الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترکيا..دولة الفتونة!

نزار جاف

2006 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


حمى المسلسلات التلفزيونية العربية التي تتناول موضوع "الفتونة"، کاد يطغي على المواضيع الاخرى لکثرة الاقبال الجماهيري عليها، حتى إن الکتاب باتوا ينبشون في التأريخين القريب و البعيد بحثا عن شخصيات و موضوعات ذات طابع فتوني بحت. لکن لو إنتبه هؤلاء الکتاب قليلا الى ترکيا و تمعنوا في الکثير من تصرفاتها السياسية و القضائية و الاجتماعية وحتى الانسانية، فسوف يجدون مجالا واسعا بالإمکان الاستفادة منه من عدة جوانب قد يکون الاقتباس مثلا نموذجا لذلک، فدم الفتونة الذي برد کثيرا في حارات و أزقة القاهرة و الاسکندرية و دمشق و حلب و غيرها من المدن، سوف يجدونه حارا بل وحتى يغلي في عروق ساسة و جنرالات و قضاة و برلمانيوا ترکيا الحديثة!
الدولة الترکية الحديثة التي بنيت على أنقاض أتعس دولة و أکثرها فسادا في التأريخ الاسلامي، مازالت تتعامل بنفس المنطق الذي کانت الدولة العثمانية تتعامل بها مع الولايات و السناجق التابعة لها، فهي تحاول دوما فرض منطق إستعلائي في مخاطبتها للدول الاخرى، خصوصا تلک التي تجد فيها ضعفا أو تشعر إنها بحاجة لمساعدة ما منها.
هذا المنطق الذي تدرکه جيدا کل دول الجوار الترکي خصوصا سوريا و اليونان و إيران و العراق و قبرص، قد باتت دول الاتحاد الاوربي أيضا تشعر به من خلال الرفض الترکي"غير المبرر"لشروط دول الاتحاد بخصوص الحد من تدخل"الجنرالات"في الشؤون السياسية وأمور أخرى لاتمت إليهم بصلة.
لکن ترکيا مع منطقها الاستعلائي هذا، تدرک ضئالة حجمها و محدودية دورها حين تکون في قبالة الولايات المتحدة الامريکية و إسرائيل، وهي تسعى ليل نهار لکسب رضا هاتين الدولتين حتى في ظل إسلامها السياسي، ومع هاتين الدولتين يتغير ذلک المنطق الإستعلائي الى منطق"إلتماسي"يتضرع خلاله ساسة أنقرة بکل خشوع لإستدرار عطف صاحب بابهم الاعلى في واشنطن و تل أبيب، ومع إن التقارير المتسربة من أقبية الدوائر السياسية و الامنية لهاتين الدولتين تتحدث عن إنزعاج بات يتزايد مع الايام من ذلک الالحاح الترکي المستمر على طرح أجندة محددة على بساط البحث و التعامل معها بمنطق سلاطين بني عثمان!
وبالامس، زار وفد برلماني ترکي مکون من أعضاء من حزب العدالة و التنمية الحاکم و حزب الشعب الجمهوري المعارض، مدينة کرکوک، حيث إلتقوا فيها بمحافظ المدينة و مجلس المحافظ فيها، وخلال اللقاء الاول، حرص الوفد الترکي على عرض عضلات الفتونة و التأکيد على عمق إيمانه بالديمقراطية في رسم خيارات الشعوب حين قال نائب عن الحزب الحاکم: "مصير هذه المدينة يحددها ساکنوها وإن المادة140 واحدة من مواد الدستور الدائم، لکن أي شئ في هذه المادة يلحق ضررا بمدينة کرکوک سوف نواجهه و نقف ضده"! يقينا أن المقطع الاخير للتصريح يناقض و بشکل صارخ المقطع الاول منه، ذلک إن منطق الإملاء هو الذي يطغي عليه، سيما حين حاول النائب ذاته تأکيد فتونته و حتى مقارنته بسادته و أولي نعمته حين قال بصدد الوجود الترکي في العراق: "من حقنا کدولة جارة للعراق أن يکون لنا تواجد فيه مثلما هو الامر مع أمريکا"!! إذن فبحسب هذا المنطق"الاعوج" المناقض لکل القوانين الدولية، من حق کل الدول أن تتداخل مع بعضها حتى يضيع الحابل بالنابل ويغدو الامر کما کان الحال في الاستانة بالدولة العلية، أي حارة"کل من أيد ألو"!
الحق إنني أدعو الکتاب المصريين و السوريين على حد سواء، الى الإلتفات الى هذا التراث الثر للفتونة العصرية التي يستعرضها رجالات الدولة الترکية في کل زمان و مکان وتوظيفها في أعمال درامية سوف تدر عليهم قطعا الربح الوفير ذلک أن فيها من الامور و الاهوال مالم يمر على البال أو الخاطر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح