الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصري محمد خضير

محمد الأحمد

2022 / 9 / 3
الادب والفن


البَصَرّيُّ مُحَمَّد خُضير
ربما دقيقة واحدة يمكنني فيها ان أنال شرف الاحتفاء بهذه القامة البهيّة وأُلفت انتباهكم – كباحثين - لأمر أراه مهماً على المستوى العلمي. اذ لا أميل الى الاستعراض بحجّة العارف، ولكني أمهد للعارف بأنها إشارة تستحق الوقوف..
لم اعهده قصاصا او روائيا؛ بل "بورخسيا قديرا" بمعنى انه يكتب قطعا سردية مُمتعة، مُتقنة التفاصيل وأحيانا فيها إشارات الى كتب ومفاهيم مرت بالقرب منه، فالتقطها بحسّ عالٍ، اذ تميزه عن غيره كمثقف فاعل مبتكر، له وجه واحد.. متشبّع بالضوء، حاد، وتعهد ضوءه طاغ على السردية العراقية، ولو صنفته - بين جنس القصص والروايات لما نصفته.. انها كتابة - أذكى من كلّ ذلك بكثير.
عهدته من بين أكبر القامات العراقية التي تلمُّ بمعرفة الكتب. ويوازي البستاني "بورخس" في معرفته بكتب الأنسانية - (القاص، والرّوائي، والشاعر، والمترجم الذي طبّقت شهرته الآفاق نظراً لخصوصيات إبداعاته، وتفرّد نوعيّة عطاءاته، وتفتّق عبقرية على الرّغم من عاهة العَمىَ التي أصيب بها منذ نعومة أظفاره، وصغر سنّه. لاحظوا معي كيف يغطيه في أحد النصوص رسائل من مدار السرطان (بهرهُ النظام المتكامل للكون المكتبي، النظيرُ لكون المعجزات والنبوءات غير المفهرَس في كتابٍ بشري، فلما خاب سعيه في الاهتداء بين آلاف الرفوف من الكتب المصنَّفة، وغير المصنَّفة) -
ذلك البصريُّ المُتَبَصِرْ فيما يجري من حوله. يدقق في التفاصيل، وهو يحمل كاميرته السردية، يذكرني بمحفوظ وهو يراقب كل ركاب القطار، كل واحد منهم على حدة. يتنقل في تفاصيل الملابس ولا يفوته ان يذكر تلك الرائحة التي تفوح من الناس المتعبة المسحوقة.. محمد خضير رأيته يميل الى زرقة الماء كفنان تشكيلي، ويأخذنا مع ذلك الجندي الذي يأخذه الموج ثم المد والجزر بين هزائم الذكريات (كما فعلها في نص وصية جندي)- (بالمناسبة سألته ذات مرة عن نصه المذهل هذا – ان كان قد نشره في كتاب ام لا؟).. انه يكتب بريشة مُغطسة بحبر ملح الخليج، تخط بتناوب ما بين الساحل التجاري للميناء، وقبعة الولدُ الدقيق النظر، القارئ الثاقب، صاحب المرقاب الذي يطلّ على موانئ الكوكب الأرضي في كل ما قرأ، ويقرأ..
على فكرة: كبيرنا - كما اسلف الأستاذة من قبلي - لم يكتب القصّة كقصّة كما نعرفها، ولم يجرب الرواية أصلا، ومع ذلك أنه أسعدَ بكتاباته الكثيرين من المعجبين والعاشقين للأدب الرفيع، والوالهين بالإبداع الراقي البديع، الذي لا تحدّه حدود، وحلّق بنا الى الآفاق الشاسعة، بالخيال المجنّح، الضارب في أعماق التاريخ، والسّابح بين بواطن كتب الخرافات، والأساطير، والغرائبيات العجيبة، والنايات الجميلة التي تتميّز بها كتابات هذا القارئ الحصيف.
اقصد بـ التقانات المهمة وهي التي يتمّ من خلالها معيار التجنيس النقدي للعمل الأدبي.
ولن يشفع (التجنيس المصنّف على غلاف المطبوع)؛ كذلك في ذات الوقت نفسه لا يمكننا اقصاء محتواه المشوّق، بفرض ان الاعتبار الـفني للنص ترتسم ملامحه عبر تلك التقانات، داخل المتن، بمثابة شروط مهمة هي التي تجنس العمل السردي، وتبويبه الى رفوف المكتبة كـ"رواية"/ "قصة" أو شيء آخر. فـ(التخصص له منافع عديدة. فهو يسمح باكتشاف أعمق وتجارب أعظم وأكبر، وهو محرك التقدم والتنمية) - (لقاء مع الروائي "ماريو بارغاس يوسا" من إجابة له عن " لماذا نقرأ الأدب؟")..
هكذا هي الحياة وارجوا منكم أن تقبلوا فائق شكري لحسن الاستماع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا