الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماالذي تفعله (الثقافة) في غياب النقد؟

ثائر زكي الزعزوع

2006 / 9 / 29
الادب والفن


تساءلت قبل فترة وجيزة: لم قد يضحك أي أحد حين يسأل عن الثقافة العربية، معتبراً من جانبي أن لا وجود لما يسمى اصطلاحاً (الثقافة العربية) بل إن ثمة تنويعات على ذلك المصطلح تبدأ من الأزمة وتمر بالمحنة لتصب نهاية في مصب المشكلة والوجود الذي لا جدوى منه.
فما الذي فعله المثقفون العرب، وكذا رجال الدين لتجنيب المجتمع الانحدار العشوائي الذي تعرض ويتعرض وسيتعرض له، وهو يهوي حارقاً المراحل مستعيداً تصور امرئ القيس: كجلمود صخر حطه السيل من عل؟.
وإن يكن ثمة عتب لعاتب أو لائم على شيء، فهو على الحالة الاستهلاكية التي روج لها المثقفون أولاً، مستسهلين لعبة استهلاك نتاج الآخرين، وإعادة تصنيعه وفق رؤية ضيقة، ليبدو في أحسن حالاته كالرداء المرقع.
ولعل تغييب النقد أي العقل، وجعله تابعاً رخيصاً، واعتباره ردّ فعل، لا فعلاً ساهم إلى حد كبير في تفشي الحالة المتردية واستفحالها، إذ إن أي إنتاج إنساني، يتوجب أولاً التقعيد له، أي بناء قاعدة صلبة يستند إليها كي يتم تجاوز الهنات والضعف في أثناء عملية البناء، وإلا فإن كل شيء يعقب البناء بعد اكتماله سيكون رد فعل لا فائدة ترتجى من طرحه، وسيكون آتياً في غير أوانه وزمانه.
وعلى هذا فالناظر إلى ما آلت إليه الأمور يمكنه بكل راحة ضمير أن يلقي تبعات التردي على أولئك الذين انتظروا حتى ينجز الأمر كي يدلوا بدلائهم، فتخرج لهم فارغة، إذ لا قول بعد وقوع الواقعة، والأصل، حسب ظني، أن يقال ما ينبغي قوله حين وقوعها، إن لم يكن قبلها كي يمكن التراجع إن كان ثمة إمكان له، أو تلافي الاستمرار في الخطأ.
لا شك أن ثقافة الاستهلاك تنحى بالمجتمع شيئاً فشيئاً إلى مجتمع فاسد، يعتاش على الفتات معتبراً ألا قدرة لديه على التصنيع، بل وناظراً إلى الحالة (الاستهلاكية) التي يحياها على أنها الصواب، وخلافها لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحمله المستقبل، مجتمع قائم على الاستيراد، غير قادر على التصدير.
فإن عدنا إلى المخاضات التي عاشها الأوروبيون في الفترة التي امتدت منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى وصولاً إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية نجد أن الأوروبيين ذهبوا بعيداً في ابتكار أدوات وأفكار جديدة تتلاءم مع المتغيرات الطارئة، التي أثرت حتى على طرق الناس في تناول الطعام، وعليه فقد أدت تلك المخاضات إلى ولادات ونشوءات جديدة أعادت للمجتمعات قوتها وقدرتها على استنباط أشكال عيش جديدة، ما أنتج ردماً لهوة كانت من الممكن أن تتشكل عقب ما شهدته تلك المجتمعات.
وبالمقابل فإن ذلك البحث المضني الذي أفرز ما أفرز لدى عالم الشمال، تم استيراده في غضون أشهر من قبل مجتمعات الجنوب، وتم تناوله وتداوله، دون أن يصار إلى قراءته بشكل لائق، فتشكلت تيارات كأبناء زنا مرفوضين اجتماعياً، وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف قرن إلا أن تلك التيارات ما زالت غير مكتملة، وفي الوقت الذي ما زالت مرفوضة فيه يسعى عتاة (الثقافة) إلى تخطيها، وصولاً إلى استيراد ما وصل إليه الآخرون. الأمر ينسحب دون عناء على كل شيء تقريباً بدءاً بالسريالية مروراً بالكاميرا الرقمية وصولاً إلى (الشرق الأوسط الجديد) فهل من مزيد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-