الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العداء الفرنسي للمغرب من خلال موقف تونس بخصوص قضية الصحراء المغربية

احمد اولادعيسى

2022 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


آثار الاستقبال الرسمي لرئيس الجمهورية التونسية لزعيم جبهة البوليساريو استغرابا كبيرا حول الأسباب عن تراجع الدولة التونسية عن موقفها الحيادي إزاء قضية الصحراء، وهو الموقف الذي طالما تمسكت به تونس طوال المراحل السابقة لاعتبارات عدة من أبرزها الموقع الجيوسياسي لتونس في منطقة المغرب العربي، بالإضافة إلى حجم التقارب والتفاهم الذي كان يطبع العلاقات الدبلوماسية ما بين الرباط وتونس، لكن هذا التحول الذي طرأ على الموقف التونسي له ما يبرره وان كان من المنظور الفوقي يكتنفه الكثير من الغموض.
ان التطرق لموضوع من هذا الحجم، يتطلب بالضرورة أولا قراءة الوضع في سياقه الكرنولوجي حتى نتمكن من فهم طبيعة الصراع حول القرار السياسي داخل تونس، ثم إدراك مكامن التحكم في هذا الأخير.
- لمحة مقتضبة عن الصراع حول السلطة في تونس
عاشت تونس مراحل سياسية متقلبة بعيد استقلالها، غلب عليها طابع الاستبداد والتحكم خصوصا في مرحلة الرئيس زين العابدين بنعلي، والتي انتهت بفعل الحراك الذي هز المنطقة الذي كانت ميادين تونس وساحاتها شاهدت على انطلاقته، وعجل بإزاحة بنعلي عن السلطة. وانطلاق شرارة الحراك الى دول أخرى بالمنطقة.
بيد ان مطالب التغيير ارتكزت أساسا على قاعدة جوهرية تنحو في اتجاه البحث عن حل سياسي سلمي يتوج هذا الحراك ،وذلك في إطار ديمقراطي، الشيء الذي لقي دعما من قبل قوى غربية ( الولايات المتحدة الأمريكية ) ،والتي سارعت الى الاستفادة من الوضع بغية اتخاذ موقع جديد في اطار إعادة ترتيب موازين القوى داخل المنطقة ، من خلال تقليص هيمنة الشركاء التقليدين (فرنسا) ،وذلك عبر دعم قوى سياسية جديدة ( حركة النهضة )، وقد تأتى لهذا التوجه السياسي الجديد ان يتموقع داخل الحقل السياسي ، خصوصا بعد الانتخابات التي شهدتها تونس والتي أفرزت حكومة جديدة ، حاولت رسم قطيعة مع التجربة السياسية لمرحلة ما قبل الثورة.هذا الوضع السياسي الجديد سرعان ما فشل في الحفاظ على مكاسبه تلك ،لاسيما في ظل تعنت ( القوى المحافظة/الكلاسيكية ) بما تمثله داخل أجهزة الدولة والمجتمع ،والمدعومة من قبل فرنسا ،حيث أبدت صمودا وتحدي كبيرين من اجل الحفاظ على مواقعها رغم جهود الإصلاح التي باشرها النظام الجديد لفرملتها، لكن رغبة القوى الاقليمية (فرنسا) كانت اقوى في ضبط الوضع بما يتماشى ومصالحها داخل المجال الإقليمي للمنطقة، والحفاظ على وزنها التاريخي والسياسي كحليف تقليدي واستراتيجي الاول داخل منطقة المغرب العربي، بالإضافة الى حصر تمدد القوى السياسية الجديدة. هذه التجربة لم يكتب لها ان تستمر، خصوصا بعد وصول قيس سعيد الى السلطة، والذي يمثل التوجه المحافظ داخل الدولة المدعوم من قبل ( فرنسا )،وهو الذي دفعه الى اتخاذ مجموعة من القرارات ذات الصبغة السياسية من قبيل، حل البرلمان وعزل القضاة ...الغاية منها القطع كليا مع التجربة الجديدة بما تمثله من توجهات سياسية مدعومة من قبل قوى غربية ( الولايات المتحدة الامريكية ) ،ومن هذا كله تبرز الهيمنة المطلقة للمصالح الفرنسية على القرار السياسي في تونس، في علاقته بالوضع الداخلي وكذلك الشأن بالنسبة للوضع الخارجي ( القرارات الديبلوماسية ).
- علاقة القرار السياسي التونسي بموضوع الصحراء المغربية
ان التحولات الذي عرفها ملف الصحراء خصوصا بعد الموقف الإسباني والذي خلخل موازين القوى، بالنظر لموقع هذه الاخيرة داخل خريطة الصراع، الشيء الذي أزعج فرنسا وجعلها في موقف حرج نتيجة تصلب موقفها، والذي لا يسهم في أي تقدم لإيجاد حل جديد، مما حدا بالمغرب الى تبني خطاب بديل وواضح في الان ذاته، لاسيما في علاقته بفرنسا حيث أضحت هذه الاخيرة مطالبة بتغيير موقفها أسوة بإسبانيا، ذلك أن الخطاب الملكي الاخير كان قويا ومباشرا في علاقته بالموقف الفرنسي.
بالمقابل كان من الطبيعي ان تبحث فرنسا عن صيغ اخرى لتصريف موقفها ولو بشكل غير مباشر، يكتنفه المكر الديبلوماسي، من خلال ارغام حلفائها الجدد بالمنطقة ( قيس سعيد ) قصد انتاج موقف تصعيدي ومغاير للموقف الدائم لتونس ، وذلك بغاية التصدي للموقف المغربي والرد عليه وخلق حالة الارباك ، خصوصا بعد النجاح النوعي الذي حققه المغربي في هذا الملف، وان كانت المواقف التونسية من منظور الكلفة السياسية (الوضع الداخلي للدولة التونسية ) ،ليست لها أي قيمة تذكر، ذلك أن الحالة السياسية والاقتصادية لتونس لا تسمح لها بالدخول في المشاكل الداخلية لدول المنطقة، ولا يخدم المصالح العليا للدولتين والذي تحكمها روابط التاريخ والجغرافيا ،كما يفهم من الموقف السياسي المباشر المعبر عنه من قبل الرئيس التونسي بخصوص قضية الصحراء، لا يعدو ان يكون تجلي لصراع غير مباشر، لكنه حاضر بقوة ما بين المغرب وفرنسا بفعل التحولات التي عرفها ملف الصحراء المغربية ،لاسيما بعد الاعتراف الأمريكي وما يمثله من دعم قوي على مستوى الأمم المتحدة، بالإضافة الى الاعتراف الاسباني والذي اعطى دفعت قوية في اتجاه تعزيز الموقف المغربي وتقويته، الشيء الذي ازعج فرنسا بما تمثله داخل مربع الصراع ، وارغمها على سلك طرق ملتوية للحفاظ على مكاسبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح