الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين

صلاح بدرالدين

2022 / 9 / 19
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


هناك في الساحة الكردية السورية من يسعى الى الحوار الناجز لتحقيق هدف إعادة بناء الحركة الكردية ، وهناك من يتهرب من الحوار ويضع العراقيل أمامه ، وهناك من يعمل على افراغه من عوامل النجاح .
يعتبر الحوار من الطبائع البشرية بمعنى التواصل ، وتبادل المعرفة ، والتفاهم حول شؤون الحياة ، وتنظيم أسس ومستحقات الحقوق والواجبات بدء من اطار العائلة ومرورا بالمجتمع ، وانتهاء بالنظام السياسي ، والهادف طبعا الى العيش المشترك ، وإرساء العدالة ، وصيانة الحقوق الأساسية ، والديموقراطية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والتسليم بحق الشعوب في تقرير المصير ، والمساواة بين بني البشر من كل الاجناس ، والألوان ، والاعراق ، وبين المرأة والرجل .
ولن يثمر الحوار او بعبارة أدق لاحوار حقيقي الا بتوفر شروط نجاحه من حرية الرأي ، والعقيدة ، والبيئة الآمنة في قبول المختلفين ، وديموقراطية النقاش ، وتوضيح الهدف الرئيسي من الحوار ، والاختيار السليم لموضوع الحوار ، وتوفر الآلية المناسبة لاستخلاص النتائج ، والتوصل الى الحقيقة ، ومتابعتها ، واستكمالها ، والالتزام بها في مجال التطبيق العملي .
في الحوار السوري العام
بعد تصفية الثورة السورية المغدورة ، وخروج كيانات المعارضة عن نهجها الثوري ، وتشتت وتراجع مجاميع ( الجيش الحر ) ، وانتشار الفساد ، والمحسوبية ، وظاهرة الارتزاق لمصلحة النظام الإقليمي الرسمي ، والاقتتال الداخلي بين الفصائل المسلحة من اجل النفوذ ، وموالاة هذه الدولة المحتلة او تلك ، وتفشي النزعات العنصرية الشوفينية ، وسيطرة الميليشيات على المقدرات ، لم يبق امام الوطنيين السوريين خيارا آخر لإنقاذ مايمكن إنقاذه ، وتصحيح المسار الا انتهاج الحوار على المستوى الوطني ، لمراجعة الماضي ، واستخلاص الدروس والعبر من احداث وتراجعات المراحل السابقة ، وبالرغم من الدعوات الصادقة من جانب الحريصين على قضايا الوطن والشعب ، فانهم يصطدمون بعقبات مانعة وفي المقدمة عدم توفر شروط الحوار الناجح حتى الان .
في الحوار الكردي الخاص
لابد من التأكيد ان الحوار في اطار الخصوصية الكردية هو جزء مكمل للحوار الوطني العام ، وعليه فان هناك مايشبه الاجماع على أن الكرد السورييون يمرون بالمرحلة الأصعب في كل تاريخهم ، ليس بسبب الظروف الاقتصادية ، والمعيشية الضاغطة ، ومخاطر تبعات سلطات الاحتلالات ، ونظام الاستبداد ، والميليشيات ، وحالات القلق وعدم الأمان ، والخشية على المصير ، وانعدام الحرية والمستقبل المجهول ، فحسب ، بل لأن أداتهم النضالية الوحيدة – الحركة السياسية الكردية – تعيش حالة التمزق والانقسام ، والضياع ، وتحت تأثير عوامل الفشل ، والعجز عن انجاز المهام القومية ، والوطنية ، تتوزع أحزابها الراهنة في طرفي الاستقطاب المتصدرة للمشهد بين محاور خارجية تأتي القضية الكردية السورية في آخر اهتماماتها بسبب واقع حال البعد الكردستاني من النواحي التاريخية ، والجغرافية ، والوظيفية ، وخصوصية كل جزء ، وأولوياته في الانشغال بقضاياه الداخلية ، والتفاعل مع متطلبات الانتماء الوطني – القطري - .
لاشك ان الحركة القومية الكردية عموما والسورية بشكل خاص امام مفترق طرق ، ومازالت متاخرة عن تعريف هويتها ، ومرحلتها التاريخية ، وتشخيص مهامها ، خاصة بعد فشل دول المنظومة الاشتراكية في حل المسالة القومية في بلدانها ، ثم انهيارها ، وتردد الغرب الراسمالي في فهم وتفهم طبيعة نضال الحركات القومية في الشرق الأوسط وبينها الحركة الكردية ، وعجز نظم الاستبداد الحاكمة بالمنطقة عن إيجاد حلول لكافة القضايا الوطنية ، والديموقراطية ومن ضمنها قضايا الشعوب والقوميات المحرومة ، وكذلك التطورات الداخلية ضمن صفوف الحركة القومية الكردية ، والتي يغفلها الكثيرون ، او يتجاهلونها وهي انتقال الحركة اوبعض تياراتها في قواها الرئيسية التقليدية ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ، الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق ، حزبي ديموقراطي كوردستان – ايران ، حزب العمال الكردستاني – ب ك ك ) من مفهوم الحل الكردستاني الموحد للقضية الكردية بالمنطقة على ضوء مبدأ حق تقرير المصير ، الى الحلول الوطنية المجزأة ، كما هو مثبت الان في برامجها ، ومسارها السياسي ، وممارساتها العملية ، بالإضافة الى انتقال المركز الأساسي المتقدم – إقليم كردستان العراق – من مرحلة الثورة التحررية الى مرحلة استلام السلطة وبناء الكيان الدولتي ( وهو تطور هام ومبارك ) وما لذلك من تبعات وانعكاسات منهجية ، واجتماعية ، وثقافية ،على مجموعة المنظومة الفكرية – الفلسفية للحركة القومية الكردية والتي لم تتم التعمق فيها بعد واستخلاص عناوينها الرئيسية .
كل ذلك يضاعف من أهمية الحوار بشأن حاضر ومستقبل الحركة الكردية السورية المفككة ، وكيفية إعادة بنائها من جديد على صعيد تجديد وتطوير ، وتفعيل العامل الذاتي أولا ، ابتداء من تشخيص هويتها الفكرية ، وعلائم مرحلتها التاريخية ، واصدقائها ، واعدائها ، وخصومها، وصياغة مشروعها ، وتحديد مهامها الراهنة والمستقبلية ، ومراجعة انحرافات بعض تعبيراتها الحزبوية بنظرة نقدية ، وتحديد دور الطبقات ، والفئات الاجتماعية ، والشرائح الشبابية ، والوسط الثقافي الملتزم في عملية التجديد ، وبشكل خاص دور الكتلة التاريخية المنقذة ، والسبيل الى تحقيق ذلك ، وهو توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، والآليات المتبعة لتحقيق ذلك .
محاولات الالتفاف على الحوار
هناك فرق شاسع بين حوار ديموقراطي حر ، جاد ، حول موضوع واضح ذي أولوية مطلقة ، وهو إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، واستعادة وحدتها ، وشرعيتها ، وانقاذها من تحكم الجماعات الحزبوية الفاشلة التي انحرفت عن خط الحركة ، واعادتها الى الحضن الشعبي ، والقيادة المؤهلة المنتخبة من المؤتمر الجامع من الوطنيين المستقلين ، والشباب من النساء والرجال والمثقفين الملتزمين ، والمبدعين ، وبين حوار مزعوم يديرها من هو جزء من الازمة ، ويتحكم في فرض ( لجان تحضيرية ؟! ) غير منتخبة ، ومواضيع للنقاش ليست من اولويات قضايانا ، وفوق كل ذلك لديه أجهزة قمع ترفض الآخر المختلف ، ان قضايا الحوار الأساسية المفيدة في هذه المرحلة يجب ان تكون مثلا : أسباب فشل الأحزاب في توحيد الصف الكردي ، وفي فقدان الدور الوطني للكرد ، وفي انتزاع مكاسب للكرد ، وفي إضاعة الحلفاء والأصدقاء السوريين ، وفي دوافع محاربة ب ك ك لشعب إقليم كردستان والنيل من إنجازاته ، وفي أسباب تبعية الأحزاب للخارج ، وتصفية الشخصية الوطنية الكردية السورية ، ودور المال السياسي في اضعاف الحركة ، وأسباب وقوف الأحزاب ضد الحوار مع المخالفين لها ، وأسباب رفض الأحزاب في المشاركة باللجنة التحضيرية مع الوطنيين المستقلين للاعداد للمؤتمر الكردي السوري الجامع ، وقبل هذا وذاك أسباب احتلال عفرين والمناطق الأخرى ، والموقف من سائر المحتلين ، والعلاقات السرية مع نظام الاستبداد والموقف منه ، وحقيقة دور وتواجد النفوذين الروسي ، والإيراني المتحالفين مع نظام الاستبداد.
قبل عدة أعوام تواصل معنا السيد – مارتن غريفث - رئيس ( المعهد الأوروبي للسلام ) – وهو الان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية – وبعد عدة لقاءات ارسل لنا اقتراحا مضمونه الدعوة لعقد لقاء حواري ثلاثي ( ب ي د و الانكسي ، وحراك بزاف ) لمناقشة الوضع الكردي السوري وسبل التقارب بين الأطراف على ان يتولى الاتحاد الأوروبي رسميا الاشراف في حال نجاح اللقاء الاولي ، فمن جانبنا رحبنا بالمقترح ، ورفضه الطرفان الآخران ، والان ومن اجل استكمال الالتفاف على الحوار يزيل القائمون على ( لقاء القامشلي التشاوري ) اسم مؤسسة ( اولف بالمي ) على دعوتهم ، علما ان حراك " بزاف " اول من اطلق تسمية اللقاءات التشاورية على الحوارات منذ عشرة أعوام ، والتي بلغت حتى الان اكثر من مائة وعشرة من اللقاءات التشاورية .
وحتى تكون الأمور واضحة أحيي العديد من الشخصيات وبينها أصدقاء أعزاء من النساء والرجال الذين شاركوا في تلك النقاشات وطرحوا وجهات نظرهم قدر المستطاع ، وختاما يجب القول ان الأولوية الان وفي هذه المرحلة الأكثر خطورة للحوار لترتيب البيت الكردي ، وإعادة بناء الحركة ، والبدء بتشكيل لجنة تحضيرية من غالبية وطنية مستقلة ومشاركة الأحزاب للاعداد للمؤتمر المنشود ، وهذا ليس الطريق الوحيد لإنقاذ وتجديد الحركة الكردية فحسب ، بل أيضا السبيل لخروج أحزاب طرفي الاستقطاب من المأزق الذي هي فيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب


.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا




.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا


.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2




.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع