الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد دكروب

حسن مدن

2022 / 9 / 10
الادب والفن


كان أستاذه ورفيق دربه حسين مروة يطلق عليه اسم الكادح، أما هو فيطلق على نفسه صفة الشغيل . على الرجل تنطبق الصفتان في كل مراحل عمره . فقد بدأ طفولته بائعاً متجولاً، ثم حداداً في محل سمكرة . فقر عائلته جعل حظه من التعليم ضئيلاً، لكنه سيغدو واحداً من أهم النقاد العرب على مدار ستة أو سبعة عقود، ومؤسساً ومشرفاً على مجلات ثقافية ساهمت في صناعة الحياة الثقافية والفكرية والأدبية لا في لبنان وحده، وإنما في العالم العربي كله .

أجيال من المثقفين والمناضلين خرجت من عباءة المجلات التي كان محمد دكروب في قلب مطبخها، لا بل كان الدينامو الأساس فيها: الثقافة الوطنية، الطريق، وربما غيرهما، ساهراً على متابعة أدق تفاصيل تحريرها وصدورها .

كان شغيلاً ثقافياً بامتياز، ظلّ كذلك وقد تجاوز الثمانين من عمره . تدهش من تلك الروح الطفولية للرجل، الذي لا يمنحك فرصة الاعتقاد أن شيخاً يحمل على كتفيه ثمانين عاماً ونيفاً من الحياة والكدح والتعب . كل السر في أنه ظل فرحاً بالحياة، مفعماً بالأمل في بلد أنهكته الحروب والفتن والمكائد والعدوان .

حين قدَّم الراحل عبدالرحمن منيف لكتابه: "وجوه لا تموت" وهو جزء من ثلاثية عنيت بإعادة تقديم وجوه مضيئة في ذاكرة الثقافة العربية التنويرية والتقدمية، قال نبدو كأننا نتعرف إلى الوجوه التي يقدمها دكروب في الكتاب أول مرة، فالمهنة التي بدأ بها محمد دكروب حياته، أي السمكري، تظهر هنا، وهو يلحم الأجزاء ببعضها بعضاً، وهو يعرضها للنار والنور كي تأخذ شكلها وقوامها الأخير .

أما المفكر الشهيد مهدي عامل، فبعد أن أصدر كتابه: "أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية" وهو واحد من كتبه المبكرة، كتب على الصفحة الأولى من النسخة التي أهداها لمحمد دكروب قائلاً له: أنت تعلم أن لك الفضل الأول في أن يكون هذا الكتاب، وأنا سعيد بأن أعلن ذلك . أليس طريفاً أن أهديك ما هو بالفعل لك؟

كان دكروب قد طلب من مهدي عامل أن يكتب تعليقاً موجزاً عن ندوةٍ عُقدت في الكويت عام 1974عن أزمة الحضارة العربية، لينشر في أحد أعداد الطريق، ولكن مهدي لم يكتب التعليق المطلوب، وإنما ألّف كتاباً كاملاً عن الموضوع .

في مغزى هذا تكمن روح محمد دكروب الملهمة: شحذ الفكر من أجل جلو الحقيقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العازفة التونسية مديحة ناشي: -القانون- هي أم الآلات في الموس


.. ما تعليقك على تصريحات الفنان بسام كوسا؟.. جمهور الفيسبوك يعل




.. خلال ستة عقود قضاها بين المسرح والسينما والتلفزيون


.. عيو ن القلب سهرانة ما بتنامشي??.. إسراء عصام تبدع في الغناء




.. جيف مونسون مصارع الفنون القتالية المختلطة يعلن إسلامه في موس