الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية -1-

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


1
الوطنية

طبيعي أن يشغل المهاجر نفسه بمسألة الإنتماء الوطني ، فكثيرون منهم لا يعترفون بأنهم موضوعيا ينتمون إلى وطن غير وطنهم الأصلي . أسارع إلى القول هنا بأني لا أدّعي من الأهلية ما يخولني اقتراح بحث عن الوطنية يتضمن المعايير التي يتوجب توافرها بالإنسان الوطني . فما أنا بصدده هنا لا يعدو تفكرا في المسألة الوطنية انطلاقا من تجربة الهجرة من البلاد الأصلية و الإقامة الدائمة في غيرها .
يعتقد المهاجر عادة أو في أغلب الأحيان أن غيابه مؤقت ، أو بالأحرى كان يعتقد ذلك قبل سنوات 1970 في البلاد العربية ، أي قبل أن تتعرض هذه الأخيرة في شهر حزيران 1967 لعدوان اسرائيلي مدبّر ، أسفر عن هزيمة وطنية ماحقة حلت بها و كشف في الوقت نفسه على الأقل في أوساط قطاع واسع من الجماهير الشعبية ، عن أن مرجع الإنتماء الوطني كان مايزال لديها ، إلى " الشخص " الرئيس أو القائد ، الذي يعد بالنصر سواء كان مهزوما أو لم يُهزم بعد . يرتع الناس في حالة أنتظار مديدة لا يعرف في الحقيقة متى بدأت .
لست هنا في معرض مداورة اسباب الهزيمة و نتائجها في الذهن ، لذا أقتضب فاقول أن الرئيس مالبث أن استعاد و عيه بعد الصدمة التي تلقاها و أحكم قبضته على زمام الأموربمساعدة عوامل كثيرة ، بعضها داخلي تمثل بشكل رئيس ، بدعم من الحركات الدينية ـ السياسية ، بالإضافة إلى عوامل خارجية مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، أخذت شكل و ساطات و مشاريع تسوية .فما أود قوله هو أن الهزيمة التي صدّعت دعائم ركائز الأوطان بالمعنى الواسع للوطن ، موطنا آمنا و عيشا مشتركا و انتاجا أقتصاديا و ثقافة ، حاضرا و مستقبلا ، لم تواجه بردة فعل المواطنين دفاعا عن هذا الوطن بدءا من محاسبة المسؤولين عن الكارثة ثم البحث عن الأساليب و الوسائل الكفيلة بأخراجهم من المأزق الخانق .
لا نجازف بالكلام أنه جرى على مدى عقود من الزمن ، وأد الوطنية أو قمعها أو نفيها أو إغراءها أوإغواءها . أنعكس ذلك من و جهة نظري بهجرة مطردة و متزايدة ، لمن أستطاع إليها سبيلا ، بحثا عن وطن . الناس العاديون الطيبون ، يختارون العيش في وطن ، عندما يكون الإختيار ممكنا .
مجمل القول أن الإقامة في بلاد غير البلاد الأصلية ، هي هجرة بحثا عن و طن ، و تعبيرا عن حاجة أنسانية لدى الشخص ، لأن يحيا مواطنا . ينبني عليه أن الإنتماء الوطني هو حق للإنسان ، يشمل حقه في الهجرة من بلاده الأصلية عندما تفتقد فيها شروط العيش الوطنية ، و حقه أيضا في الإسيتطان حيث يقبل انتماؤه إلى وطن .
بكلام أكثر صراحة ووضوحا ، تعاني المجتمعات في بلدان مثل لبنان منذ خمسين عاما تقريبا ، من هجرة تختلف جوهريا عن تلك التي دفعت الكثيرين في مطلع القرن الماضي إلى الهرب من الطغيان والجوع . فنحن حيال " هجرة و طنية " إذا جاز التعبير ، أو بالأحرى حيال عملية نفي تقوم بها سلطات تمسك بزمام الحكم بوكالة غربية أستعمارية من أجل منع قيام دولة و طنية حقيقية .
لا أظن أننا بحاجة إلى أدلة و براهين على الدور الشرطي القمعي الذي تمارسه سلطة الدولة ، ليس في لبنان و حسب ، و أنما في غيره أيضا من أقاليم القطاع الممتد من مدينة البصرة شرقا إلى مدينة طنجة غربا ، ضد الوعي الشعبي بضرورة المشروع الوطني .
فمن البديهي أن العيش المفيد لا يتحقق إلا في أطار المجتمع الوطني المنتظم في سيرورة العيش المشترك . علما أن المقصود هنا بالمفيد هو المُنتِج إجتماعيا لعناصر أستمرارية الوجود المادي و الثقافي و هذا يختصر من وجهة نظري ، مفهومية الوطن بما هو حقل العمل الوطني للفرد بما هو عضو في الجماعة الوطنية .
و لكن من نافلة القول ان ما تقدم ليس دعوة إلى" الهجرة الوطنية " ، فهذا ليس منطقيا ، بل هو على العكس من ذلك تماما ، فالعيش المفيد يكون من خلال التحلي بالوطنية ، في كل مكان .هنا ينهض السؤال عن السلوك الوطني حيث يكون هذا الأخير محظورا و جريمة يطاله القانون . لبنان نموذجا .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية