الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إخلاء المنطقة الخضراء من الميليشيات

عباس منعثر
شاعر وكاتب مسرحي عراقي

(Abbas Amnathar)

2022 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


مايكل نايتس / ترجمة عباس منعثر
(وحدات الحشد الشعبي المدعومة من ايران أطلقت النار أولاً في مواجهات الثلاثاء (30 آب 2022)، لذا لا يجب ان يناط بها الأمن الخاص بالمنطقة الحكومية)

في التاسع والعشرين وفي الثلاثين من آب 2022، فتح مقاتلو مقتدى الصدر رشقات هائلة من الرصاص بالإضافة الى قذائف الهاون والصواريخ على المنطقة الدولية، وهي مكان الوزارات والسفارات الأجنبية. ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن الحقيقة، وهي: في وقت سابق من اليوم، كانت قد أطلقت الميليشيات المدعومة من إيران النار بالقرب من القصر الجمهوري على جمهور التيار الصدري المنتفضون غير المسلحين وقتها، مما دفعهم إلى التراجع، وتجهيز انفسهم بالأسلحة والرد بعد ذلك على مصدر النار بأسلحة ثقيلة. بعد وقوع الاشتباك، أمر الصدر جميع مؤيديه بمغادرة المكان، لكن ينبغي على الولايات المتحدة وشركائها حث بغداد على إخلاء جميع الميليشيات، حتى تلك التي تتنكر بزيّ وحدات تديرها الحكومة.

كيف ظهر العنف؟
في التاسع والعشرين من آب، اقترب الصدريون - الذين شقوا طريقهم إلى المنطقة الدولية والقصر الجمهوري للمرة الأولى بعد سلسلة من الاحتجاجات وأفعال الغوغاء في الأسابيع الأخيرة. يقع القصر في قلب المنطقة، وهو في الغالب موقع معنوي ورمزي لاستقبال كبار الشخصيات الأجنبية، على الرغم من القيام ببعض الوظائف الحكومية في مكاتبه العديدة. من المعروف أن منطقة القصر والشوارع المجاورة هي مكان لمكاتب وثكنات للميليشيات المدعومة من إيران مثل كتائب حزب الله، والعصائب، وحركة النجباء - وهي جماعات مصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وتتنكر بهيئة حكومية من ضمن الحشد الشعبي، رغم انها خارج سيطرة الحكومة. عندما بدأ الصدريون مهاجمة المنطقة بالنار الكثيف، فتحت وحدات الحشد الشعبي النار وأعادتهم إلى المداخل الشمالية للمنطقة الدولية.

ولسوء الحظ، بمجرد أن تحشدت قوات الصدر من جديد وبدأت في إطلاق النار مرة أخرى على المنطقة الدولية، كان رجال الأمن الحقيقيون من القوات العراقية المتواجدة ضمن الأهداف المكشوفة. وكرّدٍ على ذلك، أظهرت القوات الأمنية مستوى عالٍ من ضبط النفس بحيث لم تتستخد النيران المضادة القاتلة من جانبها، فهي تعمل تحت السيطرة المباشرة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في قيادة العمليات المشتركة. مع ذلك، استمر القناصة من وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران في مهاجمة الصدريين، الذين توقفوا عن اطلاق النار. وما ان حلّ الليل، حتى سادت الفوضى الكاملة، وخرجت جماهير التيار الصدري عن السيطرة تماماً وقصفت المنطقة الدولية بنيران المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية. ومع انجلاء الغبار، لقي عشرات الصدريين حتفهم ونحو نفس العدد من قوى الأمن الداخلي، بما في ذلك ستة أعضاء من الحشد الشعبي المدعومة من إيران.

استقرار العراق يعتمد على مركز حكومي مستقر
أثناء المواجهة، التزم الامن الداخلي بالاوامر باستثناء عنصر واحد: قوات الحشد الشعبي. بشكل عام فإن الميليشيات التابعة للصدر أو التي تدعمها إيران لا تلتزم بأوامر رئيس الوزراء ولا بتعليمات قيادة العمليات المشتركة. في هذه المرة، بدأت جهة واحدة هي مقاتلو الحشد الشعبي المدعومة ايرانياً باستخدام الذخيرة الحية ضد المدنيين العزّل داخل المنطقة الخضراء. هذا الحادث بتفاصيله يدعو الى إخراج جميع وحدات الحشد الشعبي من المنطقة ليس فقط لسلامة الحكومة العراقية، ولكن لسلامة السلك الدبلوماسي الأجنبي المتواجد هناك كذلك.

تمّثل هذه القضيةُ معضلةً للحكومة العراقية منذ سنوات. أنّ تقدير عدد عناصر ميليشيا الحشد الشعبي داخل المنطقة يتراوح بين 500 الى 10000 عنصر، ومن المحتمل أن يتغير الرقم صعوداً ونزولاً حسب الظروف. لقد تمّ تقليص وجودهم بجهود من الكاظمي وأثناء فترته، إلى جانب تقليص امكانياتهم خاصة الأسلحة الثقيلة داخل المنطقة (مثلا، المدافع المضادة للطائرات عيار 23 ملم) وكذلك الحرية الممنوحة لهم في تعزيز القوات هناك حسب الرغبة. كحقيقة، وفي الأيام الماضية كان يمكن لقوى الأمن الداخلي أن تمنع تعزيز عديدهم في المنطقة الدولية أثناء حالات الطوارئ. رغم ذلك، يُظهر الاشتباك الحاصل أنه حتى مجموعة قليلة العدد من الحشد الشعبي يمكن أن تتسبب في فوضى وأضرار كبيرة، وبما يؤثر سلباً على علاقات العراق الدولية. وبسبب عناصر الحشد الشعبي غير المنضبطة، اندلعت مواجهة شاملة لليلة واحدة في قلب المنطقة الدولية، مما أدى إلى إعادة أجواء الحرب الأهلية مرة أخرى.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الحشد الشعبي نفوذه بشكل سيء داخل المنطقة الخضراء، فقد قام الإرهابيون المدعومون من إيران والذين يتنكرون بزي مقاتلين حكوميين بالتحريض والاستمكان لشن هجمات ضد السفارتين الأمريكية والبريطانية وضد مسؤولين عراقيين، بما في ذلك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. كمثال: محاولة اجتياح السفارة الأمريكية في كانون الأول من العام 2019، وقد وصل فيه العراق الى حافة معركة مدمرة. مثال آخر لتجاوزات الحشد المدعوم إيرانياً: محاصرة منزل الكاظمي في المنطقة الدولية في شهر حزيران عام 2020 وضربه بطائرة مسيرة ليلاً في تشرين الثاني عام 2021.

لربما يكون الصدر قد تعلّم درساً هذا الأسبوع: إن ضحايا الأمن الداخلي هم لطخة فظيعة ووصمة عار بصرف النظر عن السياق الذي تمّ فيه إطلاق النار. انصار الصدر انسحبوا بأمرٍ منه، لكن الإرهابيين المدعومين ايرانياً والذين يسيطرون على الحشد الشعبي لم يتحملوا أيّ عواقب حتى الآن جرّاء ما حصل من قبيل سحب بعض عناصرهم، فهم على العكس سيبقون في قلب المركز الحكومي، ولم تصدر أي أوامر بإخراجهم من المنطقة الدولية.

من الآن فصاعداً، فإن على الكاظمي وقواته الأمنية، بما يتمتع به من سلطة وما يمتلكه من واجب أخلاقي، أن يطالب جميع الميليشيات والحمايايات الشخصية الضخمة جداً بمغادرة المنطقة الدولية، وينبغي على المسؤولين الأمريكيين حثّه على القيام بذلك. في الثلاثين من آب، وعد الكاظمي بالتحقيق في استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين من قبل "جماعات غير منضبطة" – كما يقول متحدث باسم الحشد الشعبي – لكنّ أحداً لم يلتفت اليه. إن اتخاذ الخطوة الأكبر لإزالة جميع الميليشيات من المنطقة الدولية سيقلل من خطر اندلاع معارك جديدة، مما يعطي المنطقة حصانة أمنية مسيطر عليها بشكل أكبر، الى أن يكون بالمستطاع استئصال السرطان (أي وجود المليشيات في المنطقة الدولية) الذي طال أمده والمؤثر بشكل فادح في استقرار الحكومة والأمن الدبلوماسي. وبغض النظر عن مستقبل الكاظمي السياسي، يتحتم على المجتمع الدولي أن يدفعه للفعل على اعتبار أن بإمكانه ترك سمعة طيبة وإرث دائم في مجال واحد أساسي وهو إنشاء مركز حكومي تسيطر عليه الحكومة. أما البديل عن ذلك، إذا فشلت الحكومة العراقية في الاستفادة من نداء الاستيقاظ هذا وتترك المحرضين على الحرب الاهلية في أماكانهم، فإن ذلك سيكون إشارة أخرى على حكومة ضعيفة وشركاء غائبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟