الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيحا لافكارنا

اسراء حسن

2022 / 9 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عند استخدام البعض لمصطلح ما مثل "الديكتاتورية" أو"الديمقراطية" أو حتى "الحرية" فليس المقصود بهذه المصطلحات فى كل الحالات واحد؛ فهناك إشكالية التعريفين المفهومي والإجرائي للمصطلح الذي قد يحمل من المعاني عند هذا غير ما يحمله عند ذاك، والتفرقة بينهما تحتاج عقلاً واعياً، والأهم هو إدراك مدلول الكلمة... وهو ضرورة تحليلية لمن أراد أن تصدر أحكامه معبرة عن عقله لا عن لسانه وأذنيه ، فبعض خيوط الأفكار قد تتشابه، لكن الأمور لا تؤخذ بأشباهها، ولابد من ضبط فهم الفكرة بفهم تعقداتها لا بانتقاء ما يريد صاحب الفهم أن ينتقيه منها للإساءة لصاحب الفكرة أو لتوريطه فيما لم يقصد مما طرح من فكر !

ربما أول ما يخطر على البال بهذا الشأن هو ثنائية "الديكتاتورية" و"الديمقراطية" لأنها القضية الشائكة التي يفرضها علينا الواقع، سواء وافقنا المقاربات التي تتناول القضية أو اختلفنا معها؛ فالمجتمع الذي لا يناقش قضاياه بحرية، ولا يفكر في السيناريوهات المتاحة، ولا في حدود القدرة على تحقيق هذه السيناريوهات، هو مجتمع مدان بأن يبقى حائراً أمام عجزه عن فهم مكر التاريخ ... اما بالنسبة للمصطلح الثاني والأهم هو الحرية الذي ينقسم بدوره الى قسمين "الحرية السلبية" و"الحرية الإيجابية"، والفرق بينهما هو نفس الفرق بين مبدأ "التحرر من .." ومبدأ "التحرر إلى ..."

أن المفهوم السلبي للحرية يتناول حق الإنسان فى أن يحكم ذاته دون أية ضغوط قهرية ، وأن يعبر عن ذاته المفكرة متحرراً من الخوف من ردود فعل الآخرين، وأن يقرر فى النهاية لنفسه ، وأن ينفذ ما قرره دون أن تعرقله إرادة أخرى غير إرادته ... قد يبدو تعبير "المفهوم السلبى للحرية" وكأنه حكم على المفهوم بأنه مذموم وغير بناء ... إن أنصار المفهوم السلبى للحرية إنما تواجههم إشكالية كبرى هى "تنازع الحريات"، أو تصادمها الذي قد يصل إلى الاحتراب الأهلي أو الدولي.

في رحلة البحث عن فهم لأحوالنا المتدهورة - ما أرى تجاربنا - التاريخية إلا خير معلم لنا لاننا - وبكل أسف، وبكل حسرة - لا نتعلم، لا من تجاربنا ولا من أفكار الفلاسفة والممؤرخين؛ بل نحن نتعامل دائماً مع بديل الاستبداد الذاهب بما يجعل منه لاحقاً استبداداً بديلاً، وما زلنا نتعامل مع هذا الاستبداد البديل باستراتيجية إحياء الاستبداد الذاهب !!

أما وقد انتهينا إلى ما هو بديهي ، فإنه لم يتبق أمامنا إلا التأكيد على أن أرض الأفكار فى بلادنا قد صارت ملأى بكل ما هو عشوائي من زراعات الأفكار، وأن تنظيف الأرض وتمهيدها ضروري إذا ما كنا نريد أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، هذه هي - للأسف - حال بلادنا بعد أن صارت تترنح كالسكارى من حانة الاستبداد هذه إلى حانة الاستبداد تلك دون أن ترى - وقد تحررت من سلطان الحانتين - أين توجد طريق الحرية؛ فالرأس لا توجد بها إلا خمر الوعود الكاذبة، ولا مكان فيها للأفكار الصادقة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة