الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن : سامي مهدي

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 9 / 5
الادب والفن


سامي مهدي

حين يموت اي نظام سياسي من انظمة الشرق الاوسط ، ( ولا يموت اي نظام منها الّا بالضربة القاضية ) ، فمن الضروري نقد فكرته الرئيسية التي قامت على اساس الزعم : بانه البديل الوطني للنظام السياسي السابق عليه . المقارنة مطلوبة وضرورية بين النظام السياسي الذي عاش فيه سامي مهدي مديراً عاماً ( وهو النظام السياسي الذي انتجته قرية العوجة ، وكان وزراء الوزارات السيادية في حكومته يديرها اخوان ، وأولاد اخوان الريّس ، وبين النظام السابق عليه وهو نظام احدى عشائر الأنبار . وكما قامت سلطة نظام العشيرة الانبارية ( نظام الأخوين عارف ) عن طريق الانقلاب العسكري : كذلك قام نظام قرية العوجة عن طريق الانقلاب العسكري . فنظام صدام حسين لم يكن في ارقى توصيف له الا نظام انقلاب عسكري ، وصل الى السلطة وفرض الامر الواقع بالدبابة والبندقية ، فهو لا يملك من الشرعية الا بيانه الانقلابي الاول الذي كتبه بنفسه ومنح لنفسه من خلاله : شرعية الحكم ...

وسامي مهدي كلّفَ نفسه او ( كلفه سواه ) بان يكون بوقَ هذه الفكرة على المستوى الادبي : ولكنه فشل في هذا الدور الوظيفي : ومثلما لم يستطع ان يتجاوز وعيه الشعري في ديوانه الاول : رماد الفجيعة 1966 ، كذلك لم يرتفع وعيه النقدي الى مستوى الموضوعات التي حاول نقدها ممثلة بأطروحات مجلة شعر وسواها ...

كان سامي مهدي ، يتصور - وهو يكتب : افق الحداثة وحداثة النمط 1988 - انه يمكن له ان يدحض روح العصر التي تسيّرها الحداثة بروح الانقلاب العسكري : التعبير الجديد عن الغزوة والغنيمة البدوية . وهكذا غرق سامي مهدي وأغرق معه الكثير من الشعراء والأدباء في بحر المفاهيم الرجعية كمفهوم الترييف ، ومفاهيم طائفية اخرى : دمرت مواهبهم الشعرية مثلما دمرت بناهم الفكرية ، فبعد عقدين من الزمن على توقيع سامي مهدي على البيان الشعري ، بما حواه من احلام طليعية ومغامِرة : اذ من غيرهما لا يظل مرتبطاً بالشعر من الاصوات غير صوت منشار الخشب . تمسك سامي مهدي بصوت المنشار - وتوجه به الى نقد الحداثة ( التي تساوي العقلانية والتاريخية ) في ارقى نماذجها ( ف العزاوي مع سركون بولص : عراقياً ، وأدونيس بعد كتابه الطليعي : الثابت والمتحول : عربياً ) لقد توجه لينقد المتغير بالمفهوم الثابت للأصالة . اي نقد الصيرورة بمفهوم الجواهر والهويات الثابتة . وتلك هي خطيئة الايدلوجيا القومية وسر فشلها في بناء دولة : المواطنة . لقد كلف سامي مهدي نفسه ، او كلفه سواه ، بنقد الحداثة انطلاقاً من ثوابت( نا ) القومية والدينية ، رغم ان الحداثة لم تنتم لاي ثابت قومي او ديني ، ان ثابتها الوحيد هو : التغير ...

كان البصريون اكثر انفتاحاً على ( الغرباء ) وعلى الريفيين اكثر من البغداديين ، وقد انعكس هذا الانفتاح بمعناه الحضاري على شعرائها : فأنتجت قريحة السياب : الأسلحة والأطفال وحفار القبور ، والمومس العمياء . وقد البس السياب هذا المعنى الانساني لأمكنة ارتفع بها الى مستوى الرمز المشع كجيكور وشناشيل ابنة الجلبي والخليج الضاج بالتناقضات : يا واهب اللؤلؤ والمحار .. والردى ) وعيون حبيبته في السحر ، رغم ان بغداد يختلط في اسواقها وأسواق الجملة فيها كل باعة المفرق من مختلف المدن والمحافظات ، ولكن البغادة لم يرتفع همهم الحضاري لأرقى من : تقليد ساستهم في بناء البيوت الاسطانبولية التي سموها تجاوزاً بالبيوت البغدادية : وغير تضايقهم الشديد من تعبير الناس خارج بغداد عن الحياة بلغة الحياة : اذ اصبح للجنوبيين لغة يتميزون بها ، وكانوا وما زالوا يعدونها التعبير الأسهل ( والرقي في السهولة دائماً وليس في التكلف ) . تضايقوا من لغة الجنوبيين ، ولم يتضايقوا مما اخترعوه من لغة خطابهم اليومي التي ابتدعوها ابتداعاً : اي انهم اختراعوا لغة تحررت من قواعد وأعراف ومعايير : اللغة الفصيحة التي لا بجيد التحدث بها حتى رئيس الدولة . الّا ان البغداديين ظلوا ينظرون الى الناس من خلال لغة خطابهم اليومي التي هي اكثر فصاحة في الإعراب عن حاجاتهم ورغباتهم واحلامهم من لغة لا يجيد التخاطب بها في اسواق : اكثر الناس اطلاعاً على قواميس اللغة الفصيحة ... وسامي مهدي الذي يعتز ببغداديته ، انما يعتز بهذا الوعي البغدادي العنصري في النظر الى سكنة المحافظات : وهذه النظرة العنصرية المركزية : هي في اصل معظم وعيه الشعري في قصائد ديوانه الاول ، وهي الانفعال الكبير الذي دفعه لهجاء الجنوبين في كل ما كتبه بعد 2003 ، واليكم هذا النموذج من قصائد ما بعد 2003 التي تفيض فاشستية وعنصرية ، وتسب الناس من خلال لغتهم :

الأدلاّء
مثل كلابٍ تتقدّم موكبَ سادتها الصيّادينْ
جاءوا مع أرتال الدباباتْ
بثيابِ أدلاّءَ ولباقةِ قوّادينْ
وقفوا يصطادون حيارى السيّاراتْ
_ قفْ !
من أنتْ ؟
وإلى أين تريدْ ؟
أرِنا ما تحملُ في هذا الصندوقْ !
_ جنازة !
_ يَنازه .. هل قلتَ : يَنازه ؟!
يتضاحك منتصراً ..
_ عدْ من حيث أتيتَ إذن !
عد ( يُبَه ) عد ( إيشْ يابَكْ لِهْني ؟! )
كانوا فرحينْ
كانوا وقحينْ
كانوا لا ريبَ ……. !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألبغادة يحبون حضيري ربما اكثر من البصرة
د. لبيب سلطان ( 2022 / 9 / 5 - 22:38 )
استاذنا العزيز
مقالتك عن الشاعر البعثي سامي مهدي هي تقييم واقعي ونظري قيم وهو كشاعر قومي اصبح شاعر سلطة وكأي شاعر مؤدلج ينتهي به المطاف للتسطير الشعري لأفكاره المؤدلجة وخصوصا للسلطة
ما اراه غريبا انكم تنسبون سامي مهدي الى بغداد والبغادة يعشقون قصائد مظفر النواب بلهجتها الجنوبية وهو بغدادي وعريان السيد خلف ويحب البغداديون حضيري ابو عزيز ربما اكثر من البصرة ربما كونه مألوفا في الناصرية والبصرة ولكن في بغداد يحبونه لفنه وروحه الرقيقة وكانت بطاقته بمئة فلس ايام العيد وبصعوبة تحصل على واحدة
ثقافتنا واحدة ولايوجد بغدادي وبصراوي فاللهجة الجنوبية محبوبة سواء في الفن والشعر اذا كانت فنا جميلا فكل
ماهو فن جميل ووطني كان وسيبقى محبوبا لدى الجميع
مع التقدير


2 - ولكن سامي مهدي كان رئيسا لتحرير جريدة الثوره وهي ا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 9 / 6 - 02:39 )
وهي الجريدة المركزيه لحزب الفاشية البعثيه-خذوا كل عدد منها ايام ادارة سامي مهدي لها وحللوها لفضح القيح والجيفه الفاشية فيها ومعاداة الانسان وحريته وكرامته-اخوان الشاعر انسان دره مملوء عواطفا وداعيه للحب والعزه رئيس تحري جريدة القتله المجرمين البعثيين لايمكن ان يكون شاعرا-تحياتي


3 - البغادة وثقافتهم
طلال بغدادي ( 2022 / 9 / 6 - 02:49 )
التعكز على سلوك شخص واحد اومجموعة للطعن ؟؟؟
الثقافة البغدادية هي أعلى مستوى للثقافات العربية والعراقية
السلوك الحضاري للبغادة (ليس كل من يقيم في بغداد) هو المعيار المميز الذي يقاس به مستوى التطور الحضاري للاخرين

صفة التبغدد ( لم يطلقها البغادة على انفسهم) انما يطلقها العرب على الشخص المهذب ، المعطاء ، الانيق ، المثقف ، المترف ، المتميز ... إلخ.

أدى تدمير الثقافة البغدادية إلى ضياع العراق
الثقافة السائدة الآن لا تسمح بتشكيل حكومة مستنيرة
الثقافة السائدة الآن ليست مناسبة لبناء الدولة

طريق الانحدار لا يزال طويلا

اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا