الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب بين الحاضر والماضي : وهل من امل؟

اسراء حسن

2022 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ما بين الادارة الخاطئة للحرب والادارة العشوائية للسلام يتخبط العرب، فنحن ننتقد ولا نتغير , نتكلم ولا نعمل , نختلف ولا نتفق , نبدأ ولا نستمر , ننتفض ولا نهدأ , نشكو ولا نشارك في الحل، مصيبتنا هي في انفسنا، اصبحنا حالة خاصة تستعصي على الفهم، اقولها وبكل اسف... دمر الشرق الاوسط وافقدت معالمه.

بالامس القريب راينا مدنا كبيرة في اقطار عربية عديدة وقد تحولت إلى ركام واطلال بعد ان دمرها الارهاب ، وتكالبت عليها قوي الشر من كل مكان في العالم لتمحو معالمها وتفقدها قدرتها على مواصلة الحياة.. لم أرى منطقة أخرى في العالم دمرتها الحروب والصراعات المسلحة مثلما دمرت منطقتنا وسحقت شعوبها واحالت حياتها الى جحيم لا يطاق فصور الدمار الذي يدك العالم العربي ويفتك به هي صور مرعبة بما يعجز عنه الوصف، هذا الدمار الذي يحرق كل ما يجده في طريقه بالكاد لا يتوقف الا اذا حول المنطقة العربية الى منطقة معوقة وغير قابلة للحياة فالمخطط رهيب والاهداف بعيدة والايادي الخفية المتطرفة مصممة على المضي فيها حتى النهاية.
لا يختلف اثنان في العالم في ان مصيبة العرب الكبرى هي في تشرذم مواقفهم وتفرق سياساتهم وفي خلافاتهم المزمنة التي لا تنتهي.. وفي صراعاتهم المستمرة مع بعضهم التي كان من الممكن وأد الكثير منها في مهدها بروح التفاهم والحوار المسئول والتنسيق المشترك في اطار مصلحة قومية عليا جامعة لكل هذه الدول والشعوب في المشرق والمغرب... لكن الروح القومية الملهمة ظلت مفتقدة لا تجد من ويوقظها، وبسبب هذا التشرذم المستمر فشلوا في ادارتهم لازماتهم ، وخسروا اغلب رهاناتهم ، وضاعت فرصهم ، وضلوا الطريق إلى التعامل الناجح مع العالم الخارجي لانهم يتحركون معظم الوقت في المسارات الخاطئة ، رغم الوفرة الهائلة في امكاناتهم ومقدراتهم وثرواتهم التي يحسدهم العالم عليها..... فهم يتعاملون مع بعضهم بروح الشماتة والعداء ، ويفصل بينهم جدار مرتفع من عدم الثقة المتبادلة ، وما يظهرونه لبعضهم في العلن هو غير ما يبطنونه لهم في الخفاء ، وما يصرحون به امام عدسات الكاميرات هو عكس ما يخططون له في الغرف المغلقة ... فلا صدق ولا صراحة ولا امانة ولا شفافية، بل ضباب في ضباب..... ولهذا فشلت كل التجمعات العربية في اثبات وجودها من جامعة عربية الى مجلس تعاون خليجي بعد ان تحولت كلها بفعل هذا المناخ المريض الى كيانات مشلولة وخامدة لا فائدة ترجي منها ...ولهذا ضاع العراق وضاعت سوريا وضاع اليمن وتوشك ليبيا ان لم تتداركها معجزة على اللحاق بهم بسبب هذا العجز والتخاذل المشين، فعندما تدار السياسة العربية بين دولها بأسلوب المكايدات فان النتيجة لا بد وأن تكون وبالا في وبال ومن فشل صغير إلي فشل أكبر

جدير بالذكر ان المنطقة العربية تكاد تكون هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تنتهي المقارنة فيها دائما لصالح الماضي وليس لصالح الحاضر . الماضي يثير في كل الناس مهما تباعدت أماكنهم ومهما اختلفت ظروفهم وخلفياتهم ومستوياتهم - الشعور بالحنين والترحم عليه . أما الحاضر فانه يحرك أسوأ ما فيهم من مشاعر وانفعالات . قد يكونوا معذورين في هذه المقارنات السلبية لأن الحاضر الذي يكتوون بناره الآن لا يبعث في الانسان العربي الا الاحساس بالبؤس والاكتئاب وفقدان الأمل في المستقبل . فبعد أن حدث ما حدث لم يعد الناس مشغولين بالديموقراطية والحريات السياسية وحقوق الانسان أو بغيرها من العناوين والشعارات النظرية الكبيرة التي أثبتت فشلها الذريع عندما وضعت على محك الاختبار العملي وضاعت في التطبيق . عندما امتلأت الساحات بالانتهازيين وبمن أسموا أنفسهم بالناشطين من الباحثين عن الشهرة بعد أن كانوا مغمورين ولا يعرفهم أو يسمع بهم أحد . معظمهم أطلوا علينا من المجهول , وكثيرون منهم اختفوا بنفس السرعة التي جاءوا بها.
الناس أصبح يشغلها أكثر واقع حياتها اليومي المتخم بالمشاكل والأعباء والذي بلغ حدا غير مسبوق من السوء والتدهور . مثل هذه السيكلوجية العربية المحبطة بشدة لا يمكن أن تبني مستقبلا أو تصنع تقدما ان بقيت على حالها هكذا.. وان كنت لا اعتقد انها سوف تكون خاتمة المطاف...ففي منطقة رمال سياسية متحركة كمنطقتنا يصعب توقع على من سوف ياتي الدور القادم في هذه المخططات الشيطانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص