الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران والصدر:.. و (وشركة المنتفعين؟!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2022 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أنا لست من المعادين لإيران ولا من الطائفيين الموتورين بداء ايران ولا من المصابين بــ "فوبيا إيران"، ولا من أولئك الذين صنعتهم "البروبغندا" الأنجلوصهيوأمريكية لتفكيك وتجفيف بحر الجماهير المتلاطمة التي أيدت المقاومة في لبنان بالخصوص وفي غير لبنان.. فأنا بصراحة عروبي حداثوي علماني، وليست لي علاقة من قريب أو بعيد بأي من فصائل الاسلام السياسي ـ بشقيه: الشيعي والسني ـ ولا اتعاطف مع أي فصيل أو تيار منهم، لكني في الوقت نفسه لا أحكم على أيِ منهم بمنظار إيديولوجي إنما حكمي ينصب على نوعية عمل أيِ منهم، ومدى نفعه أو ضرره للشعب والوطن وللأمة ككل .. الآن وفي المستقبل!
****
وانطلاقاً من فهمي هذا للأعمال والاحداث والاشخاص، أستطيع القول أنني من المؤيدين لإيران على أكثر من صعيد وعنوان:
 فأنا مع إيران قلباً وضميراً ووجداناً في تبنيها المطلق للقضية الفلسطينية!
 وأنا مع ايران في موقفها المصر على محو الكيان الصهيوني من المنطقة العربية!
 وأنا مع إيران في تبنيها للمقاومات العربية في فلسطين ولبنان وفي انحاء أخرى من الوطن العربي، خصوصاً في محيط التطبيع والاستسلام، واعتقد جازماً بأن لولا دعم إيران لتلاشت المقاومات العربية إلى أبعد حدود التلاشي، بعد أن اقفلت بوجهها كل الأبواب العربية بسبعة اقفال، واصبح اغلبهم يسمي قوى المقاومة بأنها قوى "إرهابية"!
 وأنا مع إيران في موقفها الداعم لسورية الصامدة بوجه الإمبريالية والصهيونية وقواهما الإرهابية!
 وأنا مع إيران في نهجها الشديد الاستقلالية، بعد أن فقدت اغلب دول العالم بما فيها دول كبرى كبريطانيا وفرنسا استقلال قرارها السياسي، واستسلمت للهيمنة الأمريكية!
 وكذلك أنا من اشد المعجبين بنهضة إيران الصناعية والزراعية وتحولها السريع إلى دولة صناعية ـ وربما نووية قريباً ـ بفترة قياسية لا تحسب في عمر الشعوب، وتحولها السريع هذا جعلها تصبح دولة اقليمية كبرى قوية ومهابة، وتقف على قدم وساق مع كل دول العالم بما فيها الدول الكبرى !
 كما أن إيران الدولة الوحيدة من الدول المدعية للإسلام التي امتلكت تجربة اسلامية ناجحة إلى أبعد الحدود في بناء دولة عصرية، كما أنها كانت الدولة الوحيدة من مدعي الاسلام التي لم تنجر إلى التكفير والارهاب الدموي!
 وأخيراً أنا مع إيران في كثير من القضايا الفرعية الأخرى!

لكن .. ومع كل هذا التأييد لإيران .. فأنا:
 ضد إيران عندما يرتهن القرار الوطني العراقي في حدود مصالح إيران!
 وأنا ضد إيران عندما تجعل أو تريد أن يصبح العراق أو أية دولة عربية غيره "حديقة خلفية" لها!
 وأنا ضد إيران عندما يعطل المحسوبون عليها اقرار الميزانية أو تشكيل حكومة عراقية جديدة، في كل دورة من دورات ما يسمى بــ (الانتخابات) لأن كل منهم يريد أن يشكل الحكومة الجديدة طمعاً بالمغانم والمكاسب والنفوذ، وليس لخدمة العراق وشعبه!
 وأنا ضد إيران عندما تلعب بعض المليشيات المحسوبة عليها بأمن العراق واستقراره!
 وأنا ضد إيران عندما "يشيطن" المحسوبون عليها كل من يخرج على إرادة إيران، واتهامه بالعمالة للسعودية أو لغير السعودية!
 وأنا ضد إيران عندما يصر المحسوبون عليها على التمسك بــ "العملية السياسية" ..و.. "بالديمقراطية التوافقية" وجعلها صيغة حكم أبدية، بدلاً من أن تكون حالة وقتية طارئة، الغرض منها عبور العراق لمرحلة ما خلفه غزو البلاد وصولاً إلى صيغة حكم وطنية، تنقذه من الاحتلال ومن آثاره المدمرة ومن الفساد الكبير الذي ينخر في عظامه، ويزداد كل يوم سوءاً بأعمال هذه الطغمة المسلطة على الشعب!
وكما هو معروف فأن هذه العملية السياسية وديمقراطيتها "التوافقية" قد أرسى دعائمها الغزاة الأمريكان، بقصد أن لا يتوحد العراقيون في عمل وطني أو حكومة وطنية حقيقية، تملك برنامجاً وطنياً حقيقياً له قدرة فعلية على انقاذ العراق من الاحتلال وآثاره المدمرة، وبناء دولة مدنية عصرية حقيقية، وبقاء هذه العملية السياسية وديمقراطيتها التوافقية، يعني استمرار الخراب في العراق بعد أن دب الفساد في كل نقطة دم من دماء المشاركين بهذه "العملية السياسية" الفاسدة!
 وهئولاء المحسوبون على إيران يحاربون كل بادرة أو محاولة لتغير وجهة تلك "العملية السياسية" سواء بــ "بالأكثرية الوطنية" أو بأي صيغة حكم وطنية أخرى، تنهي هذا الاحتكار الطويل للسلطة والثروة معاً ومنافعهما الكثيرة التي يتمتع بها هؤلاء الفاسدون.. فهم يتمسكون بهذه العملية السياسية رغم ثبوت فشلها الذريع على كل صعيد وفي كل مجال، وعلى مدى يقارب العشرين عاماً!
فجوهر الديمقراطية ـ إذا كانوا لا يعرفون ـ يعني: أغلبية حاكمة وأقلية معارضة تأتي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمي مستمر للسلطة، أما ما يسمى بــ "الديمقراطية التوافقية" فهـــــــي (دكتاتورية مقنعة) تحصر السلطة والمنافع بيد فئة قليلة من السياسيين الفاسدين، الذين تتكرر وجوههم في كل عملية انتخابية وتضيع بين المنتفعين بهذه "الديمقراطية التوافقية" المسؤولية والحساب والعقاب، ولا تنفع معهم "هيئة نزاهة" ولا (نزاهة هيئة)، فقد شكلوا "طبقة سياسية فاسدة" لا تنفع معها أو تتمكن من ازاحتها إلا ثورة شعبية عارمة للشعب العراقي بأجمعه.. فقد اصبحوا غولاً يفترس كل شيء ويجهز على أية معارضة حقيقية!!
[في أحد مقالاتي شبهت هذه "الديمقراطية التوافقية" (بمؤامرة قريش) لقتل الرسول (ص) على قاعدة "من كل قبيلة رجل فيضيع دمه بين القبائل" .. وكذلك "الديمقراطية التوافقية" من كل فصيل (مجموعة تحكم) فتضيع المسؤولية بين كل هذه الفصائل.. وقد ضاع دم العراق وثروته فعلاً، بين فصائله المتنوعة وعمه الخراب،
وهم بمجموعهم كونوا ما يشبه (شركة المنتفعين) من تلك العملية السياسية وديمقراطيتها "التوافقية"]
****
مناسبة كل هذا الكلام هو "الفتنة الكبرى" التي جرت وقائعها الدموية خلال الشهر الماضي، والتي وضعت السكين على رقبة العراق ورقبة كل عراقي لتحزهما حزاً، وكان ممكناً لتلك الاحداث أن تتطور إلى مجازر دموية بشعة تشمل العراق والعراقيين من شماله إلى جنوبه، ولم يكن باستطاعة أي مرجع إيقاف مسلسلها الدموي، حتى لو كان المرجع الأكبر السيد السستاني!
رجل واحد فقط في طول العراق وعرضه كان بإمكانه إيقاف تلك "الفتنة الكبرى" ومسلسلها الدموي، وهو السيد (مقتدى الصدر) .. وقد تدخل الصدر فعلاً وأوقف تطور الاحداث ومسلسلها الدامي المدمر في اللحظة المناسبة وخلال ستين دقيقة فقط، وهذا عمل كبير أنقذ العراق والعراقيين ويحسب للسيد الصدر في صحيفة اعماله، وعمله هذا ـ مع حفظ المقامات الدينية ـ يشبه إلى حد ما قام به الامام الحسن (ع) عنما تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان وحقن دماء المسلمين!

تذكروا ما قلته في مقدمة هذا المقال .. بأني:
o لا أحكم على أيِ منهم ـ أقصد الفصائل السياسية الحاكمة أو خارج الحكم ـ بمنظار إيديولوجي إنما حكمي ينصب على نوعية عمل أيِ منهم، ومدى نفعه أو ضرره للشعب والوطن وللأمة ككل، الآن وفي المستقبل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية