الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصاصات الليلة الساخنة

فاتن نور

2022 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كان من الأجدى جعلها ليلة ساخنة بالتلاحم لأداء صلاة الاستقساء. فهي صلاة واجبة على أهل الدين مع موجة الجفاف الزاحف على جسد الحياة بلا رادع!


كل الطرق مسدودة أمام ثورة الوعي، في المجتمعات التي غلقت نوافذها بوجه المعرفة الديناميكية. مجتمعات ما زالت ترى في الثابت أصالة، وفي المتحول قطيعة مع التراث وتفكّك، وفي رجل الدين وصاية السماء وقدسيتها.


كيفما جاء قرار المحكمة الاتحادية عن دعوى حل البرلمان، سيكون قراراً سياسياً بالدرجة الأولى -بحبكة دستورية أو قانونية- أما لصالح التهدئة المطلوبة من بعض القوى السياسية، أو لصالح التصعيد المنتظر من قوى أخرى لتشكيل الحكومة.
تبقى آلية حل البرلمان في الدستور العراقي آلية نظرية بحتة، لا تدخل ضمن نطاق الآليات العملية التي تحقق التوازن المطلوب عادة بين السلطات في الأنظمة البرلمانية أو النيابية العالمية.
فالدستور العراقي لعام 2005 الفقرة 64 أعطى السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان "الحق المطلق" في أن تكون خصماً وحكماً على نفسها، وأن توافق بأغلبيتها المطلقة على حل نفسها بنفسها وفق احدى الآليتين المذكورتين في نص الفقرة ( الآلية الوزارية والآلية البرلمانية). فمن الناحية العملية-التطبيقية، يخلو الدستور العراقي في الحقيقة من أي آلية فعلية يمكن توظيفها لحل البرلمان. حتى الآلية الوزارية جاءت مقيدة بـ "حق البرلمان المطلق" المخل بالتوازن المنشود بين السلطات.
الفقرة التعجيزية آنفة الذكر وغيرها من الفقرات الخلافية والمتناقضة، هي مجرد حبر عقيم سكب بعجالة على ورق أصفر.

المضحك المبكي وحالة ما يعرف بـ "الانسداد السياسي" أن يعطي الدستور هذا الحق المطلق لبرلمان معطل، عجز عن تشكيل حكومة ضمن المدة الدستورية المحددة بـ 90 يوماً. ومع افتقار الدستور إلى آليات بديلة للخروج من مآزق الأحوال الاستثنائية، تبقى قضية حل البرلمان لعبة سياسية مفتوحة للاجتهاد والمساومة.


قبيل تاريخ العنعنات، شاع الأثم الكبير،"الخلط المفتعل" بين الفتنة والخروج على الحاكم الظالم. وعاظ السلاطين ما انفكوا يسعون لتغييب الحدود الفاصلة بين الإثنين وفق ما تقتضيه المصالح الضيقة. منهم من يقول، أن من يخرج على حاكم فهو باغ. وآخر يرى أن لا ثورة ملزمة بلا إمام معصوم. وعلى مر التاريخ لا تتبدل هذه العقول منتهية الصلاحية. لكن ما يزال أصحابها يرطنون بآية نزلت على اسلافهم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً.. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..


يتكرر ذكر الجنة والنار والأئمة وما إليه من أمور الدين والتاريخ، في تصريحات سياسية تتعاطى مع مرحلة مصيرية معقدة في الألفية الثالثة!
للإسلام السياسي لغة هجينة نزقة، تؤجج العواطف. وسياسيو مراحله الفاشلة، لا ينحرفون عن التمسح بالدين مهما انحرفوا، ولا يكفّون عن التبجح برموزهم مهما فسدوا وخرجوا عن نهجهم .


انتهى عام التغيير قبل نهاية العام، انتهت فوازير الإصلاح الرباني. سيعود الفاشلون إلى عراء مجلسهم مدججين بالأطماع، لمزاولة المزيد من الفشل والثراء.
وفي قول الرئيس بعد الليلة الساخنة "لا شرعية لأي عملية سياسية لا تعمل على تحقيق متطلبات الناس" اعتراف ضمني بعدم شرعية العملية السياسية لفشلها طيلة عقدين من الزمن، كونها عمدت لتحقيق مصالح أطرافها وإهمال مصالح الناس بشكل سافر. والسؤال، متى يأخذ الشعب حقه المشروع أو ينتزعه مما نهبه الفاشلون، وربعه يعيش معاناته الطويلة تحت خط الفقر؟



(( قالوا له اترك فترك ))
رجل الدين قد يخذل الأتباع، فهو لا يملك إرادته.. لأنه تابع بدوره لإرادة مرجعه الأكبر0
رجل الدين قد يثور لصالح أمة عقائدية، فالهوية الدينية عنده أسمى من الهوية الوطنية وأوجب.
رجل الدين ممكن أن يفتك بأتباعه، بتوجيه البوصلة إلى إتجاه مناهض لتطلعاتهم.

رجل الدين قد يتذاكى بنفس إسلوب نظرية -التأطير- للسياسي النازي بول غوبلز، وهو اسلوب مفخخ بالخداع للسيطرة على العقول والوعي، وحصر تفكير المقابل بمصيدة المعروض من الخيارات؛ كأن يخيّر أتباعه بين الفساد والفوضى. مع أن الفساد هو الأبن الشرعي للفوضى والعكس صحيح. أو بين الفساد والفساد مع العنف. مع أن العنف حليف الفساد دائماً ونصير الأنظمة الفاسدة الجائرة. المكسب المتحقق من هكذا طروحات منبريّة تعددت حقولها، هو حماية فساد السلطتين الدينية والسياسية من مغبّة الغضب الجماهيري العارم.


الإصلاح لا يخرج من ستر عمامة. الإصلاح إرادة حرة، وحراك وطني حثيث وكفاح مستمر.
والثورة الحقيقية التي يفجّرها الوعي الجمعي لا يمكن أن تنتهي بكلمة أو سبابة. ولا مجال لمقارنتها بالفتوّات الاستعراضية لأحزاب إنتهازية، وكتل سياسية مجمل ثقلها عنف وفساد.
السبيل الوحيد لتحرير أي بلد يرزح تحت وطأة سلطات قبلية ميليشياوية متناحرة، هو النضال لتثوير الوعي أولاً، والحراك الوطني المنظم والتضحيات البطولية. لكنه سبيل محفوف بمخاطر التأويل المنفلت. فمن السهولة تأويله تحت مظلة الإسلام السياسي إلى فتنة كبرى، وكسب مغانم حقن الدماء. أو تأويله إلى كفر وتكفير لسفك دماء المناضلين.
وتبقى ثورة الشعب المقهور مؤجلة، تتوسل قيادة وطنية واعية، تتمتع ببصيرة مدنية ثاقبة وتوازن نفسيّ. وتترفع عن هدر الوقت باللغو العاطفي والتعلل بالأنساب والوقائع التاريخية.


إنه لمن المحزن هذا التدمير الذاتي للفرص النادرة. لكننا مدمنون على تدمير الذات منذ نعومة أظفارنا. تباً للمعرفة التلقينية والطاعة العمياء.


المدججون بالسلاح يتحدثون عن السلميّة بشراهة. والبعض يتوخى التوبة عن حمل السلاح وهو في أوج التشبث به.
حصر السلاح بيد الدولة وخفض قيمة الدولار، أول خطوة جيدة لتجسير الثقة بين الدولة والمواطن. لكنها خطوة منسيّة مع سبق الإصرار والتخوّف من الميليشيات والمافيات المسلحة، التي تشكل العمود الفقري لعملية سياسية بوصلتها خارج جغرافيا البلد.


سيرتب الفاسدون أمور فسادهم بحذر أشد في الجولة القادمة. فطنوا مؤخراً على أهمية حكمة شعبية تقول (الحيطان لها آذان) وسيغدقون على سلامتهم وترف عيشهم بلؤم ونديّة، تيمناً بمقولة أخرى تقول (اللي اختشوا ماتوا)


الوعود الكثيرة غالباً ما يكون مصيرها التهميش والإهمال، خصوصاً إذا جاءت من قوى سياسية فارغة، لا تعنى بعلم القانون والسياسة، ولا هامش في أجنداتها للمواطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح