الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلتي مع الهايكو/دراسة

ريتا عودة

2022 / 9 / 11
الادب والفن


بدايتي مع الهايكو كانت في الجامعة، سنة1986 حيث درست للقب الأوّل "أدب مقارن" وكانت صدفة غريبة أنني قمت بالتسجيل لكورس اختياري عن الهايكو دون أن أكون قد سمعت عنه من قبل.
سنة 2016 عثرت على مجموعات هايكو لأجانب على الفيسبوك فبدأت أكتب معهم. لكنّني لاحظت عدم وجود رؤيا واضحة لخصائص الهايكو،
ومن هنا، قررت أن أتفرّغ لهكذا دراسة، فقد كنت مولعة بكتابة الومضة الشعريّة، وتعلّق قلبي بالهايكو منذ عرفته.
.
ممّا زاد الطين بلة في عدم وضوح الرؤيا هو وجود نوع أدبيّ آخر يحمل ذات الشكل الخارجي للهايكو ولكن مضمونه مختلف واسمه مختلف ايضا يكتبه عامة الشعب في اليابان يوميّا ، حيث أخذوا القالب ووضعوا داخله أيّ مضمون قد يخطر على بالهم، وهذا هو الحال مع أغلب من يصنفون أنفسهم كشعراء هايكو عرب،
لم يكن هدفهم جماليا ، إنما للتسلية فقط.

أخذت أقرأ كلّ ما توفّر من قصائد هايكو للشعراء اليابانيين المشهورين. لاحظت تعدّد المدارس، واستهوتني قصائد "Basho" وسرت على دربه بعدما كوّنت لي فكرة عن خصائص الهايكو.
*

والآن، ها قد حان وقت تصحيح مفاهيم خاطئة عن الهايكو:

من غير المعقول، أن توّزع الجوائز لشعراء عرب يظنون أنهم يكتبون قصائد هايكو وما هي إلا ومضات.
عندما يصادفك نوع أدبيّ جديد كالهايكو ، عليك أن تدرس خصائصه قبل أن تبدأ بممارسته.
كما أنّه لا يجوز أن نأخذ من البيضة فقط القشرة، لا يجوز أن نأخذ من الهايكو فقط الشكل الخارجي.
أنا وجدت أنّ أفضل طريقة للإضاءة على الهايكو هي عرض نماذج من الهايكو الأصيل، لأنّ شريحة كبيرة من شعراء الهايكو العرب يكتبون ومضات وهم معتقدون أنّها هايكو،
أن تخبرهم حقيقة كهذه، تعني أن تزلزل مفاهيمهم لذلك ستكون المواجهة شرسة جدا.
*
يؤسفني أن يقوم النّقاد أيضا بتضليل الشعراء:
حدَثَ أن كنتُ في ندوة أدبيّة تحدّث فيها ناقد محليّ عن ديوان لشاعرة محليّة، وتفاجأت أنه يقول أن الشاعرة خصصت جزءا من ديوانها للهايكو، ومن هنا ، قدّم تعريفا للهايكو على أنّه: حسّي.
حسيّ!!!
جنّ جنوني، وغادرت المكان فورا.
كيف لكفيف أن يقود كفيفا!.
إن كان النّقاد يعتبرون أنّ الهايكو ما هو إلاّ 3سطور: (قصير، طويل، قصير)، فهذه مأساة!
*

إذن، ما هو الهايكو..؟
الهايكو كالكاميرا التي تلتقط مشهدا ما ذا مغزى من الطبيعة. المشهد العادي يتحوّل إلى غير عادي في لحظة إنارة:

نموذج هايكو:


في القطار-
صعود وهبوط حبّة
ثلج

ريتا عودة/ 2022

اقتناص لحظة ما في حياة (حبّة الثلج) في المشهد العادي أعلاه الذي التقطته عين الإنسان المسافر في القطار، تحوّلت في لحظة إنارة عالية إلى مشهد فوق عادي بحيث اكتسبت مدلولات رمزيّة.
فالمسافر((الحياة رحلة)) في ((قطار الحياة)) يقارن بين كينونته وكينونة حبّة الثلج التي أخذت تترنّح بفعل الريح، تصعد وتهبط ، إلى أن وصلت الأرض فذابت وتلاشت بعدما امتصّتها التربة.
هذا هو حال المسافر في القطار ، بل حالنا جميعا.
سوف نظلّ في مدّ وجزر ، نصعد حينا ونهبط آخر ، إلى أن نعود للأرض فنتحد بها لنولد من جديد فيما بعد.

الكاميرا موضوعيّة : لا تلتقط مشاعر إنما مشاهد.
الهايكو موضوعي: لا يغيّر عن مشاعر/ أفكار/ رؤى إنما مشهد.

وجه الشبه بينهما هو الموضوعيّة والتقاط مشهد عادي يتحوّل إلى فوق عادي،
كما يلتقط المسافر مشاهدا خلاّبة للطبيعة خلال سفره، هكذا هو الهايكو.
اللقطات التي قمت بتصويرها تظلّ تدهشك كلّما نظرت إليها،
كذلك الهايكو الجيّد، فهو يحمل داخله بذرة بقائه.

يتبع...
باحترام..ريتا عودة
10.9.2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى