الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الكراهية : حين تصبح كرة القدم فعلا حربيا

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2022 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مساء اليوم بالجزائر مباراة في كرة القدم ، تتحول الى حرب ضد أطفال مغاربة فقط لأنهم مغاربة . رفس و عنف ضد أطفال آمنوا ان اللغة و الدين و التاريخ و الجغرافية توحد للأشقاء أكثر مما يفرقهم ، وأن كرة القدم مجرد جسر تواصل بين الاشقاء ، و ليس اداة حرب واقتتال.

عنف على اطفال يكفي انهم لم يستوعبوا بعد ، انهم انهزموا في اخر دقيقة ، و ان حلم التتويج ضاع منهم ومع ذلك يتم تعنيفهم فقط لانهم لعبوا و حولوا ملعب الى قطعة صمت انبهارا بما يقدمه الطفل المغربي حين يداعب كرة بلا حقد .

حين يشعر المنتصر انه منهزم وعوض ان يحتفل ، يستمتع بممارسة عنف غير مبرر ، مما يكشف اننا امام حالة عنف مركب ، وربما هو عنف مقدس مادام ضد المغرب و ابناء المغرب.

العداء نحو المغرب ليس شعورا عاديا و لا يمكن ان يكون كذلك وإنما هو عداء أيديولوجي ،ان استحضرنا طبيعة المشترك بين الشعبيين الشقيقين ، لكن يبدو النظام الجزائري الذي يعيش خارج الواقع ، خارج الزمن و يختبئ وراء ايديولوجية صدئة جعل من كراهية المغرب و المغاربة عقيدة ثابتة .

الجفاء السياسي والعلاقات الباردة بين المملكة المغربية والجزائر أصبح مخيفا ، المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا benjamin Stora ، المفكر و المؤرخ الفرنسي من اصل جزائري و الذي رافق ماكرون في زيارته الاخيرة للجزائر ، و الذي اشرف على اعداد تقرير حول ملف الذاكرة الشائك بين الجزائر وفرنسا .

ستورا اعتبر ان أحد الأسباب المفسرة لحالة العداء المستعصي بين الجارين هو منطق الدولة الوطنية ، فكل دولة تريد إثبات أنها الأقوى في مجالها الحيوي بوطنية الدولة، لكن ما يثير اندهاش ستورا هو ان هذا الجفاء يأخذ بعدا صبيانيا في تدبير العلاقة الصراعية و المتوترة .

وقائع اليوم ، ومجزرة اليوم ضد أطفال ليس فقط سلوكا صبيانيا ، انما هو سلوك فج نتيجة عقيدة الكراهية التي صنعها نظام العسكر حيث تحولت مباراة للاطفال الى معركة و عنف سيال و كثيف .

ولأنه نظام يعيش على الكراهية فهو نظام لا يعرف كيف يعيش لحظات الفرح والاحتفال بالفوز ، في مباراة بين الأطفال انتصر الفريق الجزائري ، بعد صفارة الحكم غاب الاحتفال و حضر العنف ، وكأن الفرح الجزائري لا يمكن ان يكون الا بمعاداة المغرب و الاستمتاع بذلك.

لكن يبدو ان حكام قصر مرادية مصرين على تصدير الأزمات الداخلية و تعليق الحوار الداخلي و تأجيل مطالب الشعب بالديمقراطية بدعوى وجود عدو خارجي و انه لا وقت لمناقشة كل ماهو داخلي مادام هناك عدو خارجي يهدد الجزائريين لدرجة ان الاطفال لم يصدقوا انهم انتصروا و مارسوا عنفا غريبا و غير مقبول

النظام الجزائري هو نظام للأزمات و ليس نظاما للحلول. بول ريكور في تصوراته حول وظائف الإيديولوجيا الثلاث و المحددة في التبرير و تشويه وتزييف الحقائق ، عشنا بكل مرارة كيف ان النظام يتلاعب بعقول وعواطف الجزائريين ،لدرجة انهم لم يصدقوا الفوز و حاولوا ان ينتقموا من اطفال ،فقط يلعبون كرة القدم بشغف طفولي .

وحدها الأيديولوجيا حسب بول ريكور قادرة على قلب الأشياء و تغييرها , و هو ما لمسناه اليوم بوضوح , المنتصر لا يعرف كيف يفرح الا اذا كان عنيفا و فجا , بذلك يصبح العنف فرحا .

لا احد ينكر القيمة الفرجوية لكرة القدم حيث أصبحت وسيلة للترفيه و الفرجة ، و كأداة للتنفيس من ضغوط الحياة المعاصرة وإيقاعها السريع. لكنها أصبحت قناة من قنوات الفعل السياسي ووسيلة من وسائل التأثير الأيديولوجي ، من اجل صناعة رأي عام موالي ومضاد لأي نظام سياسي ، في الكثير من المباريات تشكل مباريات كرة القدم استمرارا للحرب القائمة او المحتملة بين الدول ، بهذا تصبح المباراة حربية تخاض على أرضية الملعب و في قنوات التلفاز و في البرامج و الاخبار و الندوات و في شبكات التواصل الاجتماعي من أجل خلق تعبئة وطنية : مباراة إيران و الولايات المتحدة الأمريكية و الارجنتين و بريطانيا و مباريات قطر ضد الإمارات و السعودية الاخيرة .
ما وقع اليوم في مباراة المغرب و الجزائر للناشئين يكشف ان كرة القدم بالجزائر ليست لعبة و إنما قناة سياسية لبناء عقيدة الكراهية تجاه المغرب ، ما يقوي هذا الاستنتاج ما رأيناه اليوم في مباراة النهاية وكيف تحولت أرضية الملعب الى حلبة للعنف ضد الاطفال المغاربة ، و المؤشر الثاني توظيف معلق رياضي يحظى بشعبية في مجال التعليق الرياضي و تحويله الى اداة سياسية صناعة الكراهية و بناء خطاب الكراهية .

الانظمة الديمقراطية تعتبر كرة القدم مجرد لعبة تنتهي بانتهاء صفارة الحكم ، في حين الدول الاستبدادية تجعل من الكرة اداة لتصريف مشاكلها وأزماتها و تحويل الكراهية الموجهة نحو الداخل و ازمات الداخل و مشاكل الداخل الى الخارج .

أسوأ ما وقع اليوم هو تكسير جسور الثقة و الانتصار لعقيدة الكراهية كيف تقنع طفلا مغربيا شاهد المباراة ان الجزائر دولة صديقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة