الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعري الجريح / وشوبنهاور اليتيم …

مروان صباح

2022 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


/ لقد برعوا على مرّ العصور ومنذ ولادتهم الفكرية في اختطاف الأضواء ، لكن مهارتهم ظلت من زاوية الظل ، وفي النهاية ، تبقى الحالتان هنا 👈 بالنقلتين الجديدتين ، على الرغم من المدة الزمنية بينهما ، لكنهما جديرتان بالقراءة والتفحص ، وهي فعلاً 😟 ، العزلة أو الوحدة سمات تتعلق بكل من يشتغل بالتفكير ، حتى تعتقد 🤔 الأغلبية أنها أمام شخصيتين متكاملتين في طريقة الحياة والمصير في الشرق والغرب ، وفي الأغلب ، مثل هذه الشخصية تكون علاقاتها مع البشر الأحياء محدودة ، لأنها قائمة مع من يسكنون القبور ، فبالأحرى ، علاقتها 👈 تحديداً مع كتبهم 📕 ، وذلك ليس لأنها متكبرة بقدر أن أهدافها وطريقة تفكيرها تختلف ، إذنً ، لا توجد أرضية مشتركة مع الأغلبية الساحقة ، وبالتالي ، عادةً من لديهم أهداف يحتاجون إلى تحقيقها ، وهذا لا يحصل سوى بالابتعاد عن الضوضاء والعلاقات الاجتماعية وكل شيء سلبي يمنع مِّن الوصول لها ، وعلى الرغم أيضاً من هجرة كل من اشتغل بالتفكير ، إلا أن ملاحقتهم ممكنة بل مرجحة من المعجبين ، كما هو الحال مع الحاقدون / الحسد 🧿 😕، أو من مجموعة عادةً تنخرط في تفسير قدراتهم الفذة وإحالتها إلى المخفيات ، لكن في المقابل ، هناك شخصيات قلة إجتمعت كل ذلك في شخصيتهم☝ ، كما هو الحال مع صاحبنا ابو علاء المعري ، بالفعل ، لقد إجتمع على قبره لحظة دفنه 🪦 أمم من المحبين والكارهون ، يقال أن عدد الشعراء الذين واروه مثواه الأخير وصلوا قرابة ال 100 شاعراً ، ولأن ابو علاء يعتبر السّباق في تأسيس بين العرب مدرسة الإعتراف بالهبوط المكاني ، أي أنه رفض 🙅 الألقاب والأسماء التى يحمد فيها الرجل أو رُيّفع بها ، بل تهكم عليها حتى وصل الأمر إلى التهكم بنفسه ، وكان قد قال في هذا بيتاً شعرياً ، يقول ( دُعيت أبا العلاء وذاك مين / ولكن الصحيح أبو النزول ) ، ثم أتخذ لقباً له من عمق تجربته التى أجبرته الالتزام بيته 🏡 ، وأيضاً لأنه ضريراً ، فنادى نفسه رهين المحبسين ، البيت 🏠 والعمى 👀 ، وهذه الثنائية لا يمتلاكها سوى شخص مثل المعري ، لأنه كان يؤمن بأن مثله لا يمكن له أن يكون في الخارج سوى ملكاً 👑 ، ففضل الرهبانية على مجالسة الناس ، وهذا لم يكن مجرد كلاماً بقدر أنه ترجمه لأقولاً وأفعالًا ، وقد يكون أيضاً أول من أبتكر مسألة ال ( فجتيرين ) ، السلوك النباتي في الطعام ، لأنه منع عن نفس أكل اللحوم وأمضى حياته على أكل العدس ولبس القطن ورفض الكسب من الشعر ، وأعتبر المجتمع بالمنافق والنمام والخائن ، هي سمات منتشرة ، بل أعتبر العلاقة الزوجية بالكارثية ، لأنها تنتج أفرادً ومن ثم تلقي بهم في ميادين حياة جحيمية لا ذنب لهم ، وأختلف مع نظرية الحب لأنها كما أعتبرها بالاضطراب النفسي ، لأنه أعتقد🤔 أن الأصل من ذلك ، هي السعادة التى يصعب تحقيقها 🤨 ، ثم تساءل ، كيف لعاقل له أن ينجب أشخاص ستكون نهايتهم في مكان ممتليء بالكئابة والوحوش والألم والكذب .

بصرف النظر 👀 عما يُردد في كل حقبة حول ال ( نحن ) ، وهي في جوهرها ليست سوى صفة شمولية / معتمة ☹ ، والمحصلة ، خائرة ، لكن التبصر في حقل ما ، ليس بالطبع أبداً 👎 ضمانة لتجاهل أي خصومة ، فمنذ سقوط العالم الافلاطوني ، وهو ليس بالأول ، لأن واقعة هابيل وقابيل سبقت جميع الاسقاطات ، كانت الأخلاق الرمز التى مجدت العلاقة الأخوية ومن ثم البتولية والتى كانت تخص الجسد مع الزهد في الحياة ، لكن الأخلاق التقليدية تعرضت على مر العصور إلى نكسات ، حتى أن التدخلات الإنسانية سعت إلى وضع قوانين من أجل 🙌 إدارة الحياة محكومة من التجربة ، خصوصاً بعد عصر النهضة ، وعلى الرغم من التاريخ الثقيل ، إلا أن هناك من أعلن موتها 💀 ، تماما 👌 كما هي عند المعري وأيضاً شوبنهاور ، بل ذهبوا إلى أن البشرية تتعلق فقط بخيال الأخلاق وهذا يمهد لهم في المستقبل إلى طمسها للأبد ، دون أن تدرك بأن القوة تبدأ من الأخلاق وأما الهزيمة تكون بانهيارها ، وهذا مهد لشيء يسمى بالهيمنة الشمولية باعتبارها نهجاً للحكم ، والتى لم ترضى فقط بعزل قلة من الناس ، بل سعت لتدمير الحياة العامة بعد الخاصة ، ولقد أسس الحاكم شمولية حكمه على نشر شعور الوحدة ، وعلى الرغم من الاختلاف بالاعتقاد عند الطرفين ، فالمعري كان متأثراً جداً بقصص القرآن وبواقعة كربلاء ، أما شوبنهاور تبني من نشأته النظرية التشاؤمية عند البوذية ☸ الهندية ، لكن كلاهما نادا بضرورة تطبيق إدارة الحياة ، طالما أن الحياة بطبيعتها لا تهدأ ، لأنها ثورة مستمرة ، وهذا بالطبع ، لدى المعري يُطلقِ عليه بكبد الحياة ، أما عند شوبنهاور ، فهو إنسان يواصل الشكوى منذ ظهوره إلى الحياة حتى رحيله ، وهو مفهوم يناقض في جوهره ، لمفهوم إدارة القوة ، فالحقيقة هنا 👈 تخلق ولا تكشف ، وهي أيضاً تخترع وليست شأناً بحثياً ، وأيضاً كان الاختلاف حول المرأة بين المعري وشوبنهاور والذي يعتبر الأخير باستاذ نيتشه ، هو سلوكي وجذري / تكويني ، فعند الأول ، يحيلها للطبيعة التربوية التى جعلت العلاقة مستحيلة ، أما شوبنهاور ، يعتبرها فخ الافخاخ ، قد كانت الحياة صنعتها من أجل 🙌 أن تهيمن على إدارة الحياة ، أي على الجنس البشري ، لهذا ، كان من الذين يدعون بصراحة 😶 إلى اقتناء السوط عندما يجالس الرجل المرأة ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك ، وطالب الرجال بالبحث عن مخلوق أكثر رقة من النساء ، وإن تمكنوا من إيجاده ، لا مانع من استبداله بالنساء ، وقد يكون ما قاله المعري عن الفارق بين الوعي الرجل والمرأة ، يشابه حد ما عند شوبنهاور ، فالأول ، قال أن الرجل عادةً ينخرط بالتفكير أو العمل ، أما المرأة همها الطبيخ ، بل كان نيتشه أيضاً علق حول هذه المسألة ، عندما تساءل عن نوع العلاقة بين عقل 🧠 الرجل الذي يهتم بالتفكير والتخطيط والحروب ، أما المرأة لا يوجد لديها سوى الثرثرة والمزاح والرقص .

وإذ شاء المراقب إنشاء ساجلاً استنباطي بين الطرفين ، وعلى الرغم من التباين العميق 🧐 بين الشخصيتين ، فالمعري جده شاعر وقاضي ، وكذلك أبوه قاضي وأمه عالمة ، أما شوبنهاور ، أبوه أقدم على الانتحار وأمه تخلت عنه ، وهذا ما جعله أن يتبني الكتابة الصفرية ، كما هي عند الفرنسي البير كامو 🇫🇷 ، اعتقاداً منه ، أنها الأمثل ، بالطبع ، عندما تتحرر من الوعي البرجوازي ، بل بعد ما تخطا الرجلان حاجز العمري ال70 ، تشابهت لديهما فكرة النوم المستعار من الموت ، وباتا يتغزلان وينصحان به ، فابو العلاء يقول بهذا الشأن بيتاً شعرياً ، ( ونومي موت قريب / وموتي نوم طويل ) ، أما شوبنهاور يعتبر النوم أفضل شيء على الإطلاق ، لأنه خلاص الإنسان ، وهو الطريق الوحيد للمرء نحو نفسه دون شريك أخر .

حتى لو كانت أطروحات شوبنهاور متطرفة على نحو صاعقاً ، احياناً استفزازية أو 😣 استعراضية أو جحيمية ، لكن أفكاره شكلت مصدراً هاماً للبشرية ، قد يكون نهض فكره على الطنان / الرنان في أوروبا 🇪🇺 ، ومن الخير للمرء ، وهذا يصب في إنصاف نزاهة الطرح والبحث ، من المؤكد أن شوبنهاور كان قارئ جيد 😌 للمعري ، لأنه كان يحسده على عماه تماماً 🤝 كما كان المعري يحمد الله على نعمة 😇 فقدانه 😩 البصر ، وهذا ما قاله الشاعر الأرجنتيني 🇦🇷 خورخي لويس بورخيس ، لقد قال ، ( العمى ليس عالم الظّلمات، إنه شكل من أشكال العزلة ) ، وعلى هذا النحو العزلوي ، إن جاز لنا إطلاق عليه هذا المختصر ، والتى كانت واقعة نعته بالاصطبل ، هي لا سواها التى دفعته إلى العودة من بغداد للمعرة بلدته والاعتكاف في بيته 🏡 ، والاصطبل تعنى بالعربية الاعمي ، لأنه ببساطة ، لم يتقبل من الشعراء تسميته بذلك ، بل كان لاحقاً البعض في زمانه ، قد وصف شعره بالعواء ، تماماً 👌كعواء الكلب في وحدته ، لكن الوقت أثبت ومع مروره ، أن كل من وصفه بذلك ، أنتهى الأمر بهم إلى النسيان ، لكنه بقى هو بكتاباته مثل ( رسالة الغفران أو متاهات القول وشعره ) مستمرون ، تتناقلها البشرية على مر العصور .

وعلى الرغم من الانقسامات العنيفة والعميقة والتى عادةً تستقطب أطراف عديدة حولها ، يبقى السؤال الكبير ، هل من جديد حقاً 😟 في كل ذلك ، نعم 👏 ، بالطبع ، الجديد تحت 👇الشمس 🌞 هو ، وعلى الصعيد البشرية ، لم تخسر شيءً بعزلة المعري أو تطرف أفكار شوبنهاور ، بل يساءل الامرئ هكذا ، ماذا 🤬 يعني ، إذا كان شخصان ظلمتهما الحياة أو ظلموا أنفسهم بعدم انتهاجهما نهج الآخرين ، وهذا العدم أتاح للبشرية معرفة كيف يفكر 🤔 الأعمى الجريح وأيضاً تعرفت على نظرة 👀 اليتيم ، بالمرأة ومفهوم الحياة التى وصفوها بالمستعارة من الموت ، وهو مفهوم يندرج تحت خداع العقل ، تماماً 👌كما تفعل المرأة بخداع 🧐 العقل بالنوم من أجل 🙌 تخفيف وزنها ، بل كان الروسي تشيخوف قد ترك مقولة أعنف بحق الحياة ومن عليها ، عندما رجح فضائل الموت على رذائل وعيوب العيش 😰 ، قال ( مع الموت ستكون أنت الرابح الأكبر ، فلا حاجة للجري وراء الطعام ولا الشراب ، ولا حاجة لدفع الضرائب ، ولا تحتاج أبداً للجدال مع الآخرين ، وبما أنك ستمكث في قبرك لمئات أو آلاف السنين فإن الفائدة العائدة من موتك لا تُقدر بثمن ) . والسلام 🙋 ✍








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط