الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الأردنية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني في فلسطين عام1948-1951*

ابراهيم حجازين

2006 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الحلقة الأولى
حتى نفهم موقف عصبة التحرر الوطني في فلسطين من العلاقة بين الأردن وفلسطين في اعقاب الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، لا بد من استعراض خصوصية نشأة العصبة والعوامل التي حكمت موقفها من مجمل القضايا التي أحاطت بنشاطها ، وتكمن أهمية دراسة هذا الموضوع في طبيعة المشاريع الاستعمارية الجاري تنفيذها والتي تستهدف مستقبل منطقتنا العربية ومستقبل كل دولة من دولها ،وخاصة القضية القومية الأولى القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ومستقبل الأردن .
قرار تاريخي أصدرت عصبة التحرر الوطني في فلسطين قرارا تاريخيا في شهر أيار عام 1951 يتضمن اندماج الجزء المتبقي منها في الضفة الغربية مع الخلايا والتجمعات الماركسية في الأردن وتشكيل الحزب الشيوعي الأردني ، تم ذلك بعد أن ضمت الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية ، وإجراء الانتخابات النيابية التي تكرس هذه العملية عام 1950 ،وإصدار القرار يعني أن العصبة قد وافقت على عملية التوحيد بعد أن كانت تعارضها. وتبرر العصبة قرارها أنه"قد ظهرت ظروف جديدة بتوحيد جزء كبير من فلسطين مع الأردن "، حيث استطاعت السلطات إلغاء الفروق بين الضفة الغربية وشرق الأردن .وتستطرد العصبة "لهذا أصبح الأردن دولة تتشكل من قوميتين فلسطينية وأردنية" وهذه الدولة كما كانت ترى العصبة يسيطر عليها الاستعمار البريطاني .
أعطت العصبة مبررا فكريا وأيديولوجيا لموافقتها على الواقع الجديد منها زوال الفروق بين الضفتين وضرورة وحدة الطبقة العاملة على أساس طبقي .وبهذا الموقف الجديد فإن عصبة التحرر تتخلى عن مطلبها في إقامة الدولة الفلسطينية الذي كان هدفها طوال العامين اللذين سبقا موافقتها تلك وتكون بذلك أمينة للفكر الشيوعي الذي يؤكد على العامل الاقتصادي ووحدة السوق والعامل الطبقي كأساس لأي وحدة سياسية بين الدول . لكن في حقيقة الأمر فإن هذه المقولة لا تنطبق على هذه الواقعة المحددة ، فالعلاقات الاجتماعية الاقتصادية السائدة في الأردن في تلك الفترة كانت في الغالب ذات طابع "ما قبل رأسمالي" ، أما في الضفة الغربية فعلى الرغم من أن تلك العلاقات كانت متقدمة مقارنة مع الواقع في الأردن ، إلا أن المجتمع الفلسطيني كان في حالة انهيار تام بسبب نجاح المشروع الصهيوني وإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين . بناء على ما سبق فإن مبرر العصبة في الموافقة على قيام الوحدة لم يكن مبنيا على الأسس التي أشارت إليها .
فهل استعانت العصبة بالمقولات الأيديولوجية الجاهزة لتبرر خضوعها لقوانين أخرى غير قوانين الحتمية الاقتصادية أم كانت هذه الاستعانة نتيجة لمرونتها وقدرتها على التكيف مع الوقائع الجديدة ؟
إن تأكيد العصبة أن الأردن أصبح دولة ذات قوميتين فيكشف عن الرؤية الفكرية القاصرة للقضية القومية التي رافقت الفكر الشيوعي بشكل عام والعمل الشيوعي العربي بشكل خاص ، لأن الأردن وفلسطين كانا حتى وقت قريب جزءا من كيان جغرافي سياسي وإداري واحد وهو المملكة السورية ثم تم تقسيمه بفعل المؤامرات الاستعمارية ، وشعب الأردن وفلسطين هو شعب عربي واحد جرى تقسيمه في كيانين منفصلين بفعل ذلك المشروع الاستعماري ، كما أن نظرية ستالين التي كثر الاستشهاد بها في القرار المذكور والمتعلقة بالقضية القومية لا تسمح بمثل هذه الاستنتاجات الماركسية جدا أي أن الشعب الأردني والشعب الفلسطيني قوميتين مختلفتين . والتفسير الذي من الممكن الأخذ به لفهم هذه المواقف وبهذه الطريقة أن العصبة كانت تهدف إلى إبراز والمحافظة على الشخصية الوطنية الفلسطينية في لحظة التحول إلى الحزب الشيوعي الأردني والقبول بالأمر الواقع والذي يعني عمليا إلغاء الوجود الكياني للشعب الفلسطيني .لكن عصبة التحرر لم تقم بحقيقة الأمر بأي خطوة عملية لتكرس الهوية الفلسطينية في الوضع الجديد . وهذا يعني أن الشيوعيين آنذاك لم يستوعبوا أن الحلقة المركزية في مقاومة المشروع الاستعماري الصهيوني كانت تتطلب إبراز وتجسيد الهوية الوطنية الفلسطينية .
وتشير العصبة في قرارها أن الهدف المطروح الآن هو العمل على تحرير الشعبين وهذا يتطلب وحدتهم في النضال ضد الاستعمار والقوة الوحيدة القادرة على ذلك هي الطبقة العاملة وحزبها ، وبما أنه لا يوجد في الأردن حزب للطبقة العاملة فقد تقرر تغيير اسم العصبة إلى الحزب الشيوعي الأردني .
من الملاحظ أن قرار العصبة هذا يستند إلى المدخل الطبقي في تناول العلاقة مع الشعبين ، ولا يشير من قريب أو بعيد إلى الرابطة القومية بينهما وهذا الفهم يتضح أكثر في مكان أخر من التقرير حيث يكتشف الدارس للتاريخ أن العصبة قد غلبت الطبقي على القومي في مقاربتها هذه ، إذ تقول العصبة أن غياب الوحدة الطبقية في فلسطين بين العمال العرب واليهود كان أحد أسباب خسارة الشعب الفلسطيني لمعركته ضد الاستعمار والحركة الصهيونية ، وبالتالي عدم استطاعته بناء دولته المستقلة . وهذا الموقف يستند إلى نفس الرؤية التي بدأت تسود في سياستها بعد صدور قرار التقسيم ، وطفقت تطفو على السطح بعد ضم الضفة الغربية للأردن.
وهكذا وبعد عامين من مؤتمر أريحا وبعد عام من الانتخابات النيابية التي جرت في الضفتين عارضت العصبة أثنائها الضم وطرحت بالمقابل إقامة الدولة العربية الفلسطينية في الأراضي التي لم تقع تحت السيطرة الإسرائيلية ، عادت العصبة عن موقفها ورضيت بالأمر الواقع ووافقت على الضم وأعلنت عن قيام الحزب الشيوعي الأردني .
لكن علينا أن نتساءل عن الدافع الحقيقي الذي جعل عصبة التحرر تصيغ موقفها من القضية القومية بهذه الطريقة والذي تجسد لاحقا في موقف الحزب الشيوعي الأردني ، حيث لم يطرح الحزب إقامة الدولة الفلسطينية في برنامجه طوال السنوات اللاحقة .وبالتالي غيب الشخصية الوطنية الفلسطينية .
* البحث موضوع من رسالة دكتوراه للكاتب بعنوان عصبة التحرر الوطني في فلسطين 1943-1951 صادرة عام 1991صوفيا بلغاريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع حالة التأهب في إسرائيل ومنع التجمعات في الشمال


.. ما حدث في الضاحية يهدف لتحييد حزب الله والمقاومة عما يجري ف




.. أهم المحطات في مسيرة حزب الله اللبناني • فرانس 24 / FRANCE 2


.. حالة من الذهول والصدمة في بيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله