الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يُهدد الصّراعُ بين الشّيعة الأمنَ العراقي؟

عباس منعثر
شاعر وكاتب مسرحي عراقي

(Abbas Amnathar)

2022 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ماكس بوت/ ترجمة عباس منعثر
أظهر العنف بين الفصائل الشيعية المتناحرة أن ثمة مخاوف من أن الحكومة العراقية الضعيفة ستواجه اضطرابات سياسية مستجدة وليس لها نهاية.

شهد العراق أسوأ عنف لأسبابٍ سياسية منذ 2019 هذا الأسبوع، حيث أثارت الاشتباكاتُ بين الجماعات الشيعية المخاوفَ من حرب أهلية واسعة. لقد قتلت حرب الشوارع في بغداد أكثر من ثلاثين شخصاً بعد اجتياح أتباع السيد مقتدى الصدر المنطقة الخضراء، وهي منطقة شديدة التحصين في وسط بغداد حيث توجد مكاتب حكومية وسفارات أجنبية.

حين تسأل: ماذا يحدث في العراق؟، يأتيك جواب جويل ريبيرن: ((انه الصراع من أجل السيطرة على شيعستان -أي المدن ذات الأغلبية الشيعية- قد وصل إلى مستوى الاشتباك)). يُعدّ الشيعة أكبر طائفة في العراق، غير أنهم منقسمون فيما بينهم الى فصائل متنافسة. فمن يسيطر منهم على الأغلبية يسيطر على دولة ذات موقع استراتيجي واقتصادي مهم: العراق أحد أكبر منتجي النفط في العالم، وهو قد يعيق أو يساعد طموحات إيران في الهيمنة الإقليمية كذلك.

في تشرين الأول 2021، بدأت المواجهة عندما انتهت انتخابات مجلس النواب. برز التيار الصدري كفائز أكبر بـ 73 مقعداً من مجموع 329 مقعداً. ثمّ شكّل تحالفاً مع أكبر الأحزاب السنية وحزب بارزاني الكردي، والتي تسيطر إذا تحالفت على غالبية المقاعد في محاولة لتشكيل الحكومة.

لكن محاولة الصدر، وهو رجل قومي قد أعلن أنه يعارض النفوذ الأمريكي والإيراني في العراق على حدّ سواء، قد تمّت عرقلتها من قبل الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران: رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقيس الخزعلي زعيم مليشيا عصائب أهل الحقّ. وبطريقة غامضة، فسّرت المحكمة الإتحادية في العراق إحدى المواد في الدستور (الثلث المعطل) بحيث تتعرقل عملية تشكيل الحكومة إلا بتحقيق ثلثي أعضاء البرلمان، وهو ما لم يستطع الصدر وحلفاؤه تهيئته.

وفي 12 حزيران، إتخذ الصدر خطوةً كبيرة بسحب نوابه البالغ عددهم 73 احتجاجاً على عرقلة مشروعه. يبدو أنه توقع أن تطالبه الأحزاب الشيعية بالعودة. بدلاً من ذلك، أضافت الأحزابُ المدعومة ايرانياً مقاعدَ الصدريين إليها ومضت في ترشيح رئيس الوزراء من كتلتها.

ردّ الصدر على ذلك بخطوتين: إعلان إعتزاله السياسة، وإرسال أنصاره لاقتحام المنطقة الخضراء. لا أحد في العراق يعتقد حقاً أن الصدر قد ترك السياسة نهائياً. نجح في اظهار عضلاته كزعيم حركة شعبية تمثل الشيعة الفقراء. فقد خرج عشرات الآلاف من أتباعه إلى شوارع بغداد وكذلك الى شوارع المدن ذات الكثافة الشيعية في جنوب العراق، حيث أحرقوا مكاتب منافسيه (العصائب والحكمة وغيرها). وبسبب القتال بين الصدريين وعناصر الميليشيات المدعومة من إيران والذين ينتمون إلى قوات الأمن العراقية، حدث إراقة دماء نتيجة الاشتباكات في بغداد. في يوم الثلاثاء، أمر الصدر مقاتليه بالانسحاب من المنطقة الخضراء، فاستجاب أتباعه لأوامره فوراً، مما يؤكد ثانيةً على مدى السيطرة التي يمارسها الصدر على أنصاره.

ما هو دور أمريكا وإيران في الأزمة؟
إن الفصيلين الشيعيين - أحدهما تابع والأخر مقاوم للنفوذ الإيراني- هما أقوى لاعبين في السياسة العراقية. أما رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الشيعي المعتدل المدعوم من الغرب، فيرأس حكومة انتقالية منذ استقالة رئيس الوزراء السابق (عادل عبد المهدي) بعد احتجاجات حاشدة في عام 2020. لكن يُنظر إلى الكاظمي على أنه رئيس وزراء صوري ضعيف إلى حد كبير. إن الإحساس العام بين المسؤولين العراقيين والدبلوماسيين الأجانب في بغداد هو أنّ واشنطن وطهران تمارسان (الفيتو) على الحكومة العراقية وأنّ من يقود البلاد يحتاج إلى دعم كل من الولايات المتحدة وإيران- وهو أمر صعب التحقيق بالقياس على إستمرار العداء بين البلدين. ومما يضيف تعقيداً للحالة أن واشنطن وطهران تواصلان التفاوض حول العودة للاتفاق النووي الذي شهد انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
في غضون ذلك، ما تنفكّ الميليشيات المدعومة إيرانياً تشنُّ هجماتٍ صاروخية على القوات الأمريكية في سوريا لمحاولة إجبارها على مغادرة البلد. نتيجة لتلك الهجمات، ردّ الرئيس جو بايدن بضربات جوية على أهداف للميليشيات المدعومة ايرانياً في سوريا. وعلى الرغم من وجود أدلة على أن الطائرة المسيرة التي هاجمت القاعدة الأمريكية في سوريا قد أقلعت من وسط العراق، الا انّ الرئيس بايدن لم يأمر بقصف المقاتلين المرتبطين بإيران في العراق، ، لخشية إدارة بايدن من زعزعة استقرار دولة هي غير مستقرة أصلاً، أي العراق. جدير بالذكر، ثمة حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق و900 جندي في سوريا، لكنهم لاعبون هامشيون في كلا البلدين.

كيف يجب أن تردّ الولايات المتحدة؟
فيما يتعلق بإدارة بايدن، فإنّ الوضع في العراق يمثّل انهماكاً إضافياً غير مرغوب فيه يتزامن مع أولويات أمريكية أكبر –خاصةً روسيا والصين- وليس هناك اهتمام كبير ببلد ممزق بالطائفية والفساد إطلاقاً منذ الغزو الأمريكي عام 2003.
لكن من الأفضل لواشنطن أن تراهن على استخدام نفوذها لدعم الصدر سياسياً- والذي سيمثل تحوّلاً كبيراً عما كان الوضع عليه عندما قاتلت القوات الأمريكية الصدريين أثناء حرب العراق- وعليها كذلك أن تمارس المزيد من الضغط على الشخصيات المدعومة إيرانياً مثل المالكي، الذي كان مُهدَداً بأن يُدرج اسمه ضمن لائحة العقوبات الأمريكية في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب.
ختاماً، لا يمكن لواشنطن رسمَ مصير العراق وتحديده. لكن أفضل ما يمكن أن تأمل فيه الولايات المتحدة الامريكية هو ان تمنع أسوأ النتائج المحتملة- إما تعزيز الجهة الموالية لإيران أو اندلاع حرب أهلية أخرى بين الطرفين الشيعيين، بعد أن تخلّت أمريكا منذ زمن طويل عن أملها في تحويل العراق إلى بلد ديمقراطي. نتيجة الظروف الراهنة، لم يعد أمام الولايات المتحدة خيار أفضل من إيقاف انزلاق البلد الى الفوضى والانهيار فحسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم