الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلاف طهران والصدر يؤجج عدم الاستقرار في العراق/ ج2

عباس منعثر
شاعر وكاتب مسرحي عراقي

(Abbas Amnathar)

2022 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


(تقرير رويترز الخاص عن العراق – الجزء الثاني)

بحلول شهر كانون الثاني من عام 2022، بدا تحالف الصدر متماسكاً، فالسنة والكرد والتيار الصدري متحدون في تحالف أُطلق عليه اسم "تحالف إنقاذ وطن". وتمّ حسب رؤيته انتخاب محمد الحلبوسي، السنيّ والحليف لدول الخليج، رئيساً للبرلمان، في انتصار للتحالف الثلاثي على معارضة الأحزاب الموالية لإيران وهي الخطوة الأولى باتجاه تشكيل حكومة جديدة. سرعان ما أُعتِقدَ أنّ هذا التحالف سيحصل على أصوات كافية لتشكيل الحكومة.
من أجل الرد، عانت طهران في البداية، لا سيما أنها تعمل بدون سليماني الذي قتلته أمريكا سابقاً. تأييداً لذلك، يقول مسؤولان إيرانيان مطلعان على هذا الشأن في وقت سابق هذا العام لرويترز إن طهران طلبت من قاآني العمل على إبقاء الفصائل الموالية لإيران موحدة والسعي إلى المواجهة الحاسمة مع الصدر.
((كانت الأمور على وشك أن تتأزم فعلياً)).
في وقت سابق للقاء الصدر وقاآني، قرر بعض حلفاء إيران التعبير عن غضبهم من أي تحرّك بعيداً عن التحالف مع طهران. وفي 2 من شباط، شنّت جهة شيعية غير معروفة مقرها في جنوب العراق ضرباتٍ بطائرات درونز على العاصمة الإماراتية أبو ظبي. وأعلنت هذه الجهة المعروفة باسم (ألوية الوعد الحق)، إن الضربات جاءت ردا على تدخل الإمارات في العراق واليمن، حيث تنشبُ حرب أهلية مشتعلة بين وكلاء السعودية ضد وكلاء إيران الإقليميين.
وقالت الإمارات في ذلك الوقت إنها تمكنت من اعتراض هذا الهجوم.
لكن الهجوم أفزع الإماراتيين، طبقاً الى مسؤول حكومي عراقي ودبلوماسي غربي وقائدين عراقيين سنيّين من الذين عملوا مع مبعوثي الإمارات في محادثات التحالف. ومن أجل تهدئة التوتر، أرسلت الإمارات مسؤولين إلى طهران وبغداد. يقول الجبوري عن الإماراتيين: ((إن التزامهم تجاه الصدر قد تذبذب)).
في الأسبوع التالي، التقى الصدر وقاآني.
وقال عدد من مستشاري الصدر لرويترز أنه بعد ثلاثة أيام من لقائه المأزوم مع الجنرال الايراني، استدعى الصدر مساعديه المقريبن الى مقابلته في منزله. قالوا إنه كان محبطاً بشكل واضح بناءً على التوتر المتصاعد، بل انه عاد الى التدخين مرة ثانية، وهي عادته القديمة التي كان قد أقلع عنها ولم يمارسها في الأماكن العامة. قال أحد المستشارين: ((أخبرنا: لسنا في مواجهة مع منافسين عراقيين فقط، ولكن مع الجمهورية الإسلامية أيضاً))، وأضاف: ((ربما ستتعقد الامور أكثر مما هي عليه)).
في خضم هذا الوضع، تلّقت إيران مساعدةً من القضاء العراقي، الذي يهيمن عليه الى درجة كبيرة قضاة معينون من قبل الأحزاب الموالية لطهران. فقبل أيام من تصويت البرلمان على رئيس جمهورية جديد، أصدرت المحكمة العليا في العراق قراراً يشترط الثلثين في انعقاد نصاب الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية. هذا القرار أفسد امكانية التصويت المخطط له من قبل تحالف (انقاذ وطن)، والتي لم تعد أغلبيتها البسيطة (أي النصف زائد واحد) كافية لعقد المجلس.
وتتابع سيلٌ من القرارات الأخرى الصادرة عن المحكمة نفسها. فقد مَنع أحد القرارات هوشيار زيباري، مرشح انقاذ وطن للرئاسة، بسبب مزاعم فسادٍ قديمة. من جهته، أنكر زيباري، وهو سياسي كردي ووزير سابق للمالية والخارجية، ارتكاب أية مخالفات وأعلن أنه لم تتم إدانته بأية جريمة. كذلك، أدى حكم آخر عن المحكمة إلى إبطاء تحقيقات الكسب غير المشروع التي كان الصدريون يريدون اجراءها بحقّ المسؤولين المتهمين بالفساد من الموالين لإيران، ومنع قرار ثالث حكومة الإقليم (حلفاء الصدر) من التعامل مباشرةً مع شركات النفط الأجنبية، في استهداف واضح لمصدر دخل أحد الشركاء في تحالف (انقاذ وطن) المتكون من الصدر والسنّة والكرد.
وفي نظرة فاحصة لهذه القرارات، يقول خبراء قانون عراقيون ومطلعون سياسيون إن الأحكام، رغم سلامتها قانونياً، فقد جاءت في تتابع وتوقيت استراتيجي. يقول سجاد جياد أنه ((لم يكن ذلك مصادفة)). أن تصدر أربعة الى ستة أحكام في تزامنٍ مع أزمة تشكيل الحكومة والذي كانت للصدر فيه اليد العليا، يثير التعجب. بينما نفى مجلس القضاء الأعلى ذلك في بيان لرويترز بقوله إن الأحكام ليست سياسية. لافتاً الانتباه الى أن قرارات المحكمة العليا السابقة قد أفادت الصدريين.
ثم أصبح غضب إيران مفضوحاً.
وضح ذلك في 13 آذار، حينما أطلق الحرس الثوري الإيراني اثنا عشر صاروخاً على مدينة أربيل عاصمة كردستان. أفاد مسؤولون أكراد بأضرار محدودة في حي خارج المدينة ولم تقع إصابات. صرح الحرس الثوري في بيان إنه أطلق الصواريخ لأن العمليات العسكرية الإسرائيلية كانت تنطلق من كردستان، ولم توضح طهران أو تقدّم أيّ دليل ملموس على مزاعم العمليات الإسرائيلية. ولم تحصل رويترز من وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيلية على طلباتنا للتعليق على الموضوع. بينما نفت الحكومة الكردية الاتهام ورأت أن الضربات كانت بمثابة انتقام إضافي لخيارات سياسية في اختيار أحد الطرفين الشيعين. قال مسؤول كردي كبير شارك في محادثات مع مبعوثين إيرانيين في وقت قريب من الضربات: ((أرادوا منا أن نتحالف مع الشيعة مجتمعين، وليس مع جزء ضد الجزء الآخر)).
وبالمثل، بدأت إيران وحلفاؤها العراقيين بالضغط على شركاء الصدر السنة هذه المرّة. ففي نيسان، قام المالكي بالمساعدة في إعادة وإعفاء اثنين من السنة النافذين ممن فرّ من العراق بسبب تهم الإرهاب (يقصد قضية علي حاتم سليمان ورافع العيساوي)، حسب خمسة محامين وثلاثة مسؤولين حكوميين مطلعين على هذه الجهود، الذين أكدوا لرويترز إن المالكي نفسه ساعد في إقناع محكمة في بغداد بإسقاط التهم عنهما.
وبمجرد تبرئة الرجلين السنيين ، طفقا بالتنديد بقيادة الحلبوسي، رئيس البرلمان السني الذي انتخبه الصدريون وحلفاؤهم، مع التنبيه الى أن زعماء السنة الآخرين كانوا خيارات أفضل. لكن، في ظهوره التلفزيوني، نفى المالكي أنه ساعد الرجلين، لكنه قال إنه سأل المحكمة عن التهم الموجهة إليهما وساعد أحدهما في الانتقال من المطار إلى مقابلة القاضي. بينما وجد منتقدو المالكي أن تعليقاته تتناقض مع بعضها، ولم يرد مكتب المالكي على طلبات رويترز من أجل التعليق على أي دور لعبه في عودة الرجلين.
وبحسب مسؤول مقرب من الحلبوسي، فإنه كان لديه شعور بالصدمة إزاء ذلك. وعليه، وسط انتقادات متواصلة لقيادته من السُّنة الآخرين، سافر الحلبوسي إلى طهران، سعياً منه لكي يضمن دوام العلاقة مع إيران حتى لو فشل تحالف (انقاذ وطن) الذي انتخبه في تشكيل الحكومة. قال المسؤول في هذا الشأن: ((أراد الحلبوسي تطمينات بأنه إذا فشل الصدر في تشكيل الحكومة فسيحصل الحلبوسي على دعم إيران)).
قالت المتحدثة باسم الحلبوسي أن رئيس الهيئة التشريعية قد سافر إلى إيران في مهمة رسمية بناء على طلب من البرلمان الإيراني، ورفضت مناقشة الزيارة بالتفاصيل.
وبحلول أيار، توقفت محاولات الصدر لتشكيل الحكومة، ولم يظهر أي تحالف آخر لتشكيلها. وفي حزيران أمر الصدر النواب الصدريين بالاستقالة وتنازل عن الاغلبية على مجلس النواب لمنافسيه. وأشار مكتب الصدر ببيانه إلى الإنسداد السياسي، وقرارات المحكمة الاتحادية والخلافات مع "بعض الدول"، دون الخوض في التفاصيل، كأسباب للانسحاب. بعد أيام، خاطب الصدر نوابه السابقين وحثهم على رفض أي تحالف ((ما لم تحدث انفراجة، ويتمّ تنحية الفاسدينً)).
أعرب التيار الصدري بغضب متزايد عن تبرمهم فيما يخص عدم قدرتهم على تشكيل الحكومة. وبعضهم يدعو إلى تجديد التظاهرات. يقول أبو مصطفى الحميداوي، زعيم فصائل مسلحة تابعة للصدر، لموقع إخباري عراقي مؤخرًا: ((هذه المرة ستكون أساليب الإصلاح مختلفة)). ولم يتسنّ لرويترز الاتصال بالحميداوي للحصول على مزيد من التعليقات.
يدعو الصدر الآن إلى انتخابات جديدة، لكن يعتقد البعض أنها لن تؤدي إلا إلى تأخير التصادم مع خصومه السياسيين.
ومنذ وقتٍ قريب، تظاهر الصدريون باتجاه البرلمان للانضمام إلى زملائه المتواجدين هناك للاحتجاج على الجمود الحاصل في العملية السياسية. بدوره، قام المالكي، خصم الصدر القديم، بجولة حراسةٍ برفقةِ حراسه الشخصيين خارج منزله، ملوحا ببندقية هجومية، ونظمت الجهات الموالية لإيران مظاهراتها الخاصة، مما يثيرُ المخاوف من وقوع اصطدامات مسلحة.
في جنوب العراق، حيث التوتر أكثر حدة، سئم المواطنون مما يشاهدونه من الفساد المستمر والانهيار المتواصل للبنية التحتية. وعلى الرغم من تحقيق دخل قياسي قدره 60 مليار دولار من عائدات النفط للخزينة العراقية في النصف الأول من عام 2022، لكن عادةً ما يعيش السكان حياتهم المزرية بدون ماء ولا كهرباء.
كان السيد دهامات، المعلم في العمارة، محبطاً كثيراً مما وصفه بتقاعس الحكومة بعد مقتل شقيقه أمجد. قُتل الناشط بعد أن تحدّث علانيةً عن الكسب غير المشروع والاحتياجات غير الملباة للجنوب الفقير، ولم يتمّ القبض على قاتليه. يقول دهامات إنّ السلطات الآن لا تقوم بأعمال الصيانة الأساسية في مدرسته الابتدائية. ووصفَ كيف أنه وزملاؤه، منذ مدةٍ وجيزة، ساهموا مادياً للحصول على (ماطور) ومغسلة لكي يكون حمام المدرسة قابلا للاستخدام. ولم ترد إدارة المدرسة المحلية على طلب رويترز للتعليق. اردف دهامات: ((لم يفعل أي مسؤول في السلطة أيّ شيء من أجل الشعب على الإطلاق)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تدخلت أمريكا عسكريًا في عملية إسرائيل لإعادة 4 رهائن؟


.. مراسلنا: قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سك




.. حزب الله يعلن استهداف مبنيين يتمركز فيهما جنود إسرائيليون في


.. الاتفاق الدفاعي بين الرياض وواشنطن يلزم السعودية بتطبيع العل




.. رئيس معهد أبحاث الأمن القومي: الضغط العسكري سيؤدي إلى مقتل ا