الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تباشير الصباح / غسق المساء.لبودلير

محمد الإحسايني

2006 / 10 / 1
الادب والفن


أخذت الطبول تدق في ساحات الثكناتْ،
وظلت ريح الصباح تهب على الفوانيسْ .

تلك كانت الساعة التي يلوي فيها سرب من الأحلام المؤذيهْ
أعنا قَ المراهقين السّـُــمْر على وسائدهمْ،
ويضع فيها الفانوس بقعة حمراء حول النهارْ
كعين دامعة تختلج وتتحركْ،
فتحاكي فيها النفس صراعاتُ السراج والنهارْ ،
فالجو مليء بارتعاشات الأشياء التي تختفي
مثل َ وجه مليئ بدموع تجففه النسائمْ،
والرجل متعب بأن يكتبْ،
والمرأة بأن تحبّ ْ .

أخذت البيوت هنا وهناك تدخن .
مازالت نساء المتعة، والأجفان الداكنه،
والأفواه المفتوحة، في نومها البليدْ،
والمتسولات يجرجرن أثداءهن الهزيلة البارده،
مازلن ينفخن حول جمراتهن وينفخن حول أصابعهنّ ْ.
تلك كانت، الساعة التي يزيد فيها البرد والشحّ ْ
من آلام النساء ؛ وهن في حال الوضع ِ
كشهقة مقطوعة بدم راغ ْ
ظل صياح الديك يمزق الهواء المضبب في الآفاق ْ ،
يغمر البناءات ِ بحر ٌ من الغيوم،
وكان المحتضرون في عمق المأوى
يصعدون آخر حشرجاتهم ترجيعاً من الشهقات المرتفعة المتفاوته
وأخذ الفاسقون يعودون محطمين بمآثرهم .

والفجر المرتجف أصبح في فستان وردي وأخضر ْ
أخذ يتقدم ببط ء حول نهر السين المقفرْ،
وباريس المتجهمة، المسنة المنهوكه،
أخذت تقبض على آلاتها،وهي تحك عينيها .


غسق المساء
ش. بودلير
ترجمة: محمد الإحسايني


ها هوذا المساء الفاتن، صديق الآثمينْ؛
يأتي على مهـْـل ٍليشارك في الإثم ِ، والسماءْ

تنغلق ببط ء كأنها قبة مضجع الغرامْ،
فيتحول الإنسان المتلهف على الملاذ ّ حيواناً أصهبْ
أيها المساءْ،
يا مساءً أ نيساً يشتهيهْ
ذاك الذي تستطيع ذراعاه أن تعلنا:اشتغلنا
هذا اليوم َ ـ فالمساء هوا لذي يهدّئ النفوسْ
التي يفترسها ألم وحشِـيْ،
والعالـِمَ المعاند الذي تنوء جبهته بثقلها
والعامل َ المنحني ظهرُه العائد إلى سريره ْ .
في حين يستيقظ ببلادة ٍ أبالسة ٌ مؤذونْ
في المحيط الجوي كأنهم رجال أعمال ٍ
فيدقون بشدة وهم طائر ونْ،
مصا ريع وأفاريز الأبواب العليا.
تضطرم الدعارة في الأزقة؛
عبر ومضات الأنوار التي ترهقها الريحْ
كأنما قرية نمل تفتح منافذها،
تشق لنفسها طريقا خفياً في كل مكان ٍ
شأن َ العدو الذي يحاول هجوماً،
تتحرك داخل مدينة الرذيلهْ
مثلَ ديدان ٍ تسرق الإنسان ما يقتات بهْ
تُسـمَع ُ المطابخُ هنا وهناك تـُصفـّـرْ،
والمسارح ُ تزعق ُ،والأجواق تغط في سباتها،
وموائدُ الضيافة التي يشيع فيها القمارُ مباهجـَهْ
قد امتلأت بالعاهرات والمحتالين شركائهن في الجـُرم ِ
واللصوصُ الذين ليس لهم هدنة ٌ ولاهوادهْ،

سيشرعون، هم أيضاً، عما قليل، في عملهم،
فيدخاون الأبوابَ عنوة ويستولون على الصناديق ْ،
ليعيشوا أياماً معدودات ٍ، ويكسوا عشيقاتهم.

تأملي يانفسي،هذه اللحظة الحرجهْ
وصمي آذانك عن تلك الضوضاءْ .
فلقد حانت الساعة التي تشتد فيها أوجاع المرضى!
الليل القاتم يخنقهم؛ ينهون مصيرهم
فينحدرون نحو الهوة المشتـَـرَ كـهْ؛
يمتلئ المستشفى بتنهداتهم ـ فلا أحدْ
من المرضى يأتي بحثاً عن حسائه المعطرْ،
في ركن الموقدْ، هذا المساءْ، لدى حبيبته الأثيرهْ .
مازال الكثير منهم لم يعرفوا أبداً
حلاوة طعم البيت ولم يعيشوه أبداً .


ترجمة: محمد الإحسايني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد عز يقترب من انتهاء تصوير فيلم -فرقة الموت- ويدخل غرف ال


.. كلمة أخيرة - الروايات التاريخية هل لازم تعرض التاريخ بدقة؟..




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و


.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من




.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان