الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدن / النساء - شعر

فاروق عبد الحكيم دربالة

2022 / 9 / 24
الادب والفن


المُــدنُ / النِّسَـــاء
شـــعـر : فـــاروق دربـــالة

يَا صَاحِبِيْ
إنَّ المَدَائنَ كَالنِّسَاءِ
لِكُلِّ مَلِيحَةٍ عِطْرٌ
وَفِي شَرْعِ الصَّبَابَةٍ
كُلُّ مَدينَةٍ / أُنثَى
لهَا طَعْمٌ فَرِيـــدْ
فَوَاحدةٌ تَقُولُ لدَهْرِهَــا :
يَا مَنْ هَرِمّْتَ ..
أنا المَلِيكَةُ فَوقَ عَرْشي
لَنْ أشِيْبَ ولَنْ أَغِيْب !
* * *
ووَاحِدةٌ
تُقَضِّي العُمّْرَ في الدِّهْلِيزِ
تنتظِرُ العَنَاكِبْ
فَتَرَاهَا تنْسِجُ مِنْ خَرَائِبِ رُوحِهَا
شُؤْمَ الحِكَايَاتِ القَدِيمَةْ
وتَدُسُّ صُورَةَ وَجْهِهَا المَحْفُورِ
في صَّمْتِّ الرِّيَاحْ
وتَعُودُ تَصْنَعُ مِنْ برودَةٍ عُمْرِهَا قَبْوًا
ليَسْكنَهُ المَوَاتْ
والعَيْنُ لا تَقْوَى على ضَوْءِ النَّهَارْ
* * *
وواحدةٌ تُمْلِي رَصَانَتَها ،
تُمْلِي بَرَاعَتَها ،
وَتَكتبُ عِـزَّهَا فوقَ السِّنين الخَالِداتْ
فِيهَا التَّنَوعُ والأصَالَةُ
فِيهَا الوَسَامَةُ ، والفَهَامَةُ ، والفُنونْ
وتَرَاهَا تُمْسِّكُ صَوْلَجَانَ الدَّهْــرِ
مِنْ حِيْنٍ لِحينْ
ولَرُبَّمَا جَارَتْ عَليْهَا العَادِيَاتُ ..
تَنَكُّرُ الأبنَاءِ
فانّْكَسَرَتْ لأوقَاتِ عَصِيبَةْ
لَكِنَّها ..
تَبْقَى تُنَافِحُ في الزَّمَانِ
بقوةِ الرُّوحِ الأَصِيلَةْ
وتَبُوحُ بالأَسرَارِ والإِرثِ الجَميلْ
ومِنْ بَنِيهَا الطَّالعينَ مِن القُّرَى
ومِنَ الحَوارِي الطَّيْبَاتْ
تبني حُشَاشَةَ قَلبِها المَسّْكُونِ بالأَحْلَامِ
والقِّصَصِ العَجِيْبةْ
* * *
ووَاحدةٌ تًقَدِّسُ راحَةَ الزُّوَارِ
تُكّْرِمُ غُرْبةَ الوَافِدْ
وتملأُ قَلبَهُ مِنْ طِيبِ مَعْشَرِهَا
وتَمنَحُ دِفءَ شَفَتَيْها
لمَنْ يَسّْخُو وِمَنْ يَرْغَبْ
بها الحاناتُ واللذَّاتُ والصَّبواتُ
لِمَنْ يَهْوَى ومَنْ يَدْفعْ
* * *
وَوَاحِدةٌ
فيها الفَخَامةُ والضَّخَامَةُ
والتَّلَأْلُؤُ والضِّيَاءُ
هي عَالَمٌ بَرَّاقُ
يَمتلك التَّمَدُّدَ في الفَضَاءِ
فِيها المَطاعِمُ والمَشَارِبُ والمَتَاجِرُ
مِنْ كُلِّ البِلادْ
والرُّوحُ خَاويَةٌ ؛ فَلَيَسَ بوِسْعِهَا
أَنْ تُؤْنِسَ الإنسانَ في شَيءٍ
ولَيس بوِسْعِهَا أَنْ تَرّْوِيَ الصَّادِي
إلى مَاءِ المَعَارفِ والفنُونْ
هِي أَفْلَسَتْ
فَالأَيْدِي مَا فِيها سوَى مَاْلٍ
وأضْرِحَةٍ / قُصُور
عَقْلٌ بِلا قَلْبٍ
يَمِيلُ مع الدُّولارِ أَو السُّولارِ
فَرَصيدُ أسهُمِهَا كَبيرٌ
فِي المَلَذَّاتِ العَجِيبةِ والفَوَارِغ
جَعَلَتْ مِنْ الأَبنَاءِ
جُوْقَاتِ الكَسَالَى المُتْخَمِين
* * *
لَكِنَمَا يَا صَاحِبيْ
بَعضُ المَدَائِنِ والنِّساءِ بأُمَّتِي
تَرّْتَّجُّ تَحتَ القَهرِ، تَحتَ السُّخْفِ ،
تَحتَ الحُزْنْ
وتَعيشُ وَقْفًا لاشتِهَاءَاتِ عَجيبَة
وتَبِيتُ بَاكِيَةً
وتَمضُغُ حُزْنَهَا الَّليْليَّ فِي صَمْتٍ
وتَحْلُمُ أنْ ..
يَعُوَد لِكَي يُعَانقَ وجْهَهَا
ضَوءُ الصَّبَاحْ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل