الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حِيَل الجواهري الشعرية!

سليمان جبران

2022 / 9 / 10
الادب والفن


سليمان جبران: حِيَل الجواهري الشعرية!

عن الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري ( 1899 - 1998 )، آخر الكلاسيكيّين الجدد، في رأيي، أصدرتُ سنة 1994 كتابا كاملا. سمّيتُ الكتاب يومها صلّ الفلا، مقتبسا الاسم من بيتيْ شعر في المقصورة
يقول فيهما الجواهر:
بِماذا يُخوّفُني الأرذلونَ ومِمَّ تخافُ صِلالُ الفَلا
أيُسلَبُ عَنْها نعيمُ الهَجيرِ ونَفْحُ الرمالِ وبَذْخُ العَرا؟
وفي سنة 2003 صدرَ الكتاب عن مؤسّسة الفارس في عمّان وبيروت، باسم مجمع الأضداد، وقد غيّرتُ اسمه بناء على رغبة الناشر.
قبل سنوات عديدة قمتُ أيضا بزيارة براغ، عاصمة تشيخيامغترب الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري. في براغ كان لنا لقاء أدبي مع عرب كثيرين، معظمهم من العراق. نظّم اللقاء ورعاه الأستاذ رواء الجصّاني، ابن أخت الجواهري، ومدير موقع الجواهري في براغ.
قبل بداية اللقاء، همس الصديق الجصّاني في أذني قائلا: لستَ مطالبا طبعا بقول كلّ ما تعرفه من القضايا الشخصيّة عن الشاعر.
طمأنتُ الصديق لجصّاني أنّ القضايا الشخصيّة لا تهمّني أصلا، خصوصا إذا لم تكنْ ذاتصلة بالشعر ذاته!
هذا الوعد لا يمنعني طبعا من ذكر بعض حيَل الجواهري الشعريّة، المتمثّلة في تضمين قصائد جديدة أبياتا قديمة وردتْ في قصائد سابقة له.
أذكر، ولعلّ القرّاء أيضا يذكرون، قصيدة الجواهري في الملك حسين بن طلال، وقد طاف الحسين يومها شوارع عمّان في ىسيّارة مكشوفة، وكان مريضا في أواخر أيّامه، لتثبيت ولده ملكا من بعده. في التسعينات؟ يومها ألقى الجواهري قصيدة طويلة في مدح الملك حسين بن طلال. كان الجواهري يلقي قصيدته ارتجالا وإلى جانبه مساعد يذكّره بالبيت
الشعري إذا نسيه. أذكر أيضا أنّ الملك حسين دمعتْ عيناه وهو يسمع الجواهري يلقي قصيدته!
قصيدة الجواهري كانت طويلة، أكثر من ثلاثين بيتا، لاميّة، من البحر الكامل، مطلعها:
يا سيّدي أسعفْ فمي ليقولا / في عيدِ مولِدِكَ الجميلِ جميلا.
سمعتُها يومها فذكّرتني حالا بقصيدة سابقة للشاعر نفسه، ألقاها في تكريم بشارة الخوري، رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة آنذاك، يوم زار العراق، سنة 1947 : ناغيتُ لبنانا بشعريَ جيلا / وضفرتُهُ لجبينِهِإكليلا.
[ ديوان الجواهري، دار العودة بيروت، ط3، 1982، الجزء الثاني، ص.270-275.].
في القصيدة القديمة تلك، التفتَ الشاعرأيضا إلى عبد الإله الوصيّ على العرش، وهو من الهاشميّين، بهذه الأبيات، التي أوردها أيضا في مدح الحسين الهاشمي، نوردها هنا دونما ترتيب:
يا ابْنَ الذينَ تَنَزَّلتْ بِبُيوتِهِمْ سُوَرُ الْكِتابِ ورُتِّلَتْ تَرْتيلا
الحامِلينَ مِنَ الْأَمانَةِ ثِقْلَها لا مُصْعِرينَ ولا أَصاغِرَ ميلا
شدّتْ عروقكَ من كرائم هاشمٍ بيضٌ نمينَ خديجةً وبتولا
هذي قبورُ بني أبيكَ ودورهمْ يملأنَ عرضا في الحجازِ وطولا
ما كانَ حجّ ا لشافعينَ إليْهمُ في المشرقينِ طفالةً وفُضولا
حُبُّ الأُلى سكنوا الديارَ يشُفّهُمْ فيُعاوِدونَ طُلولَها تَقْبيلا
يا ابنَ النبيِّ، ولِلْملوكِ رِسالَةٌ مَنْ حقَّها بِالْعَدْلِ كانَ رَسولا
الأبيات السابقة نفسها وردتْ في قصيدته سنة 1947 في مدح عبد الإله.
اكتشفنا يومها إحدى حِيل الجواهري: تضمين قصيدة جديدة أبياتا من قصيدة قديمة، توافقها مناسبة وبحرا وقافية!!
هذا مثال من حيل الجواهري، بيّناه يومها، قبل سنين، ولا أ’ظنّ القرّاء لاحظوه، لأنّ الشاعر شاطر طبعا، وإن اعتمده غير مرّة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا