الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث بغداد

احمد ابو ماجن
شاعر وكاتب

(Ahmed Abo Magen)

2022 / 9 / 3
الادب والفن


قِفْ ببغدادَ ونُحْ نوحَ الحمامِ
بُهُـــدوءٍ، وَدَمـــوعٍ، وَضِـــرامِ

وَابتعدْ عن قَولِ شَيءٍ في سَناها
- خشيةً - يَجرحُها بَعضُ الكَلامِ

وَتَخفَّى عن عيــونٍ كانَ فيها
فوحُ بستــانٍ بأزهــارِ الهُيــامِ

لَم تعُدْ بَغدادُ للدنيــا شعــوراً
يُنبضُ العُشاقَ شعراً بانتظـامِ

أمستِ اليومَ عجوزاً ثارَ فيها
مَرضٌ يرتعُ في بَحـرِ الحَـرامِ

تَرتدي الخَوفَ نِقابـاً مَشرقيـاً
هي من خاطتهُ من صوفِ الظلامِ

وعلى مَخــدعِها صُــرَّةُ حُلــمٍ
قد حَوتْ مِفتاحَ أبوابِ الغَرامِ

وَعلــــى جبهتِهــا لــؤلــؤُ حَــرٍّ
وَحِكايــاتٌ عـن البـَــدرِ التمامِ

وَعنِ الجِسرِ الذي في ضِفتيهِ
مُلتقى شِعرٍ وعشـقٍ واحتلامِ

ظهرُها هـذا الـذي باحَ انحناءً
بعدمـا ضِيــقَ بأســـرارِ الأنـامِ

لَم أرَ الوشمَ سِوى رَسمِ زَمانٍ
قَالهُ التأريـخُ في وَجــهِ اللِئامِ

وَسَرى في كفِّها صَرخةَ غُــبنٍ
كــانَ قَد آثَــرَها هَتـكُ الغُــلامِ

مُقمرٌ في رأسِها شَيبٌ تَسامى
مِثلما كانتْ لَيـــالي الابتســامِ

هي تبكــي الآنَ وَالدمعُ نُهيــرٌ
تـائِــهٌ بيــنَ دَهـــاليزِ الزِّحـــامِ

يتنامى فـــوقَ كفيـــها دعـــاءٌ
ربنا فــرّج لنا فــي كلِّ عـَــــامِ

وهيَ تدري إنما الحزنٌ طـويلٌ
ثَائِــرُ الشــكِّ، قَليـــلُ الاهتمامِ

قِفْ ببغدادَ وصــلِّ رَشقتيــــنِ
من دُموعِ ساءَها وَهنُ السَـنامِ

وَابكها لــؤلــؤَكَ الذاوي بِصــدرٍ
ثمَّ قبِّلهــا وَسِـــرْ نَحـــوَ الأمـامِ

واستعذ بالأمسِ من جُورِ زمانٍ
ثرَّ في حَاضرِها جِيــفَ الحُطامِ

كـلُّ من خــانَ نَوايــاها بِقــــولٍ
سَيرى الغُـــصَّةَ في عِـــزِّ المَنامِ

عَطِشاً يَبقى وإن سَــفَّ مُحيطاً
جَائِعاً يلتــاثُ مـن غَيــرِ طَــعامِ

يأكــلُ العَــارُ وجوهاً كـانَ فيـها
يلعــبُ الحِقدُ بِتبديــلِ الأسامي

ونرى بَغـدادَ من بَــعدِ اضطرابٍ
تُرفدُ الكـــونَ بريــحٍ من نِظـــامِ

جَلستْ في الحُزنِ قالوا، ونسوا
هيَ من قامــتْ بتشريــعِ القِيامِ

هيَ من أرسـتْ يَنابيـــعَ شـذاها
قِبلةً يَقصِــــدُها قَلـــبُ الكِـــرامِ

ما جَنى تُفاحَــها ثـَــوبٌ شَفيـفٌ
يتوخّى اللمسَ، من دونِ المُدامِ

أو سَــرى فيــها ظَــلامٌ مَـقطعيٌّ
دونَ أن يُضعِفَ ترهيــبَ الغَمامِ

فَحوتْ ما قد حَوتْ من طَيفِ أُنسٍ
كانَ دَهــراً لائِذاً تحــتَ الخيامِ

خبأتْ مَخبأَهــا فــي كــلِّ عَينٍ
آمنتْ بالحبِّ فـي ليــلِ الحَرامِ

هي أزكى من رحيـقٍ كـانَ فيها
لم يَذقْ شـاربُــها طَعـمَ المَــلامِ

جَمــعَ الدهــرُ بهـا أيــاتِ حُسنٍ
جَـنَّـةٌ يَشتـاقُــها بَــوحُ المَـــرامِ

في مَرايـــاها أنعكــاسٌ للثريــا
والثَرى فيها رأى عُمقَ التسامي

نَادتِ الشمــسَ بِعينيــها : تعالي
وعلى صَدري بِدفءِ الحبِّ نَامي

وتغطّــتْ بِـحَنــانٍ سَــرمـــديٍّ
عَالقٍ في كفِّــها من ألــفِ عَامِ

هـيَ أمٌّ وأبٌ بَــل هــيَ كـــونٌ
فَارِهاتٌ فيـهِ أغصــانُ السَلامِ

لَم يَــرِدها ظامــئٌ إلا وينــسى
كيفَ كانَ قبلَ هذا الحِينِ ظَامي

طفلــةٌ أرواحُنا تَـــرتـــعُ فيـــها
لَم يَزُرها غَفلــةً عَصرُ الفِطــامِ

وَتَوخينا ابتعـــاداً قَــد يَــرانــا
عُرضةً للحبسِ في جُبِّ الحُسامِ

قِفْ بِبغـدادَ فــإنَّ العَزفَ فيــها
ثائِــرُ النغمـةِ من غَيــرِ انهــزامِ

يتجلَّــى في نُفــوسٍ مُحرَقاتٍ
صَــرخَ الآنَ كـ حُــرٍّ ما اتهـامي؟

أينَ ماكنـــتُ له أفنيتُ عُمـري
كي أرى الناعينَ في كلِّ الترامي

وطني أنتِ وما في الأمـرِ شَكٌّ
سَتعــوديــنَ كمــا كنــتِ أمامي

كـلُّ خُبــثٍ زَائِـــلٌ والعِــطرُ آتٍ
وسنا مَجديـكِ يا بغــدادُ نَـامي

سَتقولينَ: لمــنْ يَـبقــى العِـراقُ
وتُجيبينَ: - لنفسي- في الخِتامِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??