في السابع والعشرين من شهر أيار لعام 2003 سينطلق العدد 500 من الصحيفة الإلكترونية "الحوار المتمدن " . تجربتي مع هذه الصحيفة ليست طويلة ولكن يعتد بها ، وخاصة أن كل الذين يكتبون فيها هم أصحاب عقول حرة وأقلام نظيفة لا تقبض المال من أية جهة ،وإنما هي عميلة فقط للحرية وللضمير . لا تضحكوا أيها الزملاء إذا نعتكم بالعمالة للحرية ، فعقوبة العمالة للحرية في عالمنا العربي أشد وأقسى من عقوبة العمالة لأعداء الوطن. زمننا رديء جدا ،ولكن؛ الطريق إلى أي نهر في العالم لايمكن أن يكون سهلا ومنبسطا كما نتصور .
     في هذه الذكرى الحلوة بتجربتها والمرة بما نقرأ عن معاناة أقلام كتابها ، يستوقفني الزمن لحظة أو برهة من العفوية والخلاص الروحي الأبدي لأعبر عن شكري لكل من يساهم معنا في استمرار هذه الصحيفة . وكما أبتهج بهذه المناسبة ، فإني أنقل إلى الروح تمنياتي بأن تستمر الأقلام النظيفة ويزداد عددها في عالمنا العربي الذي اختلطت فيه الصحافة بتجارة الضمير وأصبح كله يقبض من كله تحت شعارات الضمير الإنساني وحقوق الإنسان التي توفّر أقنعة مطلية لا يمكن لأفلام الرعب الأمريكية أن تصنع مثلها .  وأتمنى كذلك ألا تصدر الجامعة العربية مرسوما يقضي بلم الصحون اللاقطة أو وضع ألواح خشبية في الهواء حتى لا نتمكن التقاط الموجات الإذاعية .
      وكوني أصبحت بفضل المنبر الحر "للحوار المتمدن" واحدا من أبرز كتابها ، فلا بد أيضا من مناشدة إدارتها أن يتم توسيع الصحيفة في المستقبل لتشمل موضوعات وقضايا أخرى مثل أية صحيفة مطبوعة ونحن في غاية الجاهزية لتقديم العون . ومن هنا ، في هذه الذكرى ، وكما أضع وردة على قبر الحرية في عالمنا العربي ، فإني أضع وردة أخرى على موقع هذه الصحيفة الحرة .ربما يأتي جيل أكثر فهما وحرية من هذه الأجيال ، فيلغي كل أصنامه الفكرية المصنوعة من التمر ، ويقرر أن يهتدي إلى الأقلام الحرة الني كانت تجوع وتنتحب يوما في عالم مضى .
حيان نيوف
كاتب سوري