الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملف الأجور والمرتبات في مصر

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2022 / 9 / 4
الادارة و الاقتصاد


إن ملف الأجور والمرتبات لهو حقيقة أهم ملف يجب أن تضعه الحكومة المصرية على رأس أولوياتها ، وتعمل بشكل جدي وحقيقي على دفعه نحو التغيير إلى مستوى يليق فعلآ بتوفير حياة كريمة للمواطنين تدفعهم للعمل وتطوير الانتاجية والإبداع بعيدآ عن التجاهل الحكومي واهدار الموارد على مشروعات لا أولوية لها ولا قدرة للمواطن على الاستفادة منها لضعف الدخول وتركز الثروة في أيدي قلة قليلة من الشعب .

ان استمرار الوضع على نهجه الحالي الموروث من السبعينيات بتجاهل هذا الملف أوصلنا هذه لنشهد الكارثة التي نعانيها ، بتدهور ترتيبنا على سلم الأجور والمرتبات لمستويات سحيقة الخيبة يبكيها الرثاء .

خاصة بعد أن أصبحت دولآ كثير منها على مستوى المنطقة الاقليمية والعالم توفر لمواطنيها مستويات أعلى من الأجور والمرتبات والخدمات على الرغم أنها أقل من مصر في الموارد والامكانيات ، وذلك بوصول متوسط الرواتب في مصر الى هذا المستوى المزري البالغ ٢٢٠ دولارآ شهريآ ولا زال هناك كثيرون من المصريين يتقاضون أقل من ذلك وفي ظل ظروف عمل لا تقل سوءآ وضغطآ عليهم ، مقارنة بفوارق ضخمة مع الإمارات التي وصل بها منوسط الرواتب الى مستوى ٣٧٠٠ دولارآ شهريآ بل وفي ظل ظروف عمل تفوق مثيلاتها المصرية بمراحل ، ومرورآ بفلسطين التي بلغ بها متوسط الرواتب ليسجل مستوى ٨٠٠ دولارآ شهريآ أي تقريبآ أربعة أضعاف نظيره المصري .

إن الحكومة المصرية ترفض الاعتراف أن ملف الأجور والمرتبات وتحديد هوامش الربحية وتسعير السلع الأساسية هو أهم الملفات بل هو الأساس لنجاح بقية الملفات في الإسكان والتجارة والسياحة والصناعة وغيرهم من المجالات التي يراكم السواد الأعظم من أصحابها الثروات المهولة على حساب عمالهم وموظفيهم وعلى حساب المستهلكين كذلك بهوامش ربحية مبالغ فيها جدآ .

وهو الملف الذي سيوفر قوى الطلب الفاعلة والفعالة لتحقيق تقدم ونجاحات في كافة المشاريع التي تقوم بها الحكومة المصرية والقطاعين العام والخاص ويخفض من فاتورة الدعم ويدفع مستويات التنمية لآفاق جديدة بدعم كذلك من توفير شهادة استثمار خاصة تعرف باسم شهادة الفراعنة في مختلف البنوك المصرية بفائدة حوالي ١٥٪ للأفراد المصريين فقط بحد أقصى ١٥ مليون جنيه لمدة عشر سنوات ، توفر الأمان للجميع من منتجين وتجار ومستهلكين ، تجعلهم أكثر أريحية في الالتزام بهوامش ربحية معقولة وتوفر عائدا قادرآ على رفع مستويات االمعيشة والقدرة على الإنفاق ، مع تخفيض الفوائد على الايداعات والحسابات الأخرى لموازنة التكلفة المصرفية .

لذا وجب الاهتمام الحقيقي بهذا الملف بعيدآ عن شِباك الحجج الواهية والتصريحات المسمومة من قبيل الزيادة السكانية وضعف الإنتاجية ....الخ من كلمات وتصريحات تداري عجزآ وتفضح فكرآ غارقآ في الفقر والضعف ، في مزاوجة يندر وقوعها في العالم حيث يتزاوج فقر الفكر مع فكر الفقر .

فلابد من التخلص من هكذا أفكار وسياسات وحلول معلبة لا تخرج إلا من أكاديميين لا يعياشون الواقع العملي أو يفهمونه على النحو الواقعي الأمثل ، هذا إن أرادت الحكومة أن تعمل لتحقيق رفعآ حقيقيآ لمستويات المعيشة يمكن المواطنين من الإبداع والتطوير ومزيدآ من العمل و القدرة على الانفاق والاستهلاك الجيد مما يدفع مؤشرات النشاط الاقتصادي للارتفاع والتطور وتحقيق الاستقرار الاجتماعي واالاقتصادي وتقليل الفوارق بين الطبقات .

حيث أن الأغلبية العظمى من أصحاب الأعمال يدفعون مرتبات وأجور زهيدة مقابل مراكمة أرباح مهولة وفوائض مالية ضخمة تنعكس على مزيد من التعميق للفوارق الطبقية بين من يملكون كل شئ ومن يلهثون لتدبير أبسط الإحتياجات الأساسية ،

هذا بالإضافة للمرتبات الحكومية الزهيدة الغير مرتبطة بواقع السياسات الحكومية الفاشلة التي تتسبب في ارتفاع الأسعار وانهيار الجنيه والتي تدفع كذلك كثيرآ من الموظفين دفعآ الى الرشوة والفساد وضعف الانتاجية .

يضاف الى كل ما سبق الإصرار الحكومي على تعميق غياب العدالة الإجتماعية في مصر بفرض نظام ضريبي تصاعدي محابي للأثرياء بشكل فج ، فلا تصل الضريبة التصاعدية في أعلى درجات ومستويات الدخل في مصر عن ٢٥٪ ، والتي تصل في الدول التي تحرص حكوماتها على تحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء بمستويات معيشة شعبها وتقليل مستويات ديونها العامة الى مستوى ٥٥٪ .

ومع ذلك يمكن تصميم نظام ضريبي مصري يعمل على تشجيع الاستثمار ويضمن دعمآ لاعادة ضخ الأرباح في مشروعات جديدة مع رفع الحد الأقصى للضريبة التصاعدية الى٤٠٪ ، مع العمل على ضمان ألا يوجه أصحاب الأعمال هذا العبء الضريبي أو الاستقطاعات الضريبية على دخولهم الى المستهلكين عبر رفع أسعار منتجاتهم وخدماتهم أو حتى موظفيهم عبر تخفيض مرتباتهم .

هذا بالإضافة على ضرورة الإسراع باجراءات حازمة وصارمة بل تقييدية وجنائية على المتلاعبين ومعاونيهم ، وذلك في اطر سياسية و اقتصادية قانونية واجتماعية لادماج الاقتصاد الغير رسمي الذي يشكل قرابة ٥٠٪ من الاقتصاد المصري وادماجه بشكل رسمي وتحصيل الضرائب والرسوم عليه وضمان التزامه بمنظومة رسمية حديثة من الأجور والمرتبات وتحديد هوامش الربحية مما يرفع في النهاية من المستويات الكلية لمعيشة المصريين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع