الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُلٌّ فِي زَمَانِهِ آلنَّضِيدِ..بخصوص الزمن في رواية-الصخب والعنف-ل:ويليام فوكنر)

عبد الله خطوري

2022 / 9 / 13
الادب والفن


1__متون...

ا_المتن الأول:

أول عهد لي بصخب عنف وليام فوكنر كان مع نسخة فرنسية دار نشر(livre de poche)مترجمة عن الأصل الإنجليزي آقتنيتُها بدرهميْن لا غير من جُوطِيَا الكتب المستعملة في مكان عتيق يُطلق عليه(الطَّالْعَا)بمدينة فاس أيام المدرسة العليا لتكوين الأساتذة بجيب خاو ذي خَصاصة وصحة على قد الحال. أخوكم آنئذ نحيف شاحب مجدور الوجه وآللسان مثل ظل تالف عن ظله.ما إن لاحظتُ الكتابَ الأصفرَ حتى آحتضَنَتْه لَهفتي.تصفحتُ الصفحة العاشرة، الرابعة عشرة، الرابعة والثلاثين، مائة وسبعا وأربعين..جعَلَتْ عيني تمسح خطوط اِيتَالِيكْ المائلة الغامقة والعادية المستقيمة، الأفقية وآلعمودية، تتلمس همهمات(بانجي)المعتوه في فصوله المقدَّمَة المُؤَخَّرة"..مْخَرْبْقَا هي الدنيا مْرَوْنَا كُولشي فيها بالمقلوب..شممتُ بعينِ آلأهوكِ آلزرقاءِ آلقفارَ، سمعتُ ما لا يسمع بمنخار(سيرانو دوبيرجوراك Cyrano de Bergerac)(1)، أغمضت عيني رأيت ما لا يُرَى؛ وبلمسة الملسوعين، جعلتُ(كتاب الجيب)العامر بثقل الحروف في جيبي الخاوي الهش، وعبق رذاذ الأنواء تبلل صرخات تعجز أن تطفر من مُوق أعين السموات العجاف ...

ب_المتن الثاني:

(هَبَطَ عصفورٌ عبر نور الشمس وحَطَّ على عتبة النافذة ورفع رأسَهُ اليَّ.كانت عينه مستديرة براقة.وكان يرقبني أولا بعين،واذا هو يرقبني بالأخرى،وحنجرته تضخ بأسرعَ من أي نبض.وبدأت السَّاعَةُ تَدُقُّ.فأقلعَ العصفورُ عن نقل عينيه وراحَ يرقبني في ثبات بالعين نفسها الى أن انتهتِ الدقاتُ الرنانة،كأنه يصغي اليها هو أيضا.ثم رفَّ عن العتبة وطار.)

_صفحة 127
_رواية الصخب والعنف
_وليام فوكنر
ترجمة جبرا ابراهيم جبرا
_المؤسسة العربية للدراسات والنشر
_الطبعة الثالثة
_عام1983

ج_المتن الثالث:

(عندما سقط ظل عارضة الشباك على الستائر كانت الساعة مابين السابعة والثامنة.لقد أقفتُ اذن في الوقت المطلوب ثانية،وأنا أسمعُ الساعة.كانت تلك ساعة جدي،وعندما أهداني اياها أبي قال:كونتن، اني أعطيكَ ضريح الآمال والرغبات كلها.وانه لمن المناسب الى حد العذاب أنْ تستخدمها لتكسبَ النهاية المنطقية الحمقاء لاختبارات الانسان جميعها،وهي التي لن تنسجم وحاجاتكَ الشخصية أكثر مما انسجمتْ وحاجات جدكَ أو أبيه.إني أعطيكَ اياها لا لكي تذكر الزمن، بل لكي تنساه بين آونة وأخرى، فلا تنفق كل ما ما لكَ منْ نَفَسٍ محاولا أنْ تقهرَ الزمن لأن ما من معركة حارب فيها أحدٌ.فالميدان لا يكشف للمرء إلا عن حماقته ويأسه، وما النصر إلا وهم من أوهام الفلاسفة والمجانين.)

_صفحة 126
_رواية الصخب والعنف
_وليام فوكنر
_ترجمة جبرا ابراهيم جبرا
_المؤسسة العربية للدراسات والنشر
_الطبعة الثالثة عام1983

د_المتن الرابع:

ذهبتُ الى منضدة الزينة وتناولتُ الساعة، ووجهها لمَّا يزل الى أسفل. وقرعتُ بلَّورها على زاوية المنضدة وأمسكتُ بحطام الزجاج في كف يدي وأفرغتُهُ في المنفضة.وبقيتِ الساعة تدق.وجعلْتُ وجهها الى فوق لأرى الميناء الفارغ بما وراءه من دواليب دقيقة تتكتكُ، غير عارف ما أفعلُ غير ذلك.

_صفحة 131
_رواية الصخب والعنف
_وليام فوكنرترجمة جبرا ابراهيم جبرا
_المؤسسة العربية للدراسات والنشر
_الطبعة الثالثة
_عام1983

2_المؤلف....

ويليام فوكنر 25 سبتمبر1897 يوليو 1962روائي أمريكي وشاعر يعتبر واحدا من أكثر الكتاب تأثيرا في القرن العشرين،حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1949.كما نال جائزة بوليتزر عام 1955عن حكاية خرافية،وفي عام 1963 عن الريفرز...تتميز أعمال فوكنر بمساحة ملحوظة من تنوع الأسلوب والفكرة، تدور أغلب أعماله السردية حول موضوع التحولات التي عاشتها منطقة جنوب أمريكا أواسط ونهاية القرن التاسع عشر وأثرها على نمط العيش والعلاقات الاجتماعية وطرق التفكير ومجمل ردود الأفعال آتجاه واقع ينهار بتؤدة صارمة حادة تودي في طريقها كُلَّ مَنْ لم يستطع التكيفَ والمواءمة والتعايش والظروفَ المستجدة...

3_تعليق....

تيمات كثيرة تعرضها(الصخب والعنف)، لعل أبرزها تيمة الزمن أهو مطلق أم نسبي أفيزيائي هو أم نفسي أيسير بوتيرة واحدة أحادية خطية كرنولوجية أم تتخله خروقات خاصة تؤثر في المكان والإنسان، ومدى تأثيره في آلشخوص الذين تختلف رؤاهم وطريقة تعلاقاتهم وإياه...
في الفصل الثاني المؤرخ ب 2 يونيو حزيران 1910 تحضر شخصية"كونتن"المثقف حضورا نوعيا مختلفا يعكس آنزياحا عما ألفه العاديون في معايشتهم الزمن..ونظرة خاطفة للمعجم المستعمل في آستهلال الفصل توضح هاجسا مؤرقا يشغل الشخصية الرئيسة في الفصل:(حزيران/1910/الساعة مابين السابعة والثامنة/الوقت/ساعة جدي/تذكرالزمن/تقهر الزمن/تنساه/آونة/تكتكة/استعراض طويل متسلسل متلاش للزمن....)(2)الى درجة أصبحتْ معها التكتكات هوسا وجوديا يؤرق الحياة وينغصها..."...
"الصخب والعنف"أعيد مراودتها حينا حينا(لاحظوا حضور الزمن الذي تكثف في أحشاء الرواية مازال يتبع مساره غير مبال خارجها)..تارة بتلاوة فرنسية أخرى بترجمة الفلسطيني جبرا ابراهيم جبرا الذي بذل جهدا لافتا لتقريب جدتها وطراوتها وتوليفاتها وتعقيداتها اللذيذة والخروقات الزمنية والانزياحات التي يلجأ اليها فوكنر للقارئ العادي أو المختص على حد سواء...
واضح أن الشخصية الرئيسة في هذا المقطع من الرواية حاولت كسر الساعة لتتخلص من ربقة الإحساس بثقل وقع الزمن، لكنها لم تفلح لأن عقربيْها استمرا في تكتكة رتيبة جائرة تحصي الأنفاس وتنحر الأعمار.ورغم تيقنه من وضعها محطمة داخل مقبرة جيبه، تستمر في عملها الصفيق دون هوادة(لنلاحظ الجيب الخاوي لم يعد كذلك، أمسى مقبرة لزمن لا يريد أن يموت)؛ ويكمل طريقه كونتن في ما تبقى له من حياة في الحياة متأملا لواعجه التي تترى تحت رحمة مؤشرات أوقات تحصي عليه أنفاسه الأخيرة دون هوادة...
هي قصة أخوة ثلاثة هم:"كونتن" و"جاسن"و"بنجامين أو بنجي"وأختهم "كاندس أو كادي"وابنتها"كونتن"(سُميت باسم خالها بعد انتحاره)..كُتبت الرواية على شكل سمفونية موسيقية في أربعة أقسام،كل قسم من الأقسام الثلاثة يرويه أحد الأخوة بالدور، كل على طريقته، والقسم الأخير يرويه المؤلف...
الحياة هنا كما ورد في البدايات قصة يرويها معتوه مليئة بالضجة والغضب لا معنى لها لا مغزى لا مقصد لا شيء البتة..انها حكاية متعددة الأصوات مليئة بالمفارقات الزمنية.شخصياتها تتداخل بمصائر متعالقة لدرجة التشابك والتشظي والانشطار..هي حكايات متعددة في حكاية واحدة بموضوعات تتفاعل تتوازى تتضاعف حول نقطة مركز واحدة هي..سر الزمن والموت...
ان الكاتب يحطم هنا زمنا لا وجودَ له إلا في ذاكرة شخصيات الرواية..ذلك اننا حين نبدأ في قراءة فصولها نجد أن كل الأحداث وقعت قبل تلك البداية، بحيث إن ما يصادفنا ونصادفه من وقائع أثناء القراءة إنما هو تذكّرُ الشخصيات المعنية لها،وتفاصيل ما تتركه من آثار في نفوسها..فإذا بنا في فوهة بركان مستعر صاخب بالحلم بالجنون بالآمال والآلام.. انها حكاية عالم يولدُ على أنقاض عالم يتهاوى وينهار..
ان الانسان الذي يمارس طبائع غير سوية والشذوذ على غيره، سيتلقى المعاملة نفسها بشكل من الأشكال،فما يمارسه على غيره يتم ممارسته عليه، اننا نقف في عالم مدهش غريب من الشخصيات وهي تدور حول أسرة(آل كومبسون)التي تعيش في الجنوب الامريكي بداية القرن العشرين من أصول عريقة في المنطقة..نجد"كونتن"الحائر مع مشكلة الزمن بعد أن ارتكب زنا المحارم مع أخته يبحث عن طريقة تُسهل عليه عملية الانتحار.أما شقيقه الذي يعمل حدادا فانه يسرق النقود التي ترسلها معه أخته"كانديس"الى ابنتها غير الشرعية فتأتي صديقته لتسرق بدورها المال منه وتهرب مع شخص آخر، في هذا الصراع تكون السيدة"كومبسون"غارقة في عالم الماضي الذي ولى؛ وكلما تخفق العائلة وتنهار فإنها تزداد تمسكا بتلابيب مجد الماضي..ومن كل هذه الشخصيات، يقدم فوكنر شخصية واحدة ناضجة حكيمة عفيفة هي"ويلزي"(قد تكون كذلك في أغلب الظن)المرأة الراعية الخادمة المربية الزنجية المتقدمة في السن، وكأن فوكنر يوحي بأن العفة قد بلغت الشيخوخة والعجز في عالم مثالي تنهارُ قيمه يوما عن يوم..ليهدأ الصخب والعنف وتنساب شرفات وواجهات المنزل آنسيابا سلسا ناعما والأشجار تتهادى كعادتها كأن شيئا لم يحدث والأعمدة والنوافذ والمداخل واللافتات..كل في مكانه النظيم...

_إحالات:
1_Cyrano de Bergerac
سيرانو دوبيرجوراك شخصية رئيسة في مسرحية الفرنسي(إيدمود غوستان
(Edmond Rostand)ألفها عام 1887

2_بداية الفصل الثاني من رواية(الصخب والعنف)وليام فوكنر/ترجمة:جبرا إبراهيم جبرا/صفحة:126و127/المؤسسة العربية للدراسات والنشر/الطبعة الثالثة/عام 1983








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد