذا استدعي وزيره للبرلمان هل سيقف ضده ام معه، في النهاية تحكم مصالحه ونواياه الشخصية في ذلك، ليكون القرار في الحالتين باطلا.
لنبحث عن الفكر الممنهج، وهناك اناس أكاديميون لا يمكن ان يصبحوا قاده او نواب في مفهوم الإدارة، لافتقادهم الى المنهجية الفكرية، أي تبويب مجال النقاش من مقدمة واضحة مقتضبة وصلب موضوع النقاش مترابط مع الاستنتاجات.

رابعا: ميراث الكراهية بين الشعب والسلطة باختصار
من الصعب ان يتفق جميع الناس على حب شخص واحد، لكن الناس تتفق جميعا في حبها للمال والجاه والسلطة والثروات، أي تنظر الى مصالحها كأولوية.. لذلك فان الحكومة التي تلتفت الى المصالح العمومية للشعب وتراعيها، يجعل الأخير واقفا بجانبها، يؤازرها ويحترم حكامها.. ان موضوع ميراث الكراهية السياسية بين الشعوب والحكومات في الشرق الأوسط جدير بالبحث والدراسة، فالجذور التاريخية لهذه الكراهية عميقة وولدت عدم الثقة والحذر والخوف والقطيعة، فلا يمكن استثمار ما ينبني على الأحقاد والضغائن، والحكومات التي لا تستمع الى شعوبها تأتي قراراتها هشة في الحرب والسلم. اليوم لن تقبل الشعوب بطرح الحكومة الأسئلة السهلة عليها، كأن تقول "ان هناك مواضيع وقضايا اهم مما تناقشونها، كقضية فلسطين او قضايا تقرير المصير وقضايا الساعة الساخنة"، ان مثل الطروحات سهلة للتعكز عليها، ولا يمكن ان تكون بديلا عن طرح جذور المشاكل المستديمة التي تحتاج الى بحث وتعمق. فالمواضيع الجاهزة (الدلفري) كثيرة.. ان موضوع البحث مهم للغاية، فلا يمكن انكار المشاكل بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، وبين المؤسسات الحكومية والدستورية وبين الاكاديميات، وان هناك كراهية بين الشعوب، بل انقسام بين فئات الشعب الواحد، والانقسام يولد الكراهية. وهي قضية أساسية يفترض اشباعها دراسة ونقاش، اما محاولة الطعن فيها فهو محاولة ابعاد القضية عن الاذهان وتوجيهها الى مواضيع الساعة!
اغلب الشخصيات السياسية الحاكمة في المنطقة مصطنعة، جاءت بحكومات جاهزة، تمارس الدكتاتورية والاستبداد بعد ان عكست صورة قاتمة على طبيعة البلاد لدى حكومات الغرب المهيمنة على سياسة الشرق الأوسط، ومن ورائها الاوليجارشية، واليوم أصبح موطئ قدم الاخيرة وقواعدها متعددة ومنتشرة في بلدان المنطقة. يبقى هنالك مشهدين امام مرأى شعوبنا، مشهد الثراء والبحبوحة التي تعيشها بلدان الخليج بالتحديد، ومشهد الدمار والجوع والذل غير الشرعي الذي يعيشه شعوب الربيع العربي بدءا من العراق، معمقا الكراهية بين هذه الشعوب وتلك. والانسان العربي في باقي المناطق منحاز بطبيعته الى التعاطف مع الفئة الفقيرة.. فعند تحرير الكويت من قبضة العراق، عاد الكويتيون الى مساكنهم واراضيهم، ولم يعد العراقيون! قلنا في البداية من الصعب ان يتفق الناس على حب شخص واحد، لكن الناس تتفق جميعا في حبها للمال والجاه والسلطة والثروات، فاذا ارشت الحكومة الشعب بالمال خلال التوظيف (بالبطالة المقنعة)، بهدف ارضائها، وانفقت عليها مالا غير مبررا في الواقع، فيفترض على هذه الحكومة والحكومات اللاحقة (التي تتحمل وزر الأولى) ان تديم على الشعب تلك (النعمة) لكسب وده ورضاه! وإذا تراجعت عن الارشاء تنقلب الشعوب على حكامها، ولنا في ذلك عِبر تاريخية كثيرة، منها قرار تغيير تسعيرة البنزين ابان الحكم القاسمي الذي أشعل الشارع العراقي فعادت الحكومة عن قرارها ملوما محسورا! ما هو البديل اذن للحد من هذا الانفاق غير المبرر، والذي يحتاج الى موازنات تشغيلية فلكية، يقضي على كيان وهيكلية الدولة ومواردها؟
ان ثقافة التلاحم والتراحم والمحبة هي التي تحارب الكراهية، وهناك المصالح العامة التي تمس حياة الشعوب في الصميم، كالبنى التحتية، وتوفير الخدمات العامة البلدية والنقل والمنشئات الترفيهية والثقافية لممارسة الألعاب الرياضية وتبادل الثقافة في المسارح لنؤسس للأدب والثقافة كأساس فكري تبني امة المستقبل، ثم بناء قاعدة رصينة للاقتصاد لا يعتمد على ريع الموارد الطبيعية.. ومسائل أخرى خارج إطار موضوع البحث تحدد أولوياتها بدقة لتأتي بالرصانة البنائية. اما لوي ذراع الحقائق واباحة كل شيء للسلطة فهي الدكتاتورية التي تعمق كراهية الشعوب لحكامها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علامات استفهام وأسئلة -مشروعة- حول تحطم مروحية الرئيس الإيرا


.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن نبأ مصرع الرئيس إبراهيم رئيسي




.. دعم وقلق.. ردود فعل على حادث طائرة الرئيس الإيراني


.. ردود فعل دولية وعربية بشأن وفاة الرئيس الإيرانى إثر حادث تحط




.. الشعب الإيراني مستاءٌ.. كيف تبدو الانطباعات الشعبية بعد موت