الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟

علي فضيل العربي

2022 / 9 / 25
الادب والفن


الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟



هل تراجعت القراءة الورقيّة في خضم التطوّر التكنولوجي و التدفق الرقمي الرهيب ؟ هل فقد الكتاب الورقي جاذبيته و مكانته في يوميّات القاريء ؟ لماذا عزف أغلب القراء عن اقتناء الكتاب الورقي ؟ لماذا تحوّلت المكتبات الهامة و الخاصة إلى مجرّد واجهات لعرض الكتاب الورقي ، قديمه و جديده ؟
أسئلة ، تبدو ، وجيهة و جديرة بالطرح الهادف و المناقشة الجادة ، في عصر هيمنت عليه وسائل التكنولوجيا الرقميّة السريعة . و سلبت من الكتاب الورقي ، بأجناسه المعرفية ، وهجه القديم ، و أسهمت في كساده ، أو بالأحرى ، في قلّة اقتنائه . و لو قمنا بعمليّة إحصائيّة لعدد زوار المعارض الموسميّة و السنويّة للكتاب . لصدمتنا النتائج المستخلصة من الإحصاء . فإنّ عدد الزوار يفوق مئات المرات عدد مقتنيّ الكتب الورقيّة . ففي كل مائة زائر نجد ما نسبته 02 بالمائة يقتني كتابا ورقيّا . و أكثر الكتب التي تلقى رواجا ، هي كتب الطبخ و التجميل و قصص الأطفال .
لم يعد القاريء الشغوف ينتظر وسائل النقل التقليديّة ، من طائرات و بواخر و شاحنات ، و قبل ذلك القوافل العابرة للفيافي و الفجاج ، كي تجلب له – من مكان بعيد أو قريب - الكتاب المرغوب فيه ، أو المجلّة المفضّلة لديه ، أو الجريدة اليوميّة المصاحبة لقهوة الصباح و سيجارتها . و لم يعد القاريء يقصد مكتبة الحي – إن وجدت - أو مكتبات المدن و العواصم ، أو أي كشك عتيق في زقاق ضيّق ، كي يبحث عن كتاب أو مجلّة محليّة أو مستوردة ، إلاّ نادرا ، و في أوقات معيّنة .
هناك شعور بالمرارة - قد لا يكون عاما - و لكنّه ينتاب فئة من المثقفين الواعين و المتعلّمين المتميّزين من إهدار الحقوق الماديّة للملكيّة الفكريّة ، لو قمنا بعمليّة إحصائيّة لعدد المواقع الإلكترونيّة التي تعرض خدماتها على المتصفح و القاريء . لظهرت على الفور مكتبات رقميّة ، تعرض كتبا للقراءة و التحميل بصورة مجانيّة ، دون مراعاة حقوق المؤلّف و المترجم و دور النشر .
و قد يبدو الأمر في شكله و أهدافه الثقافيّة سلوكا إيجابيّا و مفيدا ، لأنه يساهم في تعميم روح المطالعة و تشجيعها لدى شريحة واسعة من المجتمع . تحت شعارات : ( الكتاب للجميع ) و ( تعميم القراءة و تشجيعها ) . لكنّ هناك إشكاليّة - ربما غفل عنها البعض – تثير فينا السؤال التالي : ما محلّ الكاتب و الدار الناشرة من هذا النوع من النشر المجاني ؟ و إذا كان القاريء يدفع مقابلا ماديّا نظير اشتراكه في النت ، فلماذا لا تدفع مؤسسات النت حقوق الكاتب و دار النشر ، نظير المادة الأدبيّة أو النقديّة أو العلميّة التي جلبت لها الاشتراكات الفرديّة و العموميّة ؟
ألا يعود ذلك على الكاتب و دار النشر بالفائدة ؟
إنّ كساد الكتاب الأدبي الورقي ، خاصة ، و عزوف القاريء عن اقتنائه عائد - بالدرجة الأولى - إلى توفّره على المنّصات الرقميّة ، و ليس فقط بسبب ضعف المقروئيّة ، كما يروّج له المعتوهون . إنّ القاريء لا يريد – حسب زعمه - اقتناء الكتاب مرتين ، و لا يريد أن ( يهدر ) نقوده لأجل كتاب متوفّر له و متاح في منصّة رقميّة واحدة أو عدّة منصّات .
و كثيرا ما طلب منّي بعض القراء ، نسخا مجانيّة على شكل ( بي دي ف ) ، من رواية جديدة لي ، أو مجموعة قصصية . و هذا ما يسبّب حرجا لأي كاتب . لقد نسي هؤلاء القراء ، أو تناسوا ، أنّ الكاتب ينفق من حياته وقتا ثمينا ، و يدفع من ماله تكاليف لا يستهان بها ، لدور النشر ، من أجل استكمال مراحل النشر و التوزيع و الإشهار .
يمكن أن نستغلّ المنّصات الرقميّة في الترويج للكتاب الورقي في لغته الأصلية أو مترجما ، و ذلك لدفع القاريء نحو اقتنائه ، و إلهاب شغفه إليه ، كأن نعرّف بالكتاب الأدبي ؛ رواية أو مجموعة قصصية أو مسرحيّة أو كتاب نقدي ، بشكل موجز و صادق و دقيق ، و دون مبالغة أو تشويه أو توصيف مبالغ فيه ، و هي خطوة خدماتية ممتازة لجلب القاريء و إغرائه و تشويقه ، بأسلوب بعيد عن الديماغوجيّة الثقافيّة و الترويج المزيّف للحقيقة – بكسر الياء - . و الغرض من ذلك كلّه تثقيف المواطن ، أينما كان ، و إفشاء سلوك المطالعة بين أفراد المجتمع ، و الرفع من نسب المقروئية الورقيّة بين فئات المجتمع ، إن كانت – حقا – متدنيّة ، أو المحافظة عليها إن كانت – حقّا - مرتفعة .
لا بد أنّ تقدّم دور النشر ، للقاريء ، كتابا ورقيّا ذا جودة عالية ، يسّر ناظره ، و يشوّقه إلى التهام مضمونه ، بدءا بشكله الخارجي ، المتمثّل في صورة الغلاف و ألوانه و رسم عنوانه . فالغلاف ، هو العتبة الأولى للكتاب ، لا يجب الاستهانة بتأثيره المباشر على نفسيّة القاريء .
هناك أمر آخر يؤرّق المبدع في ميادين الشعر و الرواية و النقد ، و الأدب عامة ، الا وهو نقض العقود المبرمة بين دار النشر و الأديب حول حقوق كل طرف . و هي – في الحقيقة - عهود معنويّة ملزمة للطرفين ، قبل كل شيء . و قد شاعت هذه الجائحة اللأخلاقية ، أكثر ، لدى دور النشر- الجديدة منها والخاصة - في أغلب البلاد العربيّة . ممّا أحدث نوعا من الشعور بفقدان الثقة بين الكاتب و الناشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً