الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية والاشتراكية مفهومان منقرضان؟(2/2)

عبدالامير الركابي

2022 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عبدالاميرالركابي
من اكثر الظواهر اثارة للدهشة، مما لازم المعروف بالعصر الحديث الاوربي، وعلى مستوى العالم، الايمان الذي لاقته وتلاقية نظرية تبسيطية ضخمة الوقع والحضور اعدادا وجهدا، ساذجه جوهرا، من نوع نظرية ماركس التي هي مادون مجتمعية، اطلقها شخص غير عالم بابعاد المجتمعية الظاهرة، اختص بالسعي لاكتشاف مسارات ما اسماه "الصراع الطبقي" ضمن مجتمعة ونمطيته، ليعممه على العالم باكراهية تصل حد السلبطه، بحيث يقول بلا اي تردد " ان تاريخ المجتمعات لم يكن سوى تاريخ صراع طبقات" هذا من دون ان يتسنى لاحد، لاوقتها ولا اليوم التساؤل، اية مجتمعات ياترى؟ فالمجتمعات تبلورت وبدات مسيرتها في ارض مابين النهرين والنيل، الثانيه تشكلت في دولة محلية احادية من دون طبقات، والاولى نشات بالاصل لاارضوية كونية، ثم تحولت الى الازدواج والاصطراعية المجتمعية، هذا غير مجتمعات اللادولة، في امريكا اللاتينه، وابتداءات المايا والانكا والازتك، واستراليا، وامريكا قبل الغزو الابادي الغربي الحديث، ومعظم افريقا، واجزاء من اسيا، مع اشكال مختلطة الانماط،فهل هذه مجتمعات ياترى ام لا، براي مؤسس نظرية الاشتراكية؟ وماذا يعني تعميم الطبقية على العالم اذا لم يكن نوعا من بلاهة، وبلطجه معرفية، تستغل اللحظة ووطاتها، لتمارس نوعا اخر من الهيمنه بتسيدها مفهوما وهميا لااساس له، وان يكن مغلفا بالنزوع اليوتوبي، وبمحرك اصطراعي آني، ناشيء عن تغول الراسمالية، وتردي احوال الطبقة العاملة في حينه.
ماركس بوضوح جاهل بالمجتمعية وتوزعها الانماطي، باللاارضوية الازدواجية منها، وباحادية الدولة واللادولة، وبالنمط الرابع الذي لايتشكل كيانويا، واذن هو لايمكن ان يكون عارفا بالديالكيتيك الفعلي، ولا بالتفاعلية المجتمعية الملائمه لنوع النمطيات المذكورة وتوزعاتها، والديناميات التي تحكم حركة تصيّرها التاريخي، وليس في جعبته وهو ينظر باحتقار الى الشرق غير الاوربي، سوى موضوعة "الاستبداد الشرقي" المعيبه، التي يتقبلها مع ذلك، بعض ابناء الشرق بترحيب. هذا مع العلم ان "العالمين" الافذاذ قد منحوا ماركس بجدارة حق "اكتشاف " مايعرف ب " ديالكتيك الطبيعة"، فما الذي يمكن قوله هنا، واي موقف يمكن ان يتخذ من مثل هذه الكذبة حين تعم العالم، وتعد من اكبر الظواهر المعاصره، و يترتب عليها سيل هائل من الاحداث والمتغيرات، وحتى الحروب والمصائر، ومالا يحصى من ملايين اطنان الكتابات المؤيدة المؤمنه، والرافضه او المشككة، مايضعنا امام ظاهرة هي بالاحرى سمه اساسية تضليلية، ومن اهم سمات لحظة تاريخيه انعطافية كبرى حاسمه.
وهنا لابد من التوقف تحت داعي الضرورة التوضيحية، امام احتمالية ان يرى البعض فيما اذهب اليه عداء للشيوعيه من اي زاوية او منطلق، خارج المسالة المعرفية البحته، ولدوافع تخص موضوعه التغيير الكبرى التاريخية، ومساراتها، ومنطلقها، باعتباري "لاارضوي" احمل راية التغيير الاكبر مابعد المجتمعي، المتجاوز للمجتمعات بصيغها الاحادية، وللغرب بعموم تشكلاته الطارئة، الامر الذي يخرج عن نطاق الصغائر والمعتاد من المماحكات وادبيات التسقيط المرضية والجهالة الكلية، فليس لدي ضد ماركس اية ضغينه وكنت اتمنى فعلا لو انني وامثالي قد وجدوا ظالتهم عنده، لاختصروا نحو اليوتوبيا طريقا له وجهات اخرى، قد تكون اصعب، هذا وانني افهم بلا ادنى شك، اتضاع حال "المؤمنين" الببغاويين واقدر حالتهم وماهم مولعون به من رهاب بلا ادنى خشية منهم، باية درجة كانت.
ويهمني تكراراان اعلن بان "اليوتوبيا" لاتتحقق اطلاقا في المجتمعات الاحادية، ومنها الاحادية الاوربية الطبقية، وان هذه هي كينونه وبنية نشات وقامت في سومر في ارض مابين النهرين ابتداء، تحت طائلة واشتراطات"العيش على حافة الفناء"(1) لتتكرر دورات، من كوراجينا في الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيمة، ثم في الثانية مع حمدان قرمط وهما الممثلان الكونيان الفعليان لليوتوبيا الارضية، ولا ممثل لها غيرهم، يحايثهم الاسماعيليون واخوان الصفا، والحلاجية، والاعتزال، والخوارجية، فاليوتوبيا، لاطبقية ضرورة وحتما بالاصل، اذا تسنت لها الاسباب وانتقلت لما بعدها، لابل هي موجودة لكي تذهب منتقلة الى مابعد مجتمعية، والى انفصال العقل عن الجسد، هذا وان اليات التفاعل المجتمعي سائرة بهذا الاتجاه، فاذا جرى الانتقال الى الالة، بدا زمن الانتقال الى التحقق اليوتوبي عبر الصراع بين الالة والبنية البيئية المجتمعية، فخضعت الالة وقتها هي نفسها الى التحور ضمن عملية الصراع المستجد، لتتحول الى التكنولوجيا، والى التكنولوجيا العليا الملائمه لاشتراطات الانتاجية العقلية، مافوق الجسدية.
يستسهل الغرب اتهام" الشرق" بالخرافية والاسطورية، ذلك مع انه لم يحدث في التاريخ البشري ان سادت على الاطلاق، حالة من الخرافية الايهاميه التدميرية، مع ادعاء العقلانية العلمية، كما حدث مع نهوض الغرب، وعلى يده في العصر الحديث، وكل هذا وسواه لابد ان يضعه في مكانه ضمن عملية تحول فاصلة ونهائية، ليس هو المقررالحاسم ضمنها، وان كان من شهد انبثاق متغيرها الفاصل الالي، مافوق الطبقي، فالبرجوازية الاوربية في العصر الحديث، لم تنتصر بذاتهاكطبقة، بعكس ماقبلها من طبقات، وماحدث لهذه الجهة اليوم، هو حدث "مجتمعي" تحولي، وليس طبقيا كما يتوهم الغربيون وماركس، فالالة عنصر من خارج الصراعية الطبقية، تغير المجتمعية، ومنها المجتمعية الطبقية التي هي منتوج بيئي، ياخذ بالتبدل منذ انبجاس الالة، ماينهي لدرجة الالغاء "الصراع الطبقي" والطبقات قبلها، وهو ما يتوهم ماركس احتدامه وتصاعد وتائره، لانه ابن منتصف القرن التاسع عشر، ذروة الاحتدامية المصنعية.
من حقي كما فعل ماركس في حينه ( حتى وان كنت لااقارن مكانة بالعظمة الاوربية الحالية التي تجلل صورة ماركس وتمنحه الرفعة) مع انني ابن ابراهيم الخليل، الموجود عالما مفارقا في قلب وتضاعيف معظم مجتمعات المعمورة الى اليوم، ابن المكان الذي جعل للوجود مروية وقصة خليقة، وعين السنة والشهر والاسبوع واليوم والساعة، وعنده رفع لواء ( الحرية /امارجي ) لاول مرة في التاريخ في شريعه مساواتية، وفيه صدح "كلكامش" بوجه الموت الجسدي، عدا مالايكاد يحصى من منجزات بدئية، وعلى ارضه عادت عاصمة العالم الوسيط الكونيه/ بغداد/ وريثة عاصمة العالم القديم بابل، فهيأت الاسباب للانقلاب البرجوازي الالي على المنقلب المتوسطي الاخر، بعدما ظلت قمة امبراطورية لخمسة قرون، ابن الارض التي منها وفيها على صغرها،عرفت الاشتراكية المساواتية البنيوية، مايجعلني ملزما بقدر مايمنحني الحق، بان ارفع لواء "اللاارضوية"، فانسب لها ولها لوحدها امكان الانقلابيه بناء على الديناميات التفاعلية التاريخيه المجتمعية البدئية، تجاوزا على الايهامية الاوربيه الطبقوية، ولاجل التعديل الانقاذي الراهن، بظل الكوارثية المحيقة بالوجود البشري، المتاتية من ايهامية المروية الغربية وتناقضها المريع مع الحقيقة التحولية، لصالح احتمالات الافنائية.
ليست قضية اليوتوبيا المساواتيه "طبقية"، ولا يمكن حصولها او الذهاب اليها تحت مفعول الصراع الطبقي، فهي اصلا حالة تحقق ابتدائي مجتمعي لاارضوي، تظل قائمه على طول تاريخ "الدورات" التاريخيه الرافدينيه الثلاث، وتتحقق تعبيريا كونيا على مستوى المعمورة خارج ارضها بصيغة العالم السماوي على الارض نبويا ابراهيما، استنادا لازدواجية التكوين البشري المجتمعي في الزمن ماقبل التحققي، هذا مع العلم ان "اللاارضوية" تنتقل من اليوتوبيا اللارضوية، الى التحولية مابعد المجتمعية، لاكما تصور الارضويون واولهم ماركس، من الطبقية الى المساواتية المطلقة التي تبقي الارضوية ارضوية، وتقف بالمجتمعات دون الغرض الاعلى الابعد، التي هي مؤهله ومصصمة بالاصل لكي تبلغه.
وليس ماقد تقدم بالسبب او المبرر الذي من شانه، مع شيء من التلبث المستبصر ان يضع التحولية اللاارضوية اليوم، بحال مواجهة او تصادم مع متبقيات الشيوعية والماركسية، بعد الحال الذي وصلته من ثبوت اللاتحققية واستحالتها، وقد يكون الامر لهذه الجهه، وعلى مايبدو للوهلة الاولى من غرابته، من نوع المرحليه التحولية التي تحتاجها الشيوعيه كحركة ايله اليوم للزوال، وفقد الفعالية الناجمه عن فقد التلاؤم مع الديناميات الناظمة للعملية التاريخيه التحولية الحالة على الكوكب الارضي، مع مايمكن، لابل ما يمثل ضرورة غير عادية عملية، يمكن للشيوعية بمتبقياتها ان تمنحها لممكنات العملية التحولية، بعد عبورها على الماركسية اللينينه، وانقالها الى التحولية اللاارضوية، فتمنح بهذا العملية التاريخيه المحتدمه اليوم، وسيلة منظمة جاهزة واسعة الانتشار،لها ىتحقق وحضور عمليان مهمان للفعاية، بينما تتوفر الشيوعية ومتبقياتها من جهتها على اسباب تجديد الحضور المفقود ليدخل العالم مجددا مرحلة الانتقال التحولي، بتوفر وسائله، والادوات الضرورية لجعله من قبيل الامكانيه الصالحة تجسدا واقعيا، هذا علما بان مفردات الثورات والانقلابات، واقامة الدول والدكتاتوريات، ومنها دكتالتورية البروليتاريا، لم تعد محورا للاهتمام، او من بين مخططات التحول الضرورية، الامر الذي سيفتح بابا للبحث والنقاش النظري والتصيّري التاريخي، شديد الحيوية والغزارة والجدة.
يتبع ملحق: بيان ادماج الشيوعية الطبقية باللاارضوية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يرد في مدخل كتابي/ ارضوتوبيا العراق وانقلاب التاريخ: من الابراهيمه الى ظهور المهدي، هكذا يرد التاريخ العراقي على التحدي الامريكي / الصادر عام 2008 عن دار الانتشار العربي / بيروت/ 460 ص من الحجم الكبير/ وعلى الصفحة التاسعه، مايلي : " لطالما ظل العالم يبحث عن "اليوتوبيا"، اليوتوبيا الارضية موجودة بالفعل، وتاريخ العراق ومساراته ومآله هو تاريخ هذا الحلم وامكانية تحققه، تلك هي المسالة التي وضع هذا العمل لكي يوضحها قدر استطاعته، غير ان الاهم هو اللحظة والشروط التي تجعل موضوع تحقق اليوتوبيا الارضية ممكنا وقريبا من ناحية، ومرتبطا بواقعة الغزو والاحتلال الامريكي للعرق، من ناحية اخرى، هنا يصبح هذا العمل اكثر راهنية وعملية، الاانه يزداد شساعة من حيث الاغراض".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في