الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للظلامية و نفي العقل و عصابات النكوص إلى دهاليز الماضي السحيق...!

عمران مختار حاضري

2022 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لا للظلامية و نفي العقل و عصابات النكوص إلى دهاليز الماضي السحيق ...!

* حاضرَ الداعية الإسلاموي المتطرف شريف طه يونس ، القيادي في حزب النور السلفي المصري و ذلك يوم السبت 20 / 8/ 2022 بقصر العلوم بالمنستير و هو مرفق عمومي يرجع بالنظر إلى وزارة التعليم العالي و هي خطوة أخرى لم تقطع مع توافد دعاة تكفيريين أمثال العريفي و وجدي غنيم و غيرهما الذين استجلبتهم حركة النهضة الإخوانية فترة حكمها و هاهي نفس الممارسة تتجدد في ظل حكم الرئيس سعيد الشعبوي المحافظ على إيقاع دستوره الذي ينص على مقاصد الاسلام و تربية الناشئة على تعاليم الدين...! فضلاً عن عدم التنصيص على مدنية الدولة و إلغاء خطة "مفتي الجمهورية " ربما تمهيداً لإحداث هيكل "مجلس إسلامي " أو ما شابه ذلك في إنتظار صدور القوانين المتسقة مع روح دستور الأمر الواقع و ما تضمنته بعض الفصول ما قبل حداثية و المهددة جدياً لهامش الحرية المحدود و مخاطر الارتداد على بعض المكاسب التحديثية النسبية كمجلة الأحوال الشخصية و الاختلاط في التعليم و الفضاء العام و التي تحققت رغم محدوديتها و الحاجة الماسة إلى التحيين و التطوير بفضل تضحيات أجيال على امتداد عقود من الزمن ...!
*هذا التمشي في لوثة الوعي و نفي العقل و النكوص إلى دهاليز الماضي السحيق، يعكس إلى حد كبير هشاشة البديل الحداثي الديموقراطي الحقيقي و تخلف مناهج التعليم و عدم علمنتها و دمقرطتها و هشاشة التربية على النقد العلمي كما هشاشة البرامج الدراسية و بخاصةً شبه غياب الفلسفة التنويرية العقلانية...! فالتعليم العصري يعد من أهم الأسلحة في مواجهة اللاعقل المقدس و الجهل المكدس، بالتالي
لابد من العودة على سبيل المثال، إلى ابن رشد و المعري و إبن المقفع وطه حسين و نجيب محفوظ و غيرهم من الاعلام العقلانية ... إلى جانب ديكارت وكانط و روسو و فولتير وجون لوك و ماركس ،،، الى مدارسنا وجامعاتنا عسانا نغالب طوفان الجهل المكدس الذي اجتاح وطننا ... !
* نحن نعتقد بوجود "متأسلمين" أكثر وضوحاً و تجليا من المسلمين ، فالدين الاسلامي منذ اقحامه في السياسة بدأ تدريجياً يفقد صبغته الروحية و المعنوية و اصبح دين مغانم و مآرب ،،، لا تنتمي إليه غالبية الناس اقتناعا بل اصطناعا و تظاهرا و من هنا كلمة " التأسلم"التي تختزل السعي إلى التوظيف و تحقيق الغاية بدل الايمان... فضلاً عن عملية " البرجزة" التي داخلت عملية " الأسلمة" ليتسلل الخطاب من المساجد و دور العبادة ، ليسوّق في "السوق الكبير" ناهيك عن التيارات السياسية الشعبوية المحافظة كالتي تشهدها تونس حاليا و التي تبدت في تناغم و اتساق مع هذه الظاهرة سعيا وراء السلطة و التمدد شعبيا و لو اختلفت زوايا النظر بين الاسلامويين و المحافظين بمختلف تمثلاتهم فمشروع الرئيس سعيد الشعبوي النيوليبرالي التبعي المحافظ لا يشكل بديلاً لا سياسياً و لا طبقيا عن مشروع الاسلام الإخواني الذي بدأ يتهاوى و انتحر على اسوار سوريا و بغداد و بدأ زوال سحره الخادع من وجدان البسطاء... بل هو وجه آخر و ثورة في الإسلام السياسي الحديث ...! هناك عدة أمثلة تشكل هذا البعد الطبقي "المتبرجز" مثل " جماعة نمور الاناظول" بتركيا كما إنتشار "التجارة الحلال" و " السياحة الحلال" في عدة بلدان عربية و إسلامية و من بينها تونس...! و لا خيار أمام الأطياف الوطنية التقدمية الناهضة و الديموقراطية الاجتماعية و الحداثية الحقيقية غير التشاور و التناقش و تجاوز العفوية و الشخوص و التشتت و وعي اللحظة الفارقة و تحدياتها من أجل بلورة رؤية استراتيجية بديلة واضحة المعالم و تشييد قطب تقدمي ديموقراطي تحرري على نفس المسافة من قطب بقايا النظام القديم و قطب الاسلام السياسي الإخواني كما قطب الشعبوية الطوباوية اليمينية المحافظة...!
* أما تراثنا فيتطلب تجاوز التأجيل السيء لدراسته علمياً بنظرة حداثية تقدمية عمادها العقل و الحرية و معرفته في ضوء النقد العلمي و حسم إشكالية " المواءمة العبثية بين التراث و المعاصرة في سياق التقدم العلمي و التاريخي و القيم الإنسانية الكونية خارج التلفيق و اللخبطة و "الانتهازية الحضارية" التي تأخذ من الحداثة ثمارها و ترفض جوهرها المتمثل في الحرية و العقل ...!
* فالمجتمع الذي لا يفكر و لا ينتج أفكارا معروضة للنقاش، عادة ما تكون فيه الأفكار مقدسة أو شبه مقدسة و يكون بؤرة للركود و الانحطاط و تربة خصبة لنشوء نماذج من أشباه المثقفين و التجار الدينيين و الحداثيين المزيفين و الشعبويين المحافظين و الإعلاميين المضللين و شعبا مغيبا سليب الإرادة و مرتعا للأفكار الغبية و مجلبة للهزائم و انتهاك السيادة...!
* كلما ارتقى الإنسان بعقله كلما تراجعت انتماءاته الضيقة للعرق و الدين و القبيلة و اصبح أقرب إلى الإنسانية الراقية حيث يصنف الناس حسب سلوكياتهم المواطنية المتحضرة و أخلاقهم الاجتماعية العقلانية و مواقفهم الإنسانية الراقية المحمولة بقيم الحرية والعدالة و المساواة و الحب والجمال و الإبداع بوجه كافة أشكال التبعية و الظلامية و العدمية و الإستبداد المتدثر بحداثة زائفة و بفقه الآيات و قمع البوليس و جزمة الجنرالات ...!

عمران حاضري
23/8/2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت