الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلم الأهلي...... كلمة حق يراد بها باطل

غدير رشيد

2022 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


أخيرا غمرت الفرحة قلوب العراقيين بإنسحاب أنصار الصدر وتعنيفه وإهانته لانصاره بإعتبارهم ذاهبون الى النار، وهي شطحة صدرية توضح قوة الضربة التي وجهت له فأفقدته توازنه.... من يراجع وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة الفيس بوك ليوم أمس الثلاثاء 30 آب 2022 ، يلاحظ فرح الكثير من العراقين لإنتهاء الأزمة معبرون وهم صادقون عن فرحتهم بإيقاف القتال وخاصة المثقفون منهم.
ومع إحترامي وتقديري لوطنية من فرح بعودة السلم الأهلي لأن اي عاقل لا يرضى بالإقتتال الداخلي، إلا إنني وقد ترددت كثيرا في الكتابة ،أستغرب هذه السذاجة التي لم يعرف بها العراقيون وخاصة المثقفين منهم .
دلالة سذاجتهم انهم يفهمون السلم الأهلي بأنه عدم وجود صراع مسلح فقط، وهذا تبسيط ساذج للمفهوم ، فالنار لازالت تحت الرماد لوجود طبقة سياسية فاسدة وزعماء طوائف لا مثيل لهم لا في التاريخ ولا في الحاضر ، ولوجود سبعين فصيلا مسلحا بالدبابات والطائرات الميسرة والأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وكلهم لا تعرف عنهم الحكومة شيئا وتنتشر معسكراتهم في كل شارع في كل مدينة ومحافظة، وكلهم يصرحون بأنهم يأتمرون بأمر المرشد الإيراني الخامنئي ، أي إنهم عملاء لإطلاعات الإيرانية وينفذون أوامرهم ... فأين السلم الأهلي الذي عاد؟
ولا أريد أن أتحدث بالتفصيل عن وجود أكثر من خمسة ملايين شاب مدمن على المخدرات التي ترد من إيران بإشرف الفصائل المنتصرة على الصدر، فهل بوجودهم ومخدراتهم سيبقى للسلم الأهلي معنى ؟
ومع وجود أكثر من ثلاثة ملايين شاب عاطلين عن العمل لا يجدون قوت يومهم وما يتبعه من شعور بالإحباط والقلق والعزلة والرغبة بالإنتقام وكلها مقوضات للسلم الأهلي الذين فرحتم بعودته، لماذا هذا الفرح الغامر للمثقفين العراقيينن وكإن السلم الأهلي يرتبط فقط بالمتظاهرين سواء التشرينيون أو الصدريون.
والغريب إن جميع من فرح وكتب في الفيس بوك لم يترحم على الشهداء الشباب الذين فقدو حياتهم لأنهم بادرو الى التعبير عن رفضهم للنظام، وكما نسو الـ 800 شهيد من شهداء تشرين ... نسى المثقفون هؤلاء الذين قتلو ظلما ولم يسألوا عمن قتلهم، مادام السلم الأهلي محفوظا كما يعتقدون.....
السلم الأهلي في نظر الكثير من العراقيين هو أن يستمر الموظف بإستلام راتبه (الحرام) لأنه لا يعمل أكثر من ساعة باليوم، ويحافظ على السلم الأهلي الأستاذ الفاسد في المدرسة والجامعة والطبيب من الدرجة العاشرة المستغل لمعاناة المرضى والمسؤول المعين من قبل الأحزاب وجميعهم لا يريدون دولة حقيقية التي يطمح لها المنتفضون، وكإن السلم الأهلي لا علاقة له بمحاربة الفاسدين صغارا وكبارا .
السلم الأهلي تحافظ عليه كل الطبقة السياسية التي لا تريد دولة قوية ... لذلك لم ينتبه المثقفون أنهم يشتركون مع قادة الفصائل المسلحة واللصوص الكبار بالدعوة للحفاظ على السلم الأهلي وهم القتلة والمثقفون ضحايا، لذلك يحتاج المثقف العراقي أن يسأل نفسه كيف يمكن لقائد ميليشيا وقائد فاسد الدفاع عن السلم الأهلي في هذا الوقت.
السلم الأهلي لا يدوم الا بدولة ذات سيادة وقانون يطبق على الجميع ودولة مزدهرة إقتصاديا و إجتماعيا ... بغيرها لا تحلمو بسلم أهلي أبدا .
نعم طيبتكم دفعتكم للفرح لكن أين عقلكم؟ أية نفخة بسيطة ستندلع الحرائق والأسباب كثيرة وتتعاظم .
فكرو ماهو مبرر توصية كاظم الحيدري في هذا الوقت، وهو مالم يحصل سابقا في تاريخ المرجعية، كما إن الرجل مصاب بالزهايمر من سنوات وأيامه معدودة لأنه على فراش المرض من سنوات ولو كانت تصرفات مقتدى لم تعجبه لأصدر توصيته عندما قتل عبد المجيد الخوئي في 2003 على يد الصدريين وهو إبن اكبر مرجع شيعي تاريخي، إذن الموضوع ليس قضية مرجعية، والوصية قد لاتكون منه، إنها -أي الوصية- سلاح إيران النووي إستخدمته في العراق، بعد أن فشل الإطاريون والفصائل المسلحة وإيران في ردع الصدر سياسيا، لذلك لجوأ لتهديد واضح بإنهاء الصدر دينيا وهو العامل الأساس في طاعة أنصاره له، إيران رمت بثقلها للهيمنة الكاملة على العراق ضاربة بعرض الحائط كل تقاليد المرجعية بل في نموذج صارخ في إستخدام الدين لأغراض سياسية وهو مادأبت عليه إيران منذ الثورة الإسلامية والذي سيدمر التشيع، الموضوع مرتبط بالإتفاق النووي ورغبة أمريكا وأوروبا في تحييد إيران في صراعها مع الصين وروسيا وهو الأخطر والهم بالنسبة للمصالح الأميركية، وذلك من خلال غض النظر عن هيمنة إيران في المنطقة، والخطوة الأولى خارج إيران هي العراق، ألم تنتبهو إلى رفض أمريكا وأوربا لفكرة حل البرلمان أو أي محاولة لتقويض النظام وتطابق أرائهم مع الإطاريين، السبب لأن المجتمع الدولي يريد عراقا هادئا وشعبا مغلوبا في هذه المرحلة كي لا يزعج إيران وبحجة الحفاظ على السلم الأهلي.
كيف مرت عليكم توصية الحائري لأنصار الصدر وهم بالملايين لتقليد الخامنئي، الم تشعرو بالخوف على السلم الأهلي ... ملايين سيتحولون من طاعة الصدر أو طاعة السيستاني إلى طاعة إيران الدولة وليس المرجعية، لأن الخامنئي حتى عندما أختير كمرشد لم يكن مرجعا لكنه كان خمينيا يتبنى نهج الخميني الراديكالي، فهل سيبقى السلم الأهلي الذي فرحتم به أمس، راجعو تاريخ إيران منذ 1978 وتذكروا تعليق المعارضين والثوار الذيم اسقطوا الشاه، تعليقهم بالرافعات بالشوارع بإعتبارهم كفرة ومرتدون ... فهل سيبقى عندئذ سلم أهلي.
ولماذا لم تنتبهو الى توصية الحائري بإبقاء الحشد الشعبي العراقي قوة مستقلة عن المنظومة العسكرية العراقية، ولم تخافوا على السلم الأهلي من تدخل إيراني وإصرار على إنشاء حرس ثوري عراقي بتمويل عراقي بمقاتلين عراقيين يأتمرون بأوامر ايرانية وكلكم شهود على مافعلوه بالتشرينيين وهم تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة، فكيف إذا إستقلوا ، كيف فرحتم بالسلم الأهلي وانتم تسمعون كل ذلك.
ولماذا لم تنزعجو - والكلام للمثقفين الشيعة- من تدخل إيران الواضح ضد مرجعية النجف بوضوح لأول مرة منذ 2003 ...إيران تهجم بوقاحة على آل الصدر وعلى مرجعية السيستاني، وتهيء من الآن لمرجع يخلف السيستاني والرجل قريب جدا جدا من الموت، وبالتالي قد يحل محله مرجع يؤمن بولاية الفقيه، حينئذ لن تستطيعوا أن تلفظو جملة السلم الأهلي لأن أيامكم ستكون كلها عاشوراء ومناطقكم كلها كربلاء، وجهزو أولادكم من الآن للقتال نيابة عن إيران في سوريا ولبنان وربما أفريقيا ... حينئذ إستمتعو بالسلم الأهلي الإيراني .
هل لاحظتم وقاحة الإطاريين مثل المالكي / الخزعلي / أبو الاء الولائي / فالح العامري / وهم لم يجروأ على ذلك سابقا .. وهل لاحظتم تكشير عمار الحكيم عن أنيابه التي أخفاها لسنوات بإعتباره كتكوت المرجعية المشغول بجمع الأموال ومغامراته النسائية،لأن الأوامر الايرانية وصلت اليه، ولاحظو إنتهازية حيدرالعبادي الذي طغت جذوره الدعوية على مظهره المدني الذي إدعاه لسنوات ...كلها مؤشرات إن الأمر قد حسم محليا وإقليميا ودوليا لإيران، اللحظة التي إنتظرتها إيران قد حانت فقد أصبح العراق من حصتها ومن يريد أن يبقى في الصورة عليه أن يثبت ولائه.
هل تابعتم تعليقات المالكي /الخزعلي / الإطار بعد إنسحاب الصدريين، هل لاحظتم إستئسادهم على الجميع، فهم ماضون في عقد جلسة برلمان الخاسرين، وهل لاحظتم إنهم أعتبروا الصدر قد إنتهى سياسيا ودينيا حتى أنهم لم يشيدو بخطوته بل إعتبروه إنه إنهزم بل وبدوأ يطالبون بمحاكمته بعد إن كانوا يتوسلون لقائه، إنها العقلية التي سيديرون بها البلد بمجرد إن يمرورا جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية لحاجتهم الى الثلثين.
سيحكمون بعقلية ولاية الفقيه، وكما قالها الخزعلي أمس إن أية حركة جماهيرية ستكون غير شرعية ما لم تحصل على موافقة المراجع دون أن يحدد أسماء المراجع، بل إنه لم يحترم إن السنة والكرد مثلا لا يؤمنون بالمرجعيات الشيعية وبالتالي فهل عليهم – السنة والكرد- أن يأخذو موافقة المرجعية والحجة هي نفسها حجتكم أيها المثقفون وهي الحفاظ على السلم الأهلي،تخيلوا لكي تخرجوا بمظاهرة بمطالب بسيطة مثلا ضد حكومة الإطار أو ضد (ابومازن) مثلا وهو حليف إيران عليكم أن تأخذوا موافقة الخامنئي، لاحظو أنهم يصرحون بذلك في نفس يوم إنسحاب الصدر ولازالو خارج السلطة وهذه شروطهم فكيف إن تمكنوا منها بالتمام والكمال.
أخيرا من قال لكم إن الفتنة سيئة ، كل تجديد وكل ثورة أساسها وبدايتها فتنة ، الإسلام كان فتنة أدت إلى أن يقتل الأب إبنه وهو ما إعترض عليه كبار حكماء الجاهلية، التشييع كان فتنة أدت إلى معركة الجمل، حتى إن الإمام علي قال عن الذين وقفوا موقفا حياديا ( بنفس حجتكم )،إنهم خذلوا الحق ولم ينصرو الباطل، كذلك الثورة الفرنسية والثورة البلشيقية وغيرها، كلها كانت بدايتها فتنة ولكن كل تلك الفتن غيرت التاريخ والأمم.
أنتم مثقفون وأمامكم قوى سياسية أصبحت تملك المليارات وقوى مسلحة ودعم دولي وميليشيات وقحة وحكموا العراق لعشرين سنة جعلوكم تترحمون على أقسى طاغية عرفه العراق، وتريدون التغيير والذي لا يحصل إلا بإزلتهم، أنتم تملكون القلم وأغلبكم جياع وهم يملكون كل انواع السلاح والاموال فكيف ستزيلونهم،الإنتخابات محسومة لهم، لذلك لا تعتبوا على الشباب الذين خرجوا وكإنهم من خرب السلم الأهلي ،فإن لم تستطيعوا أن تكونوا منهم فساندوهم ودافعوا عنهم وإن لم ترغبوا فلا تصفوهم بصفات سيئة.
شعار الحفاظ على السلم الأهلي يشابه، دون قصد من يتبناه على الأغلب، شعار الخوارج ( الحكم لله) والذي قال عنه الإمام علي ( كلمة حق يراد بها باطل).
الأيام حبلى بكثير من المفاجئات وجميعها في غير صالح العراقين .. حينئذ إقروا على السلم الأهلي السلام. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية