الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو إزالة المعوقات التي تعترض اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة

عليان عليان

2022 / 9 / 16
القضية الفلسطينية


نحو إزالة المعوقات التي تعترض اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة
بقلم : عليان عليان
المتتبع لم يدور في الضفة الفلسطينية ،منذ معركة سيف القدس التاريخية في مايو ( أيار) 2021 من تطور في الأساليب الكفاحية ،وفي المواجهات في كافة مناطق الضفة ، يخرج بذات الاستنتاج الذي خرجت به دوائر العدو الصهيوني ، "بأن الانتفاضة قادمة ، وستجمع في ثناياها بعدي العنف الثوري المسلح والعنف الجماهيري في سياق المواجهات اليومية مع قوات الاحتلال".
فالحديث عن إمكانية حدوث انتفاضة فلسطينية ثالثة ،على نحو ما حدث في الفترة 1987 – 1993 ( انتفاضة الحجارة) وما حدث في الفترة 2000-20005 ( انتفاضة الأقصى) بات أمراٍ ممكناً ، في ضوء تطورات الأوضاع في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ومناطق 1948
وهذه الانتفاضة في حال اندلاعها ، تضع حداً لأطروحات السلطة الفلسطينية البائسة التي تروج للمقاومة الشعبية فقط - على أهميتها- وترفض الكفاح المسلح ، متجاهلةً " قانون المقاومة في مواجهة الاحتلال" الذي جرى تثبيته في ميثاق الأمم المتحدة ، وفي تجارب الثورات ضد الاستعمار ، ذلك القانون الذي طرحه بموضوعية الفيلسوف "فرانك فانون" " أن الاستعمار حالة عنفيه تقتضي مقاومة عنيفة" وهذا القانون يكون أكثر وضوحاً في حال مواجهة الاستعمار الصهيوني الكولونيالي لفلسطين.
فوسائل إعلام إسرائيلية أكدت أن "ما شهدته الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة هو انتفاضة من نوع آخر ، تختلف عن انتفاضتي الثمانينيات وعام 2000، وتتميّز بكثرة العنف الموجه ضد الجيش الإسرائيلي في كل عملية اعتقال"، حيث تشهد مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة منذ مطلع العام الحالي ،تصاعداً في أعمال المقاومة والتصدي لاعتداءات قوات الاحتلال ومستوطنيه، فالاشتباكات المسلحة آخذة بالارتفاع ، كما أن المعطيات والأرقام التي رصدتها المؤسسات الأمنية الصهيونية ، دفعت وسائل الإعلام الصهيونية لأن تعترف بأن ما تشهده الضفة الغربية هو انتفاضة من نوع آخر .
وحسب مصادر العدو الأمنية فقد بلغ عدد العمليات العسكرية الفلسطينية عام 2021 (91) عملية منها 75 عملية ضد ّقوات الأمن وأهداف عسكرية ، وبلغ عدد العمليات الفلسطينية في العام الحالي 2022 الذي لم ينته بعد 150 عملية ، بينها أكثر من (130) عملية ضد قوات الأمن وأهداف عسكرية ، وقد شهد حزيران/يونيو الماضي تنفيذ (11) عملية إطلاق نار ضد قوات الاحتلال، وفي تموز/يوليو الماضي ، وقعت 15 عملية إطلاق نار ، بينماشهد شهر أغسطس ( آب) المنصرم لوحده (73) عملية إطلاق نار على قوات الاحتلال ، وهذه المعطيات لا تشمل عمليات الرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة ، ما يؤكد أن الرسم البياني للمقاومة المسلحة في صعود دائم ومستمر رغم التنسيق الأمني وخطة كاسر الأمواج الصهيونية.

حول إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالأسباب التي تدفع الأمور باتجاه اندلاع انتفاضة جديدة ؟
في التقدير الموضوعي أن هنالك جملة أسباب تفسر هذه الإمكانية أبرزها :
أولاً : انتقال المقاومة في الضفة الغربية عموماً وخاصةً في مناطق " جنين، نابلس ، طوباس " من تكتيكات العمليات النخبوية والفردية ، إلى حالات الاشتباك المسلح مع قوات العدو من خلال كتائب المقاومة التي جرى تشكيلها ، إذ لم يعد دخول أي قرية أو مخيم أو مدينة عملية سهلة ، بل بات العدو يحسب لها ألف حساب، إذ لا تلبث قوة احتلالية دخول أي حي فلسطيني حتى يواجه بمقاومة مسلحة عنيفة تجبره في كثير من الأحيان للانسحاب تحت وطأة نيران المقاومة ، ناهيك عن حدوث خسائر بشرية ومادية في صفوف العدو في هذه المواجهات .
ثانياً : ارتفاع مستوى التنسيق بين فصائل المقاومة في الضفة الغربية في مواجهة العدو ناهيك أن كتائب شهداء الأقصى باتت تشهد انطلاقة جديدة في تحد مزدوج للاحتلال ولسلطة أوسلو وتنسيقها الأمني.
ثالثاً : أن الكفاح المسلح الراهن في الضفة الغربية ، لم يعد مجرد عمليات تنفذها هذه المجموعة الفدائية أو تلك ، بمعزل عن الجماهير ، بل بتنا نشهد تكامل ما بين الحراك الجماهيري والعمل المسلح ، وباتت الجماهير حاضنة شعبية حقيقة وملموسة للمقاومة المسلحة ، وهذا ما حصل ويحصل في نابلس وجنين وطوباس ورام الله والبيرة والقدس والخليل وغيرها من المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية ، ففي الوقت الذي يدخل فيه جنود الاحتلال لاعتقال مناضلين فلسطينيين، يواجه برصاص المستهدفين بالاعتقال الذين باتوا يفضلون الاستشهاد على الوقوع في الأسر ، كما يواجه بنزول الجماهير للشارع لإلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف على قوات الاحتلال لإرباكه وإفشال عملياته ، وباتت وسائل الاعلام الإسرائيلية تؤكد أن الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال تدخل أي مخيم أو بلدة أو مدينة لاعتقال أي شخص بدون مقاومة قد ولى ، ولم يعد قائماً .
رابعاً : النتائج والمعطيات التي وفرتها معركة سيف القدس التاريخية ، في أن هنالك إمكانية ملموسة لتحقيق انتصارات نوعية على العدو الصهيوني في إطار برنامج المقاومة الذي سهرت على تنفيذه غرفة العمليات المشتركة في قطاع غزة ، شكلت حافزاً رئيسياً لتفعيل المقاومة في الضفة الغربية ، وباتت هذه الغرفة الوحدوية باتت في طريقها للانتقال إلى الضفة الغربية.
خامساً : وتأسيساً على الانتصارات النوعية في معركة سيف القدس والعمليات النوعية الكبرى التي ضرت في بئر السبع والخضيرة وبني براك وتل أبيب، ردا على المؤتمر التطبيعي الخياني في النقب بجوار قبر مؤسس الكيان الصهيوني " ديفيد بن غوريون" ، وانكشاف بؤس الرهان على خيار أوسلو التصفوي ، باتت جماهير شعبنا أولاً والعديد من الفصائل تغادر الحديث عن حل الدولة والدولتين ، وتعيد الاعتبار للخيار الاستراتيجي ممثلاً بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الديمقراطية ببعده القومي المركزي .
سادساً : وفي ضوء الزخم الجماهيري المتلاحم مع الكفاح المسلح ، فقد التنسيق الأمني الكثير من هيبته المزعومة، ومن قدراته خاصة في منطقتي نابلس وجنين ، وبات أزلام هذا التنسيق يخشون من مواجهة الجماهير ، وهو ما أشارت إليه السلطات الأمنية الإسرائيلية التي دعت إلى توفير سبل الدعم لأجهزة السلطة حتى تتمكن من توفير الأمن لجيش الاحتلال والمستوطنين .
وحسب قناة " كان" الصهيونية ، فإن جيش الاحتلال يرى أن أحد أهم الأسباب التي ساعدت على تفجر عمليات المقاومة، يتمثل في تآكل مكانة السلطة الفلسطينية، وعجزها عن إدارة الحكم في الكثير من مناطق سيطرتها، وهو ما جعل أجهزتها الأمنية غير قادرة وغير معنية بمواصلة إحباط عمليات المقاومة، كما كانت تعمل في السابق.، وفي السياق ذاته، اتهم رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال "أفيف كوخافي"، أجهزة السلطة الأمنية بالتقاعس، وعدم العمل على وقف موجة عمليات المقاومة.
فالكيان الصهيوني يسعى باستمرار لتكريس دور وظيفي أمني للسلطة وأجهزتها الأمنية لخدمة الاحتلال وحماية قواته ومستوطنيه، في الوقت الذي يواصل فيه هذا الكيان سياساته في مصادرة الأراضي والاستيطان ، والتأكيد على السلام الاقتصادي وترسيخ الحكم العسكري دون تقديم أي تنازل بشأن الحقوق الوطنية الفلسطينية
سابعاً : الحركة الأسيرة الفلسطينية شكلت رافعة للحراك الجماهيري الفلسطيني ، فنضالات الحركة الأسيرة الواحدة الموحدة في إطار لجنة الطوارئ الوطنية، أجبرت العدو على التراجع عن قرار النقل التعسفي للأسرى وخاصة أسرى حركة الجهاد الإسلامي ، مرتين ، المرة الأولى في مارس ( آذار) الماضي والثانية في شهر أيلول ( سبتمبر ) الجاري.
ثامناً : وهنالك السبب الجوهري لكل الانتفاضات ، ممثلاً بعنف الاحتلال وقمعه المنفلت من عقاله لأبناء شعبنا ، عبر عمليات القتل والأسر المتواصلة والاستيطان وتهويد القدس والتضييق الاقتصادي ، مع ضرورة الإشارة هنا إلى أن هبات سابقة كانت في طريقها للتحول إلى انتفاضات ، مثل هبة الدهس والسكاكين عام 2015 ، وهبة القدس ضد البوابات الالكترونية عام 2017 ، وهبة باب الرحمة 2019 ، حيث حال التنسيق الأمني دون تحولها لانتفاضات شاملة.
لقد فقد وزير الحرب الصهيوني "بيني غانتس" أعصابه، جراء هذا الكم المتراكم من عمليات إطلاق النار من قبل المقاومين الفلسطينيين ، وصب جام غضبه على السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، لتقصيرها وعدم قدرتها على الحد من عمليات المقاومة، في رسالة وجهها للسلطة مفادها "عليكم العمل بقوة ضد (الإرهاب)، وعدم الاكتفاء بالحديث عنه لأنه يمس بمكانتها" .
انتقال المقاومة المسلحة من جنين ونابلس إلى بقية أرجاء الضفة
وبات المشهد المقاوم يؤرق الاحتلال ، بعد أن انتقال العمليات العسكرية للمقاومة إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية ، كما حصل في عملية إطلاق النار على حافلة عسكرية إسرائيلية في منطقة غور الأردن ،أسفرت عن إصابة ستة جنود ، وتبعها عملية ثانية خلال ساعات غربي رام الله وسط الضفة ، وتنفيذ سلسلة عمليات لاحقاً في جنوب الضفة من ضمنها عملية إطلاق النار على مستوطنة " كرميل" جنوب مدينة الخليل ، أسفرت عن إصا ما يعني- حسب العديد من المراقبين العسكريين- "أن هاتين العمليتين وغيرهما من عمليات إطلاق النار ،التي بات تستهدف يوميًا قوات الاحتلال وثكناته العسكرية والمستوطنين، إلى انتقال الضفة شيئًا فشيئًا من الدفاع إلى الهجوم بشكل لافت" ، وبات العدو يبحث عن وسائل جديدة للحد من الاحتضان الجماهيري للمقاومة ، وللحد من خسائره البشرية ،من ضمنها استخدام الطائرات المسيرة لقمع الجماهير الفلسطينية .
لقد أصيب العدو بصدمة كبيرة ،وهو يرى الجنازة المهيبة بعشرات الألوف للقائد إبراهيم النابلسي ورفاقه تتقدمهم أم الشهيد وهي تطلق الزغاريد في الجنازة ، وتذكر الجماهير بوصية إبراهيم قبل استشهاده بالحفاظ على البارودة ومواصلة مشوار النضال والتحرير ، وهو يرى حفل التأبين المهيب في مدينة نابلس للمناضلين بمناسبة مرور أربعين يوماً على استشهاد الشابين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح، وهما من مؤسسي مجموعات "عرين الأسود" ،بحضور 15 ألف فلسطيني وعشرات المقاتلين الفلسطينيين وهم يمتشقون أسلحتهم .
معوقات تعترض مسيرة الانتفاضة
لكن حتى لا نغمس رؤوسنا في الرمال ، لا بد من التوقف أمام بعض المسائل التي قد تعوق انطلاق الانتفاضة أو تؤثر على مجرياتها في حال انطلاقتها نذكر منها ما يلي :
1-أن السلطة الفلسطينية وخشية منها على نفسها ونهجها من انتفاضة شاملة ، قد تستجمع قواها الأمنية بدعم من الاحتلال، وتباشر عملية قمع ممنهج ضد جماهير الانتفاضة وقوى المقاومة ، وتعيد الاعتبار لنهج التنسيق الأمني.
2- عدم ارتقاء الفصائل إلى حالة وحدوية وفق برنامج مقاوم في الضفة الغربية كما هو الحال نسبياً في قطاع غزة ، ناهيك عن ضعف بعضها في الضفة على الصعيدين التنظيمي والدور الوطني المقاوم .
3- أن حركة فتح – حزب السلطة – لم تجر حتى اللحظة مراجعة نقدية لتجربتها السياسية بما فيها توفير الغطاء السياسي لاتفاقيات أوسلو والاتفاقيات المشتقة منها، كما أنها لا زالت ترفض نهج الكفاح المسلح –باستثناء كتائب شهداء الأقصى المطاردة من قبل أجهزة أمن السلطة -وتصر على المقاومة الشعبية السلمية ، متجاهلةً عن عمد أن هذا الاحتلال الكولونيالي العنيف يقتضي بالضرورة مقاومة بكافة الأشكال.
4- كما أن ظاهرة المقاومة العلنية للكتائب المسلحة رغم ما تنطوي عليه من شجاعة واستبسال ، فإنها تسهل مهمة العدو في ضريها واعتقال أعضائها ، كونها لا تستند إلى عمق جغرافي إقليمي داعم لها.
مهمات مطلوبة لاستمرار الانتفاضة
ما تقدم من معوقات قد تحول دون اندلاع انتفاضة جديدة ، أو تحول دون استمراريتها في حال اندلاعها ، يستدعي من فصائل المقاومة الوقوف أمامها ومعالجتها ، وفق مهمات محددة :
1-المبادرة إلى تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة ولجان لها في مختلف المناطق من القوى الوطنية والاجتماعية، التي تقطع بشكل نهائي مع اتفاقيات أوسلو ونهج المفاوضات ومع حل الدولة والدولتين .
2- طرح برنامج متقدم للانتفاضة ينص على دحر الاحتلال ورفض أية مفاوضات مع العدو الصهيوني.
3- تفعيل الحاضنة الجماهيرية للانتفاضة وفق برنامج فعاليات متكامل مع المقاومة المسلحة لإفشال تكتيكات العدو العسكرية والتنسيق الأمني.
4- معالجة الظاهرة العلنية للمقاومة المسلحة لضمان استمرار الشق المسلح في الانتفاضة.
5- الاستفادة من تجربة انتفاضة الحجارة ( 1987- 1993) التي تم قبرها باتفاقيات أوسلو 1993 ، ومن تجربة انتفاضة الأقصى (2000-2005 ) التي تم ضربها باتفاقية شرم الشيخ 2005 لوقف العنف ( الانتفاضة) في الأراضي المحتلة.
6- التواصل مع أطراف في حركة فتح للانضمام للحراك الانتفاضي ، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن قواعد حركة فتح تلعب دوراً فاعلاً في المواجهات اليومية ، وترفض بشكل واضح نهج التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتقدم الدعم لكتائب شهداء الأقصى.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله