الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخفاجية قصة

كاظم حسن سعيد

2022 / 9 / 15
الادب والفن


حشدت ايران الفرقة 92 المدرعة او الفرقة الذهبية ومجاميع كبيرة من الحرس الثوري وشرعت بالهجوم على قاطع الخفاجية في ليله 6 كانون ثاني 1981 ، بعد تمهيد نيراني مكثف ، استمر طوال الليل ، لاستعادة مدينة سوزنجارد , كانت من اكبر معارك الدبابات الطاحنة .. وهزجت النادبة في احد ازقة حي الحسين في البصرة (هجمتي بيوت بسج يا الخفاجية ).. وعاد منصور من معركة الخفاجية بعين واحدة ..وقد قدر حجم الكارثة التي تنتظره بعد ان رأى وجهه في المرآة لاول مرة وهو يرقد في مشفى البصرة العسكرى ..
قبلت به جارته سمية زوجا , فهي يتيمة وكانت تتمنى ان ينظر اليها بوله كلما عاد بملا بسه العسكرية المرقطة ..ورث عن ابيه دكانا للبقالة في حي البجاري في العشار بين بيوت الشناشيل .. مهند يكبره بعشر سنوات هو جاره القديم قبل ان ينتقل منصور الى منزل اشتراه قرب محله .. كلاهما خمّاران مولعان بالجمال الانثوي وحب الحياة ..كلاهما كان يخبيء قنينة العرق .. بعد الغروب بين ظل شجيرات الياس التي تسور فلكة قرب منزليهما .. الا ان منصور يقضم الكثير من اوراق الياس ويعلس كمية من الهيل لتفتيت رائحة العرق القوية خشية من ابيه فيما لا يحتاج لذلك مهند فقد كان ابوه يكرع الخمر الثقيل ..اثناء الزيارة قال مهند (لم اجد رغم السنوات مثل جمال بيداء .. تلك التي تزوجها رجل خامل يعمل في ماكنة السوس) واشرق وجه منصور.. كانت تاتي الى الدكان القديم وكنت احرك الاصابع بين فخذيها ..وهي تقهقه مثل من مستها دغدغة .. وتذكر منصور وتخيل حال صاحبه مهند حين عاد مخمورا قبل عامين فعبر ساقية نتنة على بعد امتار من باب منزله فتهاوى عليها وغرق وابتلت ملابسه بالماء النتن فحمله رجلان جاران وادخلاه البيت ..بعد ساعات استدعت زوجته عمه فاشبعه صفعا ..
(اوصينا القواد في شارع بشار ان ياتي لنا بفتاتين صغيرتين نظيفتين واعطيناه بخشيشا .. وانطلقت بنا سيارة صاحبي الى البرجسية وبين اشجار الاثل افترشنا البسط ونصبنا قناني المسكرات وملانا صحون الفرفوري المنقشة بالمكسرات خاصة اللوز والفستق .. وبحب الرمان والجاجيك ..لنا عرق المسيح ولهما البيرة ... وبعد ساعة من الاشتباك اقترب فجأة خيّال -فارس على جواده فاصبنا بالرعب وشحبت الفتاتان .. لكنه سلّم وطلب سجائر فقدمنا له علبتي روثمن وغادرنا .) فاجابه مهند (كان زمنا جميلا رغم مرارته.. لكل عالمه ولا احد يهتم بحياة احد ).. وقطع الحديث صغير مهذب واخته التي تكبره بعامين تربط نهاية ضفيرتها فراشة بنفسجية وطلبا علبة شاي وكيلو سكر .. فاكمل مهند ..(تصور مرة واحدة فقط دخلت الى منزل للمومسات ..تحذيرات ابي منعت واحساسي بان المرأة عليها ان لا تكون مبتذلة ولا سلعة كان جدارا .. كنت طيلة عمري لا ادخل تلك البيوت .. وفي مرة عدت وصديق من مشرب وقد لعبت الخمرة بالمخ .. فدخلنا منزلا كانت الساعة تقترب من المنتصف ..وكان المنزل مراقبا فلم نجد فتاة بل رجلا املس ابيض بدينا يشد جبهته بقطعة بقطعة حمراء قال
ــ تفضلا اهلا
ــ اين النساء
ــ خرجن لاداء عمل .. استريحا
وقرأنا لهم بعض الشعربلهجة دارجة (ابوذيات ) فقال الا تشتهون .. انا مستعد .. فضحكت وقلت له (انت ؟ ) لكن صاحبي اختلى به وعملها ثم استدعاني وخلع دشداشته ..كانت خلفية بيضاء كبيرة (قال ذلك مهند وهو يدمع من الضحك ومنصور يطلق القهقهات صائحا (هلوو.. احسن فلم ).. (ومد اصابعه فلم يتحرك فيّ شيء وحاول لنصف ساعة ..واستعرض مهارات فلم يفلح .. بعدها غادرنا دون ان ندفع فلسا..)
نشأت سمية في بيت تحكمه امها .. كان ابوها جبانا بالوراثة .. يظهر منه سلوك عنين ..وكانت امها شهباء خضراء العينين : رشاقة وروح محلقة لا يرويها شيء ..ابدا تطلق الطرائف الجنسية وتروي حكايا العشاق وتقول اشاعات بانها احبت اكثر من سبعة اشخاص ولها قصص منهم ترويها وهي تنسب الحكايا لامراة تسميها (ام مسلم )..ولم تكن تدرك بان سمية اصبحت تعي ما يجري وهي في العاشرة .. لم تغلق الباب ..ادخلت احدهم لغرفة نومها فيما كان زوجها في دائرة الموانيء .. في الساعة العاشرة من يوم تموز جهنمي ..فقرأت سمية اسرار النساء مبكرا لكنها استغربت من تأوهات امها وصرخاتها فاقتربت من ثقب ستارة الباب وتهجّت القضية .بعد اشهر من تلك الواقعة امسك ابوها مكان قلبه وصرخ وفارق الحياة قبل وصوله المستشفى ..لكنها حافظت على عفتها ولم تعرف الوسخ الا بعد عامين من اصابة زوجها ..تترسخ سلوك الام في ذاكرة الطفلة .. في وجدانها .. يغذي خيالها فتختلط مفردات الوعظ مع المترشحات من سلوك الام ..الامهات الاشد حرصا من يسترن الاوساخ عن صغيراتهن بكل حذر ..منذ اللحظات الاولى لمراهقة سمية حتى بلغت امها الستين وادركها العمى وهي تستدل على الحكايا وتعلم بان امها نسّابة فاشلة ..
السمكة الاولى التي اصطادها منصور بصنارة وقصبة تحت الجسر وقت الظهيرة القاسية التجمر .. محاولاته الاولى لقيادة دراجة هوائية اليوم الاول لدخوله الصف وتدريباته على الامساك بقلم الرصاص , التفاحة الحمراء التي اتى بها المعلم في درس الانكليزي وهو يرفعها مرددا بصوت واضح (ابل .. ابل )... ارتعاش اصابعه امام الحلمة الاولى لصبية جارة سمراء في يوم من رمضان حيث الاهل جميعا ينامون حتى الظهر ..انتظاره لموكب المطبرين في عاشوراء فجرا ..فرحته امام قرد يدخن في سيرك خيّم على بعد عشر كيلوات واختفى لنصف قرن بعدما سرقوا منه الجياد الثمينة المدربة .. وحين اخذه صاحبه لدار مومسات في المشراك .. قالت له ساخرة (الا تعرف .. وهل انت لاول مرة ؟) وكان يرتعش ويتصبب عرقا فصيرته رجلا في لحظات ..كل تلك الذكريات تنتهي بصوت المزمجرات في معركة الخفاجية ..في الساعات التي واجه قلبه الطفل انصهار الحديد وتشظيه حمما في عاصفة من الرصاص واصوات المدافع حيث يتخلى الانسان عن انسانيته ويعود لغرائزه الاولى ,ويتحول قتّالا بالضرورة ,ويتكلس الضمير والمثل ويتشوه الجمال ..وتتكفل الجرافات بقبر الجثث..وفي ظلمة تبرقها المتفجرات ..عصفت بهم الدبابات العدوة ..تذكر امه التي ماتت ايام مراهقته .. تذكرها وهي تحتضنه في الفراش لانه تصور ام الارجل المسحاة تريد خطفه ومعها سراقة الصبيان ..(لا احد ينال منك يا ولدي ..تعال اشمك ).. فيزول رعبه ..( الان ..الان اين انت يا امي فانا اموت قبل الموت )..حملوه مضرجا بالدم الى اقرب وحدة طبية ..لم يتوقع ان الحرب ستتعب بعد سبع سنوات وسيعودون ليبذروا وتزدهر السنابل وسينسى الناس الخفاجية ..لكن بعض الاطفال يسخرون منه وهو يمر في بعض الازقة ويسمعهم يهزجون لانه فقد عينه فيقرر من ساعتها ان يقتني نظارات سوداء ليغلق افواههم ..
(زوج خامل لا فائدة منه كنت غبية فاخطأت الاختيار .. وهو لا يحمد الله ويشكره ولا يركع لاني رضيت به وهو بعين واحدة وربما يصاب بالعمى فقد بدا الضرر ينتقل للعين الاخرى ..تافه .. حتى لو كنت مريضة لا يعذر فكل ليلة يحتاج عرسا ويمردني ..انه الحظ .. صديقتي ام الاء فحمة وسخة .. صيرت زوجها المقاول محبسا تديره كيف تشاء .. وانا التي حين اظهر يخاطبوني ب (ست ) لانهم يتوقعونني مدرسة رغم اني لم اكمل السادس الابتدائي .. ابتلاني الله بمنصور .. بعائلته كاني خادمة لهم ..اخبز ثلاثين خبزة في اليوم واشطف ثلاث طستات حتى ذبلت يداي وتغضنت وخالط بياضي الدخان ..) واخبرت امها بمأساتها وانها تفكر بالخلع .. فقالت لها (اختاري عشيقا جيبه ثقيل ,الضباط اغنياء ويبحثون في اجازاتهم عن الارامل والمتزوجات اراهم يجوبون طوال اليوم يبحثون .. لا تخطئي مرة اخرى فقد كبرتي ولك طفلة وولد فمن يقترن بك؟! احتفظي بمنصور عن وحشة الليل واستمتعي في غفلته ..احمدي الله انه لا يشك ويثق بك .. تاركا لك الحبل طويلا ).
وفيما كان يلتقط حبات الحمص واحدة واحدة ليزيل عنه الاوساخ وكريات الحجر.. كانت سمية تتلفن له .. لاول صاحب مطعم في ام البروم تعرفت عليه ..الثعلب الذي غدرها يوما فهجرته حانقة ..قالت لمنصور (درس الفتاة الزوايا في الرياضيات ونظف البيت جيدا ولا تترك صفيحة الزبل واملا البرميل بالماء وان مر بائع الغاز نحتاج قنينة .. مع كل امر يجيبها ب (صار ) وحاولت غلق الباب لكنها عادت اليه باخر امر (انشر البطانيات على السطح لتعقمها الشمس ) ... وتنفس الصعداء بعد ان اغلقت الباب فمضى شاعرا بنسمة حرية وادار المذياع.. كان مهتما بنشرة الاخبار من لندن ..وكل يوم يتوقع انتهاء الحصار الاقتصادي على العراق ..سيستغرق تسع سنوات قبل ان يتحقق حلمه ..
غادرت في اناقة ملكة وقلب عاشقة .. انها تدري ان العشق كذبة انتحر زمانها .. انها تمارس اللعبة وكسب المال والمقتنيات .. قرط او قنينة عطر او ثوبا تحلم به او حذاء حسدت عليه صديقتها (ام جنان ).كان حسام صاحب مكتب للعقارات رجلا في الاربعين يملك بستانا صغيرا في منطقة حمدان يطل على نهر وله باب عريض ينفتح على درب ترابي في غابة من النخيل واتفقا ان ينتظرها قرب تمثال العامل الذي نجا من مجزرة الفؤووس ايام الفرهود في ساحة ام البروم ..منصور في تلك اللحظات انهى اعماله المنزلية باقصى سرعة كانه في ساحة حرب .. كأن ساعات الخفاجية قد تكررت .. ثم استقل تكسي واتى بقنينتي بيرة تركية .. وقشر الخيار كما ايام زمان وخلط الثوم بالروبة في كاسة انيقة ووضع اوراق الخس وليمونة في الصينية .. واحكم اغلاق الباب واضعا كيس بلاستك للاحتياط فلو عادت قبل موعدها بعد الغروب سيحشر الاشياء بسرعة ويخفيها ثم قام واتى بشريط اباحي وشغله وبدا يتسلطن ..وعبثت بمخيلته الخمرة فتذكر نجوى اول حلمة يمرر اصبعه عليها خلف تل السعف المتيبس .. وتذكر حمد حين اتاه طالبا منه الانضمام للحزب .. (وحمد شاب رشيق جميل في العشرين تزوج امراة تبلغ مائة وعشرين كيلو بكت بدموع حمر حين طلقها بعد سنة حين صار برتبة رفيق وبدأت له الابواب تفتح بالترحيب وجملة <اهلا استاذ >والاموال تتدفق اليه ويعدون له الكرسي في الصف الاول تتقدمه طبلة الاصص وكأس العصير في المناسبات التي لا تتوقف يوما والاناشيد الوطنية ..لم يكن قبل احد يشتريه بفلس ..فتصور كل من لا ينتسب للحزب هو خائن او بن زنا وتحول الى قسوة مضرب الامثال واصبح يمشي على اطراف الاصابع . ) ...
في نفس اللحظة التي كانت سمية تتعرى لحسام منتشية بكأس بيرة واحد فقط وسيجارة .. في احدى غرف البستان .فلما عادت رات المنزل كما امرت والفتاة قد اتقنت الدرس فقالت له وهي بالطف مزاج (لا حيل لي لاطبخ ارسل ابنك لياتي لنا بالكباب )..وقبل ان يدخل كل منهما غرفته لينام مبكرا ,منتشيا وبسرعة .. شعرا بنعمة الحرية وبيوم زاخر بالسعادة .كان ينتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر وقد تحدث كل خميس فتغادره بعد الظهر وتعود بعد الغروب بساعة او ساعتين فيسالها (كيف صاحبتك ام جنان ) .. وتجيبه خالقة حكايا من الخيال او تختصر الجواب .
الامر تطورفقد نضجت ابنتها وتوثب صدرها وصحبتها امها ذات يوم الى الصابئي صانع المصوغات الذهبية وكان غنيا في الخمسين .. تعرفت عليه في السيارة ..اخبرته بان لها ابنا معاقا وانه يتيم فاعطاها رقم التلفون وقصدته بعد اسبوع في منطقة العباسية ومعها الفتاة ..بعد شهرين اصيب بالملل منها فقال لها
ــ احتاج البنت
ـــ انها صغيرة
ــ بل تحفة فراش
كان مصيبا فلا رجل رأى العينين الخضراوين والرمانتين المكورتين والخصر الذي يكاد يتقطع على ردفين متقنين الا واشتهاها .. ولفتاتها نظرات اباحية وغمزة بيلوجية ولا شعورية ..وقد اتقنت الرقص الشرقي على المرآة...
وسلمته البنت ظهر الجمعة بين يديه (ساعود بعد ساعتين ) .. واضافت <احذر .. لا تفتحها سيقتلونك > .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم