الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يهن يسهل الهوان عليه : خطاب رئيس السلطة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم أنموذجاً

عليان عليان

2022 / 9 / 27
القضية الفلسطينية


تابعت كغيري من أبناء شعبنا، كلمة رئيس السلطة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين، وفوجئت بهذه الدرجة من الهوان والإساءة لنضالات شعبنا في مواجهة أبشع استعمار استيطاني كولونيالي في التاريخ ، خاصةً عندما كرر أكثر من مرة عبارة " احمونا ..من شان ألله أحمونا"، وعندما راح يتوسل الأمين العام للأمم المتحدة " أنطونيو غونتيرش" أن يضع خطة لتحرير الضفة الغربية من الاحتلال الإسرائيلي.
لا أدري إذا كان رئيس السلطة هو من كتب الخطاب أو كتب له ، ولا أدري إذا ما كانت عبارات التوسل والمذلة واردة في النص ، أم أن سيادة الرئيس خرج على النص ليضفي عليه بعداً عاطفياً مشحوناً بالتوسل لاستدرار عطف وتضامن أعضاء الجمعية العامة.
هذا الخطاب لا يليق بتاريخ الشعب الفلسطيني وتضحياته منذ وعد بلفور وحتى اللحظة الراهنة ، بعد أن قدم ولا زال يقدم قوافل الشهداء والأسرى والجرحى في إصرار عنيد وغير مسبوق في التاريخ ، وبعد أن أصبحت ثورة الشعب الفلسطيني حركة التحرر الوطني رقم (1) بعد انتصار الثورة الفيتنامية 1974.
لقد توقعت كغيري من المراقبين ، أن المقدمة التي ساقها في مقدمة خطابه، والتي تضمنت وصفاً دقيقاً لمجازر الاحتلال قبل النكبة ( أكثر من 50) مجزرة ، وتدمير (529) قرية وطرد سكانها منها خلال وبعد حرب 1948، ووصفاً وسرداً دقيقاً لإجراءات الاحتلال التهويدية والاستيطانية في الضفة والقدس بعد حرب عام 1967، وسرداً لمئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة لصالح القضية الفلسطينية ولم يتم تنفيذ واحد منها ( 754 قرارًا من الجمعية العامة، و97 قرارًا من مجلس الأمن، و96 قراراً من مجلس حقوق الإنسان ) ومن ضمنها قرار وافقت عليه إدارة أوباما عملياً عام 2016 بشأن رفض الاستيطان، توقعت أن يتخذ رئيس السلطة مواقف صلبة نسبياً ، تنسجم مع مقدمة خطابه الوصفية والسردية لمجازر الاحتلال وإجراءاته القمعية بحق شعبنا ، وإجراءاته التهويديه والاستيطانية وتصرفاته ككيان فوق القانون ، لكن خابت توقعاتي وتوقعات المراقبين في ضوء ما جاء في الخطاب على النحو التالي:
1-فالرئيس راح يستجدي عطف الجمعية العامة " احمونا من شان ألله احمونا" وكرر عبارة
" احمونا من إسرائيل " عدة مرات ، متجاهلاً عن عمد حقيقة " أن الحقوق الوطنية تنتزع بالقوة ولا تستجدى".
2- رئيس السلطة أعلن أن اتفاقيات أوسلو انتهت من قبل الاحتلال ، وأن ( إسرائيل) تنكرت للقرارات الدولية ، ودمرت اتفاق أوسلو الموقع مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وسعت عبر سياستها الراهنة إلى تدمير حل الدولتين ، لكنه تجاهل حقيقة أن الكيان الصهيوني أخذ منها ما يريد على صعيد تهويد القدس والاستيطان والرفض المطلق لحق العودة للاجئين الفلسطينيين ، بعد أن قبل المفاوض الفلسطيني في أوسلو عام 1993 بترحيل قضايا القدس والاستيطان واللاجئين وغيرها إلى مفاوضات الحل النهائي دون إسناد أي منها بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
3- كما تجاهل رئيس السلطة عن عمد، حقيقة أن أوسلو لا زالت قائمة بالنسبة له وللقيادة المتنفذة في المنظمة والسلطة ، فالسلطة لا زالت تعترف ب (إسرائيل )وبحقها في الوجود ولا زالت ملتزمة بنهج التنسيق الأمني مع الاحتلال ، ولا زالت ملتزمة باتفاق أوسلو (2) 1995 الذي يقسم الأراضي المحتلة إلى ثلاثة أقسام من ضمنها المنطقة (ج) التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية بالكامل ، وتشكل مساحتها 60 في المائة من الضفة الغربية ، ولا زالت ملتزمة باتفاق باريس الاقتصادي الذي يرهن الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال ، رغم قرارات المجلسين المركزي والوطني الفلسطيني، المطالبة بسحب الاعتراف ب ( إسرائيل) وبإلغاء التنسيق الأمني وبإلغاء اتفاقيات أوسلو.
4- والأخطر من ذلك أنه أعلن بصريح العبارة ، رغم كل إجراءات الاحتلال التنكيلية بشعبنا وأرضنا ومقدساتنا، ورغم رفض العدو لحل الدولة والدولتين البائس ، أنه يرفض ممارسة العنف ضد قوات الاحتلال والمستوطنين ، وأنه ضد الإرهاب معتبراً المقاومة المتصاعدة في الضفة وقطاع غزة إرهاباً ، متباهياً أنه وقع مع 85 دولة اتفاقات بشأن محاربة الإرهاب دون أن يفرق بين المقاومة والإرهاب، شأنه شأن الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري.
5- رئيس السلطة لا زال مؤمناً أشد الإيمان بنهج المفاوضات، رغم ما جره هذا النهج على شعبنا من ويلات ، إذ راح مجدداً يطالب الكيان الصهيوني بالعودة للمفاوضات وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ، رغم أنه اعترف بعظمة لسانه أن مئات القرارات لم ولن تنفذ بدعم أمريكي ل ( إسرائيل).
ولم يغير من واقع الإهانة لشعبنا ولنضالاته ، عزفه على وتر المطالبات والقرارات الشكلية حين طالب بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة ، وحين راح يطالب الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني، بالاعتذار للشعب الفلسطيني وجبر خاطره ، وتقديم التعويضات عما لحق به من ضرر منذ وعد بلفور وصك الانتداب ونشوء النكبة عام 1948 وفقاً للقانون الدولي، وحين راح يباهي بإنجازات الانضمام لمنظمات دولية ، وأنه سيطالب بالانضمام لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الملكية الفكرية، ومنظمة الطيران المدني الدولي.
لقد لفت انتباهي تعليقات البعض على خطاب رئيس السلطة ، بشأن عدم تهديده بطرح برنامج للمقاومة ، بأنه لا يعي المتغيرات في الضفة وغزة ومناطق 1948 المتعلقة بالتصعيد الكمي والنوعي لعمليات المقاومة ببعديها " المقاومة العسكرية والشعبية "، وهذه التعليقات تنطوي على تبسيط ساذج للأمور ، فرئيس السلطة ومستشاروه يعون جيداً المتغيرات في المناطق المحتلة والإقليم ، وهو بهذا الموقف يعكس النهج الذي التزم به قبل أوسلو وبعدها ، وهذا النهج مرتبط بالبنية الطبقية الكومبرادورية التي ينتمي إليها ، ومرتبط بتحالفات قيادة السلطة والمنظمة مع الرجعيات العربية ، تلك البنية التي تكرست بعد توقيع اتفاقيات أوسلو 1993.
لا نجادل في المسألة النظرية القديمة ، في أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وأنها الوطن المعنوي لشعبنا ، لكن عن أي منظمة نتحدث ،عن منظمة ما بعد حرب 1967 ، لتي قادتها الفصائل الفدائية في إطار التزامها بنهج الكفاح المسلح وتحرير كامل التراب الوطني ، أم عن منظمة لا تلتزم قيادتها بالمطلق بنهج المقاومة والتحرير بل ملتزمة بنهج التنسيق الأمني ، ورفض المقاومة المسلحة وفقاً لاتفاقيات أوسلو المذلة.
ما تقدم يؤكد أن لا لفائدة ترتجى من مطالبة رئيس المنظمة والسلطة معاً ، بالعمل على إعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية وديمقراطية ، من بوابة انتخاب مجلس وطني جديد طالما أن الرئيس يلقى كامل الدعم من حركة فتح، التي تغطي كل مواقفه السياسية بما فيها قراره بإلغاء الانتخابات، تحت مبرر رفض الاحتلال إجرائها في القدس ، وطالما أن حركة فتح لم تجر أي مراجعة للنهج السياسي المعمول به منذ عام 1993 ، وطالما أن المنظمة مختطفة مقبل أصحاب هذا النهج ، منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وإلى أن تتوفر الظروف لإعادة بناء المنظمة ،على أسس وطنية وديمقراطية ووفق برنامج مقاوم ، مطلوب من فصائل المقاومة أن تعمل على تشكيل جبهة وطنية للمقاومة ، تأخذ على عاتقها قيادة نضالات شعبنا ، وتوفير الظروف والمستلزمات لتحويل النهوض الجماهيري والمسلح في الضفة الفلسطينية إلى انتفاضة عارمة ، تسقط نهج أوسلو والتنسيق الأمني على الأرض بعيداً عن المناشدات المطالبة بإلغاء أوسلو التي لا فائدة ترتجى منها.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟