الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطليعة والانتخابات موقف المشاركة وبعض ردود الفعل الحلقة 2

يوسف أبو سهى

2006 / 9 / 27
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تأثير المعارك الثورية في وعي الشعب والمناضلين
اعتبرنا في خاتمة الحلقة الأولى أن صعوبة التعاطي مع موضوع الانتخابات ناتج عن ثقل التراث التاريخي للحزب، ونقصد بذلك حضور المعارك المتميزة التي خاضها الحزب في المواجهة على المستوى الديمقراطي في وعي المناضلين .و إذا كان موضوعنا اليوم هو مقاطعة بداية التسعينات ، فلربما قبل ذلك شكلت تجارب الستينات وبالأخص تلك اللحظات التي انتصر فيها الاتحاد سواء من خلال مقاطعة الدستور والانتخابات أو نجاحه في تحقيق موقع متميز في معركة انتخابات 63 ، أو تلك الانتفاضات التي جرت في حضور وعي ديمقراطي ومد ثوري ، فقد بقيت عالقة في الذهنية الحزبية والجماهيرية إلى حدود أصبح من الصعب القبول بأدناها، وذلك طبيعي إذا نظرنا لمستوى التأثير الذي تمارسه الأحداث السياسية المتميزة في وعي المناضلين والجماهير الشعبية بشكل عام.
إن تمجيد المراحل التاريخية الذهبية، ليس ناتج فقط عن العجز على إنتاج معارك في حجمها ومستواها أو تفوقها،باعتبارها مراحل منيرة في التاريخ ونموذجا تستدعي التدقيق في شروطها والاستفادة منها.بل ناتج كذلك لكون الظروف الراهنة بعيدة عن أن تكون مثل تلك التي عرفتها تلك المراحل المتميزة بالمد الثوري. لذلك فسيبقى من الصعب مواجهة الحنين لتلك المراحل، إلا بعد إنجاز معارك راقية تحقق تطورا في ميزان القوى وتربك حسابات الطبقة الحاكمة لترفع من موقع الحزب الجماهيري والسياسي .
إلا أن متطلبات المواجهة السياسية، في ارتباطها المعنوي بتلك المراحل ، تفرض ضرورة مواجهة الفكر التقليدي العاطفي الذي يعتبر إعلان و تطبيق شعار مرحلة محددة يمكنه أن ينتج شروطها التاريخية الموضوعية والذاتية.
عرف تاريخ التجارب الاشتراكية، لحظات مشابهة تحضر فيها المعركة التاريخية الراقية بقوة في وعي المناضلين بحثا عن إنتاج مثلها، رغم غياب الشروط المادية لذلك. ولنا في التجربة اللينينية الرائدة ما يؤكد لنا ما سبق، لحظات انتصار في معارك المقاطعة ثم أفول شروط المد الثوري الذي تميزت به حقبة المقاطعة ، لتصبح من الذكريات الأكثر تأثيرا في التعاطي مع الانتخابات. وفي مواجهة المطالبين بالمقاطعة الألمان الذين اعتبروا أن عهد الانتخابات قد ولى سياسيا يقول لينين " لكن تمسكنا بالتقاليد الثورية العزيزة علينا هو، بالضبط، ما يلزمنا بالاحتجاج الشديد ضد اعتقاد أن تطبيق شعار حقبة تاريخية معينة يمكنه أن يستثير أهم شروط تلك الحقبة."
وقد أورد لينين في نفس المرجع أي ضد المقاطعة في مواجهة الألمان المطالبين بالمقاطعة " لا شك أن التعاطف مع المقاطعة نابع على وجه الدقة، لدى الكثير من الناس، من رغبة محمودة لدى الثوريين في الحفاظ على تقاليد أفضل ماض ثوري وتنشيط مستنقع الرتابة اليومية الكئيب بلهيب نضال شجاع مفتوح وحازم"
إن الارتباط بالمقاطعة بالنسبة للحزب لمدة طويلة ، ليس ناتج أوتوماتيكيا عن عقلية جامدة أو عدمية كما يود البعض إثبات ذلك . فقد جاء نتاجا لكونها موقف جريء في مرحلة يمكن اعتبارها متقدمة في ميزان القوى ، وفي الاستجابة الواسعة للجماهير الشعبية معها ، و للتأثير القوي الذي أثارته في الساحة السياسية، سواء بالنسبة للممارسة السياسية للنظام التي أصبحت تعيد حساباتها في النظر إلى الحزب واليسار، أو القوى السياسية التي لم تكن تعير أي اهتمام لقدرة الموقف النضالي الجماهيري على التأثير في الساحة السياسية وقلب ميزان القوى لصالح النضال الديمقراطي.
لهذا السبب، يضاف إليه ما عرفته القوى السياسية اليسارية التي انخرطت في اللعبة الانتخابية من تدهور أوضاعها على المستويات الجماهيرية والتنظيمية، ثم التمييع الخطير الذي الحق بالممارسة الانتخابية على مختلف الأصعدة.أصبح من الصعب على المناضلين ان يتصوروا إمكانية تحقيق وضع جماهيري وسياسي وتنظيمي خارج المقاطعة ، ولا يقبلون بأدناها.
إن الارتباط بالتقاليد ثورية والمقاطعة واحدة ، باعتبارها نموذجا للفعل السياسي الثوري و منها هو طموح يصبح في بعض الأحيان مؤثرا في التحليل لأي معركة جماهيرية أو سياسية ويتم في إطاره في بعض الحالات إغفال الظروف العامة التي تميز المرحلة ، ويصبح شعار تلك المعارك المحافظة على التقاليد الثورية غريب عن الواقع الذي تطرح فيه ويقول لينين في نفس المرجع السابق" إن الحفاظ على تقاليد الثورة، وإتقان الاستفادة منها لأجل دعوة وتحريض متواصلين ولأجل تمكين الجماهير من معرفة شروط النضال المباشر والهجومي ضد المجتمع القديم، هو أمر يختلف تماما عن ترديد شعار منزوع من الشروط، التي ولدته وضمنت نجاحه، قصد تطبيقه على شروط مغايرة جوهريا."
إننا إزاء ظاهرة ، سادت الحركات التحررية والثورية ، حيث يشكل الحنين إلى أوضاع ثورية ، منطلق لتحديد معارك مشابهة في الشكل جوفاء في موضوعها متميزة بتهميش وإغفال للشروط التي تمارس فيها. وطبعا سنعود في ما بعد لتحليل لماذا يستحيل تحقيق معركة المقاطعة التي مورست في بداية التسعينات ، سواء في غياب الشروط السياسية والجماهيرية و التنظيمية . وهذه الاستحالة ليست ذاتية فحسب بل موضوعية كذلك بمعنى أن الشروط المادية لتحقيقها غائبة ومن المفروض العمل على توفيرها لاعتبار معركة المقاطعة معركة راقية يجب أن تحضر في وعي المناضلين والجماهير الشعبية كمعركة لابد منها في لحظات وحالات معينة، ومن الضروري ممارستها" لكن هل نحن إزاء هذا المد، الذي هو شرط إعلان المقاطعة الأساسي ؟ هذا هو السؤال الذي يجب معرفة طرحه باستقلال والجواب عنه بتحليل جدي للواقع. إن واجبنا هو أن نهيئ قدر المستطاع، قدوم ذلك المد وأن لا نمتنع مسبقا عن المقاطعة في لحظة مناسبة. بيد أنه من الخطأ، الذي لا اعتراض عليه، اعتبار شعار المقاطعة قابلا للتطبيق على وجه العموم، في كل جمعية تمثيلية سيئة أو بالغة السوء.
معنى ذلك أن المقاطعة مطروحة عند توفر شروطها بل يجب تعبئة الجماهير وترسيخ فكرة أن المقاطعة تكتيك شرعي في الممارسة السياسية بل ضروري في حالات معينة متميزة بالمد النضالي الثوري بل لا بمكن إسقاطها كشكل مسبقا " كذلك هو الشأن عندنا. يجب أن ندرس شروط تطبيق المقاطعة، وأن نغرس في الجماهير فكرة أن المقاطعة هي تكتيك شرعي تماما، وضروري أحيانا في لحظات المد الثوري مهما قال المتحذلقون الذين ينتسبون هدرا إلى ماركس."
إن من أهم ما يجب الإشارة إليه في تبني الحزب لموقف المشاركة في الانتخابات هوالحرص على عدم نفي اختيار معركة المقاطعة في مرحلة تستوجبها ، وقادر على إنجازها . وذلك يثبت ان اختيار المعركة فرضته شروط محددة ، وليس تحولا في التصور السياسي للحزب في المواجهة من أجل الديمقراطية. فالعودة إلى آخر معارك المقاطعة ،يكفينا القول بأن الحزب أعلن عن المشاركة متأخرا، وأن الشروط التي ضلت قائمة في الجانب الموضوعي أثرت بكثير في الشرط الذاتي و في التنظيم الحزبي بالخصوص، وأن التشبث بالمقاطعة كوسيلة دائمة في شروط لا تحتملها، كان له انعكاس سلبي على واقع الحزب الجماهيري والتنظيمي .
شروط المقاطعة ومبرراتها
نعود إلى الخلفيات الحاضرة في النظر للموقف من الانتخابات، والتي أوردناها في خاتمة الحلقة الأولى في نقط ملخصة وهي ( الخلاص إلى موقف ملائم ومناسب في المرحلة المتميزة، الانسجام مع التراث النضالي للحزب، الانسجام مع التصور السياسي للحزب ).
إنها خلفيات تتحكم في كل موقف حزبي ، وهي التي تؤطر البحث عن الموقف السديد من الانتخابات المقبلة ، في شكل سؤال عريض يلخص كالتالي هل المرحلة الحالية توجب المشاركة أم المقاطعة للانتخابات ؟ مما يؤدي إلى تحديد دقيق لطبيعة المرحلة الحالية على جميع المستويات ،السياسية والجماهيرية والتنظيمية ، وفي استمرار البحث يتفرع السؤال ويتشعب لإتمام الإجابة الدقيقة عبر أسئلة عديدة منها : ما هي أهم محاور الاختلاف بين المرحلتين التي تجعل الحزب يختار المشاركة بدل المقاطعة التي تبدو في غالب الأحيان الجواب الطبيعي عن المراحل المتميزة باللاديمقراطية في اختيارات وممارسات الطبقة الحاكمة ؟ و هل ميزان القوى الذي غالبا ما شكل مبررا لاستبعاد الانتخابات من جبهات النضال، يشكل شرطا أم هدفا في الموقف من الانتخابات؟ كيف يمكن التعامل مع الجماهير الشعبية التي ترسخ في وعيها ، أن الموقف الصحيح الوحيد والأوحد هو مقاطعة الانتخابات؟ هل نحن في استعداد تام للمواجهة في الجبهة الانتخابية ؟ أي طريقة للمشاركة في الانتخابات ، تمارس بنفس المنطق والأهداف التي أطرت معركة المقاطعة ؟...
لا نستطيع الإجابة عن مختلف هذه الأسئلة في مقالنا هذا، لكن قناعتنا أن الإجابة عن هذه الأسئلة ،لا تكفي في طرح موقف ملائم إن هي أغفلت التراث الحزبي في هذا المجال ، ولا يمكنها أن تفلح في تحقيق الجواب الملائم إن هي حاولت أن تستجيب لذلك التراث بمنطق ميكانيكي عقائدي وتتشبث به إلى أبد الآبدين . وبقدر ما تستدعي العودة إلى التراث الحزبي لقراءته واستخلاص الخلاصات الضرورية منه، فهي تستدعي استحضار التطورات التي حصلت في المجتمع، والناتجة عن تحولات بنيوية في الصراع الطبقي في العالم ، واستحضار شروط النضال الديمقراطي بما فيها أوضاع اليسار وطبيعة التطورات التي عرفها الوعي الديمقراطي والتدقيق في طبيعة الأوضاع التنظيمية والتطورات التي حصلت فيها .
و يمكننا القول أن مبررات المقاطعة التي خاضها الحزب في بداية التسعينات، تكمن في طبيعة المرحلة المتميزة بشروط ثلاث، هي الشرط السياسي العام، المد النضالي الديمقراطي في حضور تطور متقدم للوعي الديمقراطي، ثم الشرط التنظيمي الحزبي. لذلك فمن الضروري قراءة المرحلة الحالية ومكوناتها ، مستنيرين بما عرفته حقبة المقاطعة الحزبية من شروط مد نضالي واسع ، نجحت فيه المقاطعة وشكلت انتصارا سيحقق مكاسب عدة في المجال السياسي والتنظيمي.
هذه الشروط الثلاث مجتمعة مترابطة، حاضرة في اختيار أي موقف سياسي وجماهيري. و لا يمكن رؤية ذلك الترابط في ما بينها إلا في إطار الأوضاع العامة التي يعرفها الصراع الطبقي. و عليه يتحرك العقل الحزبي مستحضرا الوضع التنظيمي وآفاقه وما يشترطه الوضع السياسي من قدرات كفاحية للمواجهة، يشكل التنظيم الحزبي أحد أدواتها إلى جانب الوعي الديمقراطي المقاوم. وذلك يتأطر في إطار البرنامج المرحلي الذي يحتوي في جزء من أهدافه تحويل ميزان القوى لصالح تحقيق طموحه المرحلي والاستراتيجي.
نحاول في ما لي قرائة شروط المقاطعة ومبرراتها من خلال العناوين التالية:
1)المجلس التأسيس مطلب استراتيجي لمرحلة محددة.
البرنامج المرحلي جعل من المجلس التأسيسي شرطا للممارسة الانتخابية، في وقت ثبت وان ذلك الشرط يشكل آخر مرحلة في برنامج النضال من أجل الديمقراطية، بحيث يمكن اعتبار تحقيقه هو تحقيق للحلقة الأولى في البناء الديمقراطي.
إن المجلس التأسيسي مطلب استراتيجي لمرحلة محددة ، ويبدو لي من الغريب الإصرار على اعتباره ضامن للبناء الديمقراطي والمدخل إلى بناء الاشتراكية لدى البعض ،ودليلنا على ذلك هو ما يجري في البلدان التي قامت بتأسيس دستورها ، والتي مازالت تعاني بتسلط تحالف طبقي بورجوازي يتحكم في الممارسة السياسية في التقرير والتشريع والتنفيذ ، بل وهيمنة حزبية تضع في الهامش مختلف القوى الديمقراطية واليسارية الراديكالية بالخصوص ، مستخدمة ترسانتها القانونية ، وأدواتها الإعلامية التي تضع غيرها خارج دائرة تقرير المصير ، ونموذج فرنسا الديمقراطية التي تلاشى فيها دور التأسيس وأصبح لا يعني شيئا ، في العجز عن تحقيق مطالب الحركة النضالية العمالية .وأصبح البعض يطرح إعادة النظر في ضوابط العمل الديمقراطي من خلال تأسيس دستور جديد يراعي التطورات الحاصلة في المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية.
وطبعا لسنا في حالة فرنسا التي تحققت فيها مكتسبات مهمة في المجال الديمقراطي والاجتماعي ، وأن تحقيق تلك المكتسبات انطلق في ظروف ثورية، في مختلف مجالات الصراع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، ومع ذلك فهي غير قادرة على تحقيق الطموحات في البناء الديمقراطي الحقيقي الذي يسمح بمشاركة واسعة للشعب في التقرير السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
ولا نقصد بما سبق الاستغناء عن المجلس التأسيسي ،أو الاستهانة بقدرته على تأسيس أول حلقات البناء الديمقراطي ،بل نعتبره خطوة حاسمة في تحقيق شروط دنيا للبناء الديمقراطي ، لكنه ليس حلا سحريا، كما سبق وأن ذكرنا من جهة ،ثم أن تحقيقه كمطلب يأتي نتيجة فعل متنوع ، نضال ديمقراطي جماهيري ، سياسي حقوقي ونقابي ...وضمنه أرقى أشكال المواجهة للمؤسسات الرجعية وهي مقاطعة للانتخابات .
بمعنى من المعاني أن المجلس التأسيسي مطلب تحدده شروط النضال الديمقراطي ولا يمكن التنازل عليه إلا تكتيكيا، في مراحل محددة. ولا يمكن تحقيق الديمقراطية الفعلية إلا إذا تحققت حرية الاختيار لدى الجماهير الشعبية لممثليها الحقيقيين في شروط نزيهة تمكنها من التعبير الحر عن إرادتها السياسية ، وبضمان حقها في تقرير مصيرها والذي يضمنها حضورها في الدستور كمصدر رئيسي في السلطات .
و لا يمكن استبعاد الحضور في المؤسسات بمنطق المواجهة التي تتحكم في النضال الجماهيري.
معنى ذلك أن المشاركة في الانتخابات والعمل داخل المؤسسات ، الذي أصبح يقاس به الآن موقع القوى السياسية في الساحة السياسية وبداخل المجتمع ، ويشكل مجالا لتطور البنيات التنظيمية لعدد من التيارات التي في غالبها تقف في وجه النضال الديمقراطي، قد يكون في مرحلة ما مجالا مفيدا في المجابهة ، وتحقيق موقع متقدم في الساحة الجماهيرية ،وقد يتطلب ذلك تصورا يضع فاصلا بين المشاركة الهادفة إلى تغيير ميزان القوى لصالح البناء الديمقراطي الفعلي وبين التصورات التي تستخدمه مطية لتحقيق مصالحها ومصالح التحالف الطبقي التي شكلت هدفا لخلق اللعبة السياسية .
إن برنامج النضال الديمقراطي ، يتحدد من خلال طبيعة المرحلة وشروط الممارسة النضالية فيها ، واعتبار المجلس التأسيسي مطلب لمرحلة محددة برزت فيها إمكانية تحقيق بعض من مطالب النضال الديمقراطي ، وتم الدفع بالمواجهة إلى مداها،بعدها طرأت تطورات في مجالات متعددة ، يهمنا فيها الوعي الديمقراطي الذي تعرض للاحتواء و الاستلاب من أطراف متعددة ، منها أطراف محسوبة على اليسار و أطراف ماضوية ظلامية، انقضت على الوعي بعد هيمنتها على الساحة الجماهيرية التي بدأت تنسحب منها قوى اليسار، والحزب جزء منها حتى لا يقال أننا نعتلي فوق واقع اليسار.
تلك الظروف و أخرى سنأتي إلى ذكرها في ما بعد، تشكل أحد أهم المعطيات للتفكير في إعادة النظر في طبيعة البرنامج المرحلي والمجلس التأسيسي بالخصوص ، والذي أصبح تحقيقه مستحيلا في ظلها وفي ظل تراجع خطير لليسار ناهيك عن ما تطلبته التحولات العالمية من إعادة النظر الشاملة التي مازلنا في حاجة إليها .
نلخص ما سبق في القول أنه ليس هناك من عيب في التنازل التكتيكي أي المرحلي للقوى المناضلة عن بعض المطالب في فترات محددة، رغم أنها تحتل موقعا مركزيا في برنامج النضال الديمقراطي في حالة ما إذا تأكد لها إمكانية اقتحام جبهة توفر لها شروط متقدمة في الممارسة السياسية . وفي نفس الوقت نجزم القول أن الشعار مهما بلغت ثوريته فلا يعني شيئا في واقع لا يحتمله ، بل أن شعارا قابل للتحقيق في ظروف محددة، يمكنه أن يحقق للحزب مكتسبات ذاتية تحسن وضعه في ميزان القوى ، بخلاف الارتباط بشعارات ذات بعد استراتيجي تستحيل إمكانية تحقيقها بل وتعيق وتلجم الحزب في رقعة ضيقة في الممارسة السياسية.
ختاما لهذه الحلقة نقول أن مطلب المجلس الـتأسيسي ممكن في ظروف متميزة بميزان قوى متقدم لصالح اليسار وليس الحزب وحده. ومن الوهم تصور قدرة الحزب على بناء الديمقراطية بمفرده وبدون حضور الجماهير الشعبية بقوة في عملية النضال الديمقراطي. وفي القول كذلك أن المشاركة في الانتخابات لم تكن يوما مرهونة بتحقيق المجلس التأسيسي ، إلا في ظروف متميزة ، وتجربة مشاركة الحزب في انتخابات 63 تؤكد انه خاضها في خضم المطالبة بالمجلس التأسيسي وفي ظروف متقدمة لليسار الذي كان الاتحاد الوطني يشكل عموده الفقري.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا