الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات النصفية الأمريكية 2022

فهد المضحكي

2022 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الانتخابات النصفية هي انتخابات عامة تجرى بالولايات المتحدة في منتصف كل ولاية رئاسية ـ تدوم أربع سنوات ـ ويقوم الناخبون خلالها بتجديد جزء من أعضاء الكونغرس ـ مجلس النواب ـ وحكام بعض الولايات ومسؤولين محليين، وهي فرصة كذلك لاقتراح مشاريع قوانين محلية. يتكون الكونغرس الأمريكي من مجلسي النواب والشيوخ، وجميع مقاعد النواب ـ 435 ـ وثلث مقاعد مجلس الشيوخ سيعاد تجديدها عبر التصويت، بالإضافة إلى 36 من أصل 50 حاكم ولاية. تكمن أهمية الانتخابات النصفية الأمريكية في كونها اختبارًا للرئيس في منتصف ولايته الرئاسية، وهي بمثابة استفتاء للرئيس. كما تعتبر الانتخابات النصفية اختبارًا على الصعيد المحلي، لأن الناخبين يختارون خلالها كذلك أعضاء المجالس البلدية، القضاة وقادة الشرطة. يعتبر المحللون بأن شعبية الرئيس وحال البلاد الاقتصادية يؤثران على الانتخابات النصفية الأمريكية، وبما أن هذين العاملين في تغير مستمر، فإنه لا يمكننا الجزم بأن الانتخابات النصفية ستكون مماثلة لنتائج الانتخابات الرئاسية، فبعض الرؤساء أصيبوا بنكسة خلال الانتخابات النصفية أعيد انتخابهم سنتين بعد ذلك خلال الانتخابات الرئاسية كالرئيس هاري ترومان عام 1946 ورونالد ريغان عام 1982 وبيل كلينتون في عام 1994.

يسعى طرفا المعادلة السياسية إلى تعديل تمثيليهما في مجلسي الكونغرس، فالجمهوريون يريدون السيطرة من جديد على الغرفة الأعلى بنسبة مؤكدة، أي مجلس الشيوخ، والعودة مرة ثانية للهيمنة على مجلس النواب بأكمله، بعد طول غياب. على الجانب الآخر، يتطلع الديمقراطيون إلى الحفاظ على سيطرتهم على النواب، وإحراز تقدم يكفل لهم السيادة المطلقة على الشيوخ، وبذلك يمكنهم تمرير كافة مشروعات قوانين وبرامج الرئيس بايدن، ودعم سياساته المختلف عليها في الداخل الأمريكي. ثمة دراسة نشرها موقع «المراقب» عنوانها: الانتخابات النصفية الأمريكية إلى أين؟ ترى أن علامة الاستفهام الرئيسة هي: «هل قدم بايدن وإدارته ما يكفي لتحقيق انتصارات للديمقراطيين، أم أن ما جرى بعد أكثر من عام ونصف من دخول البيت الأبيض كرئيس، يجعل انتصار الجمهوريين في مجلس الشيوخ على الأقل شبه مؤكد، وإذا لم تحدث تطورات على الساحتين الداخلية والخارجية تغير اتجاهات الأحداث وميول الناخبين؟» ووفقًا لما أشارت اليه الدراسة المذكورة، فإن قبل الجواب عن هذا التساؤل المتقدم التوقف للحظات وتأمل أحوال الرئيس بايدن، وهل سيكون رصيد إضافي للديمقراطيين يراكمون عليه نجاحات تؤهلهم للنصر، أم أنه سيضحى عامل انتقاص من قدرتهم ومساحة نفوذهم عبر مختلف الولايات. بعد نحو 20 شهرًا في البيت الأبيض، يبدو من الواضح أننا أمام رئيس أخفق في تحقيق هدفين رئيسيين وعد بهما خلال حملته الانتخابية: الأول: هو القضاء على الظاهرة التي عرفت باسم «الترامبية» أي أولئك الذين يمضون خلف الرئيس السابق دونالد ترامب، والذين يفوق عددهم الخمس وسبعين مليونًا، وربما أكثر الآن، هؤلاء الذين لم يفتر حماسهم، بل ربما تضاعف من جراء إدارة بايدن المتتالية. الثاني: هو توحيد البلاد خلف راية رئاسية واحدة، إذ لا يزال مستوى الاستقطاب على أعلى مستوى عرفته الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب الأهلية التاريخية. استقطاب على أكثر من صعيد، عرقي وإيديولوجي، حزبي طائفي، بين من يرى أمريكا لا تزال بوتقة انصهار، ومن يرفع راية الهويات القومية المتشددة. ولعل إخفاق الرئيس بايدن في تحقيق أي من الهدفين، هو ما جعل روبرت كاغان، وهو مفكر أمريكي، من قيادات المحافظين الجدد، أن يتوقع صراعًا أهليًا عام 2024، أي مع انتخابات الرئاسة القادمة، لاسيما إذا رشح الرئيس السابق ترامب نفسه عن الحزب الجمهوري.

في ظل هذا المناخ، تبدو المخاوف من الإنقسام الحادث في النسيج المجتمعي الأمريكي خطيرة بالفعل، الأمر الذي دفع الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان للقول أنه يسأل الله أن لا يفكر ترامب ترشيح نفسه مرة أخرى، لثقته بأن ذلك يقود إلى مواجهات دامية، قد تضحى بداية لانشقاقات أمريكية متوقعة من قبل الكثيرين، تبدأ في العقول ثم لا تلبث أن تنسحب على النطاق الجغرافي، ما يعني تفكيك روح الاتحاد الأمريكي. في شهر مارس المنصرم، انخفضت نسبة تأييد الرئيس بايدن بصورة تدعو للقلق. الاستطلاع الذي أجرته رويترز/‏ إيسوس أشار إلى ان 54% من المستطلعة أراؤهم لا يوافقون على أداء بايدن الوظيفي. والسؤال الذي تطرحه هذه الدراسة هو ما الهم الأكبر والشغل الشاغل الرئيس للمواطن الأمريكي، والذي على ضوءه يتم تحديد نسب تأييد الرئيس؟ حكمًا هو الاقتصاد والعائد المادي الأسبوعي لكل مواطن أمريكي، وهو ما لم يتحسن منذ أن تولى بايدن الرئاسة، بل على العكس من ذلك تراجعت الأوضاع، ما بين التضخم، وإرتفاع أسعار، في الداخل، وقرارات غير يقينية تجاه الخارج، كما الحال مع وقف إستيراد النفط من روسيا، عقابًا لها على تدخلها في أوكرانيا.وفي الجزئية الأخيرة، نجد أن هناك ما يقارب من 40% من الذين شملهم الاستطلاع قد ألقوا اللوم على إدارة بايدن في ارتفاع أسعار الغاز القياسي في الأساليع الأخيرة، حيث ألقى حوالي 20% ياللوم على العقوبات المفروضة على روسيا ونحو 18% القوا باللوم على شركات الغاز في رفع الأسعار. وفي تصريح لشبكة «فوكس نيوز» قال لانس جودن عضو الكونغرس عن ولاية تكساس الأمريكية إن: «الوضع مع ارتفاع التضخم وأسعار الوقود القياسية في الولايات المتحدة لن يتغير في المستقبل القريب، حيث تواصل إدارة بايدن صب البنزين الغالي على النار». وأضاف، أنهم: «يرفضون الأعتراف بخطئهم ويلومون روسيا ويلومون شركات الغاز.. الأمريكيون يشعرون بالإهانة والضجر من الوضع الحالي، لكن الرئيس الأمريكي بايدن يوجه أصابع الاتهام إلى الجميع ما عدا نفسه».

يرى محللون أن التحديات الداخلية التي يواجهها الرئيس وحزبه، والنكسات الأخيرة التي تعرض لها الديمقراطيون، وخاصة سلسلة القرارات التاريخية التي اتخذتها المحكمة العليا، والتي كانت تحظى بتأييد واسع من الناخبين الديمقراطيين، مثل إلغاء حق المرأة بالإجهاض وتسهيل حماية الأسلحة علنًا، والخيارات المحدودة للرئيس وحزبه في ضبط الأسعار القياسية للأغذية، والمحروقات، خلقت مشاعر وجوم ويأس في أوساط المسؤولين في البيت الأبيض وقادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس، ودفعت بعضو ديمقراطي في الكونغرس لوصف البيت الأبيض بأنه سفينة «لا دفة لها، تبحر تائهة ودون أمل». ديمقراطيون آخرون يتقدمون بأوصاف وصور كارثية أخرى، مثل القول أن البلاد تبدو كقطار يسير بسرعة هائلة على سكة المجهول وفرامله القُرصية معطلة تمامًا. هذه هي الصورة القائمة التي تعززها وتؤكدها استطلاعات الرأي وتقويمات المحللين لفرص الديمقراطيين في الحفاظ على سيطرتهم الضعيفة أصلاً على مجلسي الكونغرس في الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر