الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


15 - مدخل . . إلى العقل المتصنم / 16 - أ ] العشق ، الهيام ، الرومانسية ، اللذة ، الهوى والحب

أمين أحمد ثابت

2022 / 9 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


من الغريب أن عرب الجزيرة ( البدوية ) فيما كانوا عليه قبل ظهور الاسلام – الممتد وجودهم على حواف الربع الخالي والصحراء الكبرى الى ضفاف حوض النيل ، وكلها بمتأصلاتها الارتباطية بالهوية العربية القديمة ، المنتقلة من الحجاز والقبائل اليمنية الواقعة على الربع الخالي . . مستوطنة حواف ما تعرف اليوم بالبلدان العربية ، كامتداد رابط بين قارتي اسيا وشمال افريقيا – هذا غير روابط المصاهرة التي عمقت عبر تاريخ بعيد من الاجيال – مما وصلنا عنها ما هو مثبت بما يعرف بديوان العرب ، المعرف بالشعر العربي الجاهلي و . . بعض المعارف المحدودة الواصلة بالسير وادب الرحلات والتنقل - وبقدر تحرر القبيلة وقتها . . لبعدها عن قبضة الحكم المركزي آنذاك لبلدان يومنا الراهن العربية ، التي كانت جزء من مكونات حضارات قديمة امبراطورية وشبه امبراطورية ، فقبائل الصحراء والبدو اليمنيين لم يكن تصل إليهم مؤثرات الحضارات اليمنية القديمة ، التي غالبا ما تركز في اتجاهات جغرافية من الداخل الشمالي والشمالي الشرقي والوسط والجنوب والجنوب الشرقي ليمن اليوم ، وهي الحضارات التي عرفت بمسمات ( سبأ ، حمير ، حضر الموت ) ، والتي تمثل نفوذ حكمها الواقعي على السلاسل الجبلية نحو العمق الجغرافي والهضبة الوسط والشريط الساحلي ، وباعتقادي كان حكم تلك الحضارات القديمة اشبه ما يكون مركزيا لنظام ملكي ضام لوحدة العشائر النافذة على المجتمع – وهو نفسه ما سرى بعد الاسلام بتعديل طفيف متمثل بنظام مركزي لمجموع وحدة العشائر اليمنية القديمة كموطن تابع لمركز الدولة الاسلامية – المتغير مكانه عبر سلاسل ذلك التاريخ وصولا الى أن اصبح في الاستانة –الدولة العثمانية ، وتمثلت الحضارات القديمة – التي تعرف عربيا حديثا – كالحضارة الفرعونية والاشورية وبلاد الرافدين والكنعانيين والغساسنة . . إلخ ، وبالطبع كانت هناك ثقافات شعوب تتوسط كل بلد يمكن مجازا تعريفها بحضارات مصغرة – رغم اختلافي مع من يرى ذلك – بينما كانت عمق بلدان المشرق والمغرب العربي وقتها تتبع ماهية كل من الحضارات الاغريقية والرومانية وجزء من الشرقية تتبع الحضارة الفارسية القديمة – عموما القبائل العربية الاصلية القديمة ظلت سماتها غير متغيرة عن اصلها لبعدها عن مراكز حكم الامبراطوريات ونظم حكم وحدة العشائر النافذة على المجتمع .

وعودة لعنوان موضوعنا الفرعي ، نجد من مسجلات الأدب العربي الجاهلي قد عرف تلك الاصطلاحات الفهمية – السابق عرضها في العنوان – دون وجود تابو تحريمي بشأنها ، والدليل أن اشعار العشق والغزل كان يتم تداولها مجتمعيا وبشغف متابع كان يتم تلقيها – نعم كانت تجد كراهية وعداء إذا مس نص امرأة تنتمي لسادة من اسياد العشيرة القوية هذه او تلك ، لكن الطابع المجتمعي القديم لم يكن يحجر على المرأة كحرمة معزولة عن المجتمع بحجاب القعود في البيت ، بل كانت مجتمعات توجد مختلطة الجنسين – رجالا ونساء – في العمل الفلاحي او التجاري في الاسواق ، بل أن قلة من النساء كن يمتهن الفروسية والقيادة المجتمعية ، اللهم قلة من نساء سادة العشائر وكبار تجاريها كن يضعن برقعا على الوجه . . ليس تدليلا عن قيمة مجتمعية معتقديه عامة ، ولكن مظهرا اجتماعيا يكشف عن تمايز الانحدار الاسري المفرق بين الخاصة من المجتمع والعامة . . لا أكثر – وهو تأثر منقول عن الحضارات الامبراطورية الفرعونية والرومانية والاغريقية ، حيث كانت تجري بيع الحرائر كجواري ومحظيات وملكة الايمان – وفق ما جاء ذكره في الدين الاسلامي – ويفرق بينهن وسيدات الدور والقصور بمنحدرهن العائلي العالي مجتمعيا – حيث كانت اشعار الغزل العربي يدار في مجالس الاشراف . . شريطة عدم وجود حتى اشارة لامرأة من نسائهم ، ويدار في مجالس نساء علية القوم بشغف ، ويدار تناقله في مختلف اوساط المجتمع ، وهو ما ينكشف تدوينه ووصوله إلينا من ذلك الوقت ولم تكن الكتابة العربية الحديثة موجودة من زمنهم ولم تظهر الطباعة إلا مؤخرا . . قبل مئات قليلة من الان ، وعربيا بأقل من مائة عام ماضي .

كان المجتمع العربي الصحراوي الاصيل . . يجيز الهيام ، العشق ، الحب كأمور سرية تتعلق بالحالة الفردية ، وترى فيها تساميا رومانسيا اشبه صفة بأمراء القوم – وهو ما عرف به امراء الشعر الغزلي الصعاليك والفوارس ، مثل امرؤ القيس وابو فراس الحمداني وعنترة بن شداد ، حتى وصل منهم في التصوير اللفظي الشعري الرومانسي المثير للغريزة ، وهذا غير ما جاء عن امرؤ القيس في التصوير النقلي لفظا لأبعاد اللذة الصريحة .

بعد الاسلام ، لم يسقط الشعر قيمة كلية ، ولكنه علم بتخمين أنه لاهيا عن الوجدانية الدينية عند المؤمن – لم يحدد بالتحريم او المكروه – ولكن فضل تمييزا بأن يكون لله وحده ونبيه وشحذ امة المسلمين لرباطة الخيل وحماية الدين والتمنطق بفضائله – وكان لتقدم الدولة الاسلامية عبر عصورها من التاريخ ، اختلطت قيم الحضارات القديمة بقيم الموجهات الاسلامية في فهمها المتعدد القياسي والتخميني والظني لمسألتي التحريم والتحليل وبما بينهما – مكوه او قابل لأن يكون مكروها ولكن ليس بجبرية حدية ، وذلك لمختلطية تكوينات المجتمع وثقافاتهم المتعددة . . بعد أن وحدت بينها بلغة الدين السماوي الذي انزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – بلسان عربي – وكان لأفول الدولة الاسلامية القديمة أن انبثقت مجددا الروابط العصبية . . حتى داخل مجتمع البلد الواحد ، ولكنها بمعتقديات دينية مذهبية ظنية – مناطقية التحديد جغرافيا – عرف وهما بأنها تابعيات متشيعة لرمز خارج طائفيا عن غيره من الطوائف ، بينما الحقيقة الغائبة عن الباحثين والمفكرين يتمثل بأن الاسلام ودولته غطى ظاهريا المتمزقات المجتمعية – الحضارية والثقافية من مورثات التاريخ القديم الأسبق للإسلام – وإذا بها تنبعث مع انهيار حضارة الدولة الاسلامية وتفككها – وما كان لها تعود واقعيا وبتكوينات مجتمعية متمايزة إلا بظهور رمز بمعتنق مذهبي الدين ( إرثا ) بتابعين تزداد اعدادهم مع الوقت عبر انتصارات المواجهة الاقتتالية مع طائفة غيرها ومع المنخرطين اعتقادا برمزها والغالبية بتبعية الضعف لوجودهم المكاني للعيش ، حتى اصبحت اجيالهم لاحقا تعرف بتمييز طائفي - المجتمعي الطبيعي - مع غيرها من التابعيات المعتقدية مذهبيا . . في كل بلد من البلدان العربية التي نعرفها اليوم – وهو ما عمقته دواوينية الحكم الامبراطوري العثماني ، من جانب تفرض واقعيا منظورها العام الديني – المدني الانتقالي على عامة المجتمعات العربية التابعة لإمبراطوريتها الاسلامية ، وتترك ما هو خاص مجتمعيا لأهله . . من حيث الحلال والحرام فيم الألفاظ التي نحن بصددها ، فنظريا الموقف المجرد يعرض ببعدين ، بعد ديني تحريمي المضمون ومكروه متجنبا ذكره شكلا – لكونه يحث على الفاحشة وتسلط الرغبات الغريزية على الافراد ، وبعد اجتماعي نظري يجيز محببا تلك الألفاظ كارتقاء روحي يخص الفرد بذاته شريطة أن يكون سره العاطفي الذي لا يجاز اعلانه وانتشاره ، أما ممارسة فالموقف القولي الظاهر حراما ويجاز فيه التحريم إذا جهر بها لتصبح كجريمة أو قذف إن ظهرت للآخرين ، لكونها تمس بالشرف والسمعة وتتضاد مع قيم الفضيلة الاسلامية ، فكلها مثيرة للشهوات وتبعد المرء عن خالقه وتخلق اختلالا في العلاقات الاجتماعية ، بينما حكما تنفيذيا – عقابيا – تنفذ على العامة ويتم تجاهلها مع نافذي السلطة الحاكمة وحواشيها وسادة العشائر الكبيرة والعائلات النافذة مجتمعيا – واخيرا خلال مدى تاريخ الاستعمار الغربي ، وريث الامبراطورية العثمانية في تبعية البلدان العربية ، جزأ مجددا ثالثا 1916 بعد تجزيئها الثاني عند تسلم الاستعمار الغربي بصفة الانتداب لبلداننا كتابعيات استعمارية بديلا عن تابعيتها قبلا للإمبراطورية العثمانية ، أما تجزيئها الاول كان باستلام الدولة العثماني إرث خلافة الدولة الاسلامية ممزقة الاوطان عربيا – خلال ذلك المدى الزمني والواصل الى ما بعد منتصف القرن العشرين ، عمقت ثقافة المجتمع المدني في مراكز حكمها داخل بلداننا الحديثة ، وتركت اطرافها لمصطرع اختلاف المواقف المعتقدية الدينة المذهبية والاعتقادية المجتمعية بين الفئات المختلفة في المجتمع الواحد من بلداننا ، ومع فترة نصف القرن العشرين ، خاصة بعد ثورة يوليو 1952 في مصر ، ما يعرفها المثقفين العرب بالثورات العربية الام . . جرت الهجرات الداخلية من الريف الى المدينة في كل بلد عربي ، وهجرة خارجية كهروب سياسي او اجتماعي مضطهد من بلد عربي الى آخر او الى بلدان اجنبية ، واستقبلت هجائن المدنية – الريفية لبلداننا تداخل ثقافي إضافي منتج عبر تبادل الزيارات والاقامة والتجنس مع بلدان اجنبية في معرف قطبية الانتماء العالمي ، حيث قاد ذلك الى تسيد طبيعة التوجه الايديولوجي للنظام الحاكم العربي هنا وهناك ، ووفقا لجبرية التوجه الايديولوجي فرضت واقعا للتحريم والاجازة بمعنى قياسي لعدم التحريم ، واقعا ذا توجه اشتراكي يجيز ولا يحرم معبرات ومدللات العاطفة الانسانية الراقية بين الجنسين ، ويتجاهل مصطلح اللذة والشهوة والجنس لكونها ابعادا غريزية طبيعية في الانسان كغيره من المخلوقات العضوية الحيوية ، ولكن توافقا مع الدين قوله : . . . إذا بليتم فاستتروا – فالجهر بها إما قولا يخدش الحياء وفعلا ممارسيا مستقبح ومرفوض بخصوصية متراكمات الارث العربي الاسلامي يعد جريمة تستلزم العقوبة ، أما بلدان الاتجاه الغربي الاستعماري الرأسمالي – الدعي فينا بمؤسس الليبرالية الوعيية في مجتمعاتنا – اعتمد الظاهرية الشكلية لمدنيتنا المستعارة في المدن بإنماء قيم العاطفة الفردية قولا وكتابة ، وبتماهي خلطي لأبعاد الغريزة بين كونها حاجة طبيعية لا يجوز حصرها في امور التحليل والتحريم وبين الحد والتغاضي عن شيوعها ، بينما التجاهل قيمها في الممارسة مجتمعيا – الحكم بقانون الآداب ، تختلف درجة العقاب من حيث مرتكبيها في انتمائهم لأي من العائلات الكبيرة في مكانتها الاجتماعية او وسطية ام عامة – بينما تركت الارياف والمناطق النائية للمعتقدات والتقاليد المجتمعية الضيقة للطوائف المذهبية او المناطقية جغرافيا في كل البلدان العربية ، وهذه كانت انظمة الحكم تؤاخي جماعات الدين المتطرفة كوجه معلن او خفي لسلطة الحكم ، حيث يمثل الدين سوطا وكرباجا للمجتمع في فرض تبعيته للحاكم الديكتاتور او الارهاب المجتمعي والتعذيبي القهري لمناوئي النظام وباسم الدين ، هذا وتأتي بلدان عربية وسطية ضد الغرب الاستعماري والسير في نهجها الخلطي بين معسكري القطبين الايديولوجيين ، بشكل تراوحي تماهي وفق حاجة الحاكم الفرد ونظامه ، تارة في علاقته بقوى اليسار فيختفي التحريم ظاهرا في المدن والضواحي وتارة بتوافقه وقوى الدين السياسي المتشدد في التحريم ، لتجد المدن كتم انفاس انسانها عن كل حقوقه العاطفية والطبيعية – حتى جاءت فترة التسعينيات من القرن العشرين وتسييد وهم كذبة ذوبان الهويات الضيقة لشعوب العالم وتماهيها في الحضارة الانسانية العالمية الواحدة التابعة للغرب الامبريالي – متذرع العولمة الثقافية – اعادت تلك المراكز الغربية بعث وتفريخ متمزقات التاريخ القديم لمجتمعات بلداننا ، تركيزا في ظهورها كمنتجات متشددة كواقع عصبوي ضيق مناطقيا ومذهبيا دينيا ، حتى جاءت اجندة الربيع العربي لتمزيق اشد حدة واقتتالا بمفرخات وكالات انتهازية محلية تعمل للخارج بغطاء ديني او اجتماعي ، مبعثرة كل مجتمع منا بحرب دامية تؤسس لثقافة الكراهية والحقد والتجريم التحريمي دينيا واخلاقيا ، تجيز لكل مفرخ بأتباعه فرض التحريم بما يشاء على اناس المجتمع الواقع تحت قبضته ، وتمنحهم إجازة اللاتحريم والتغاضي عن افعالهم الناقضة لما يلوكونه علنا بصورة نظرية ، وفي المقابل تشيع بلدان التحكم الغربي بنا قيم اللا أخلاق مجتمعية في اجيالنا الجديدة – وهي لا تجيزها على مجتمعاتها – حيث تقوي نزعات القوة والقتل والبطش والانتهازية الانانية كأسس لنيل ما يصبوا إليه الانسان العربي الفرد ، وذلك بديلة عن الفضيلة والمثابرة والعلم المحققة لنيل ما يتطلع إليه ، ومن جانب آخر تسقط المعايير الاخلاقية والمجتمعية كالوطنية والتحررية والاستقلالية والتقدم . . إلخ ، التي اصبحت قيما بالية ولا تؤكل عيش مقارنة بتلك الجديدة الموصلة للأهداف والغايات بأقصر الطرق وبنزعات فردية انانية – كل هذه المهجنات انتجت فينا مسوخا لم نعد نعرف لنا موقفا واضحا – نظريا معتقدي واعتقادا مجتمعيا وممارسة – نتناقض بين اقوالنا وافعالنا ، وحتى بين اقوالنا من امر لآخر ومن موضع الى آخر ، فلا وضوح لتحريم عن تحليل ولا لجواز عن منع وعدم اجازة ، فهي امور متجاهلة تماما ، فالقول بها تفاهة ونقصا عاطفيا وعقدة جنسية ، وممارستها عيبا شخصيا تدل عن سذاجة او وضاعة . . يكون المرء فيها مغيبا عن حقيقة واقعه وازماته وحياته وغاطسا في الاوهام والكلام الفارغ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال