الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أريد الخوض في معمعة لا نهاية لها.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 8 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لأني أرفض الظلم والفساد واللا قانون والفوضى السياسية والإدارية وفي كل مناحي الحياة، فأنا مع أي فعل ثوري مضاد لها وضد كل من يحاول أن يحصد ثمار غيره وجهد الناس، فقد تعلمت درسا من تشرين أن من قال تشرين ليس سلاح السلطة ولا غدر المليشيات ولا قنص الطرف الثالث، من قتل تشرين هم سراق الثورات، أصحاب المشاريع التفريقية.... رؤوس البصل الخاوية التي ترى أن حجمها يختزل تشرين فتنادت للنطاح فيما بينها وتركت القتلة يسرقون أرواح الشباب العراقي، إنهم السراق القتلة المتخفون بوجه الثورة وشعاراتها.
فسرقة الثورة مثل سرقة المال العام وقوت الشعب ومستقبل الأجيال ليشتروا به جاها لا يدوم وسلطة فوق جماجم الشهداء، مثل سرقة المناصب والمغانم والمكاسب، مثل سرقة حقوق الشعب ومصادرة فراره باسم المدنية مرة وباسم الدين مره وباسم الحق والحقوق ومصالح الشعب مرات، إذا لا فرق أن تسرق من هنا أو من هناك طالما أنك تسرق من بيتك من وطنك من جيبك، فالسرقة عار أجتماعي وديني وحضاري أيا كان عنوانها ولونها ولعنة تلاحق الفاعل جيلا بعد جيل، هي سرقة الجهد والحلم والأمل وبالنهاية لا يمكن أن تكون إلا عمل لا أخلاقي وخروج عن كل قيم النبل والشرف والإنسانية، لذا فلا يمكنني أن أكون أعورا في بلد العميان.
ولأن الثورة ليست شعارات وصراخ وضجيج بقدر ما هي خلق جديد للظروف وإيجاد البديل الذي يلبي طموحات الشعب وتعزيز إرادته، فمددت يدي لكل من سلك طريق الثوار، لم أنظر إلى أسمه ولا أحتاج منه تزكيه ولا أطالبه بإثبات نواياه، فهو معي وانا معه على درب الثائرين، هذا الدرب يشبه تماما علاقة الأخوة داخل الأسرة الواحدة، قد يكون بين الأخوة الكثير من الأختلاف والكثير من المشاكل ولكن فوق كل ذلك يجمعهم ما هو أقوى وأدوم علاقة الدم والأخوة والمصلحة المشتركة، فعندما أخطأ انا من حق أخي أن يتدخل بكل الوسائل لتصحيح الطريق بل وحتى من حقه أن يمارس ما لا يحق لغيره أن يفعله، لأن الأخوة ليست رابطة عابرة ولا هي رحلة مؤقتة، نعم الأخوة مصير ولا بد من أن نصنع مصيرنا الواحد معنا، أحتمله ويحتملني حتى ننجح، أما لو خرج أحدنا عن الطريق المصيري يبقى أخي لكن لا واجب له علي ولا حق عليه لي..
من يستغرب أن نمد اليد لإخواننا في الوطن لأنه المستغرب لديه موقف منهم فهذا شأنه، ومن شأني أنا أن أسعى بكل ما أوتيت من قدرة على أن أعزز سواد معسكر الثوار، قد يقولون هؤلاء ليسوا بثوار حقيقين هؤلاء أتباع فقط، والتابع عبد مأمور والثائر حر لا يقاد ولا يعاد بأمر، هذا كلام عار عن الحقيقية، فكل الثورات التي غيرت وجه التاريخ كان لها قادة صارمون مستبدون في قرارهم صنع التحول والتغيير، نعم وللقادة أتباع مطيعون ومؤمنون بهم وهذا واقع لا ينكره عقل ولا يستغربه منطق لأن قانون الضبط والنظام لا يسمح بتعدد مراكز القرار في قيادة الثورة، ولأن القائد لا يملك العصا السحرية ليغير الواقع، والأتباع لا يمكنهم أن يروا الطريق بعين واحدة لأنهم جميعا يملكون عيونا، والجميع يرون أشياء مختلفة فما يجمعهم هو ما يراه القائد لهم، الثورة في طريقها للفعل الثوري الناجح تحتاج لدكتاتورية عاقلة صيانة لوحدة التوجيه وحفظا للنظام، الثورة مثل معركة عسكرية حقيقية تحتاج قائد وأركان وأمر واحد صارم بلا تردد حتى يصنع النصر، لا تسمى ديكتاتورية في قيادة المعارك الكبرى بل هي ضرورة الأنتصار وحتمية النظام من الخراب والفوضى والتسيب الذي يفشل النصر ويحفف الهزيمة.
عندما أمنا وصدق الشعب العراقي بعموم أفراده كذبة الأحزاب بأننا سنه وشيعة وعرب وأكراد ومسلمين ومسيحين ولسنا شعب الرافدين، صار أستحمارنا مبدأ دستوري علوي وقانون مقدس وملزم وحقيقة لا تقبل الجدال، بذلك نجح الفساد وأنتصر على الجميع بالرغم من أنهم كانوا أقلية من الفاسدين، وبدلا من أن يخضع الأقلي للأكثري في قوانين المنطق الأجتماعي تغالب علينا المفرطون في الفساد، وأعادوا بناء نظام المنطق السياسي في الواقع العراقي نحو معادلة جديدة، "الكل يجب أن يكون فاسدا"، "والكل يجب أن يتلوث بالفساد" حتى لا يمكن لأحد أن يدعي محاربته، وبذلك أجهضوا الثورة قبل أن تلقح بويضتها في رحم الواقع، نعم لا معصومية لبشر بالتأكيد، ولا يمكن أن نكون ملائكة في مجتمع قادته شياطين ماكرين، ونعم ممكن أن نخطئ طالما الجو العام مخطئ لكن يبقى للوعي دور العودة والأستتابة من الذنب، فتصحيح الوعي بأقرب الآجال يحصن الثورة والثائرين، أما الإصرار على نموذج مثالي ملاكي للثائر خاليا من العيوب والخطايا، فذلك حلم إبليس الذي لا يتحقق فنحن أبناء واقع تجريبي متغير متبدل متحرك فيه ما لا يقبله العقل أيضا، المهم أن نكون في النهاية صادقين ومخلصين للهدف.
نعم أنا من الثورة والثورة مني لا أحتاج لأذن من أحد ولا أنتظر موافقة أحد، ولا يهمني رضا أو سخط حتى يأتي المعترض والساخط فعلا يفوق فعل غيره في نصرة الوطن والشعب ويشاركني الطريق، أما من يعتصم بالتل فهو عندي والتل سواء لا فرق بين جماد ثالت وجماد متحرك فكلاهما لا يدفعان الشر عن بلدي، وكلاهما عاجز عن نصرة نفسه لو حاصرتها الشرور، من يحق له أن يتكلم معي بصوت عال هو من تترسخ أقدامه في طريق الحرية ولا يغادره إلا نجما في سماء الوطن أو راية ترفرف في أعالي الشرفات... نعم انا هذا رجل ديكتاتور نفسي وسيدها لا يأخذني بالوطن لومة لائم أو كلمة حق يراد بها باطل، أو عتب بالباطل يراد به صرفي عن طريف الأحرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل


.. أون سيت - لقاء مع صبري فواز | الجمعة 26 أبريل 2024 | اللقاء




.. مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع - الرمضاني- مساء يوم ا


.. Messages to the Tories: -Get Out- Socialist issue 1275




.. The Arab League - To Your Left: Palestine | الجامعة العربية