الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميلوني المتطرفة والقرضاوي المعتدل

طارق الهوا

2022 / 9 / 28
كتابات ساخرة


شاءت الظروف أن يموت يوسف القرضاوي في الوقت الذي كان الإيطاليون يتوجهون فيه لانتخاب جورجيا ميلوني كأول إمرأة ترأس وزارة في إيطاليا. وما يجمع الشخصيتين في مقالي هو أسلمة أوروبا.
رأى القرضاوي عدم حاجة المسلمين للسلاح لغزو أوروبا كما حدث أيام العثمانيين وغزو إسبانيا، بل التوالد المتعمد المبالغ فيه وزيادة عددهم ليصبحون أكثر من الأوروبيين، وبعد نصف قرن تُرفع راية الإسلام فوق الفاتيكان في نهاية المطاف فلا حاجة لأوروبا له بعد أسلمتها. ربما تصبح مثل آيا صوفيا في اسطنبول أو القسطنطينية محاصراً بأربعة مآذن.
من جهة أخرى، لم نسمع أي بابا كرئيس دولة الفاتيكان يرد على طموحات القرضاوي المشروعة وما استنسخه من مشايخ على شاكلته، ووجدنا معظم سياسيي وبرلمانيين ورؤساء وزراء ورؤساء أوروبا وملوكها لا يبالون بما يقال، كنتيجة للأموال الوهابية المتدفقة التي استُثمرت في القارة بدءاً من جيوب بعض الرسميين والأحزاب السياسية والليبراليين ومعاهد العلم مروراً بتأسيس جمعيات حقوق الانسان حتى شراء النوادي الرياضية، التي أزالوا الصليب من شعارها مثلما حدث مع ناد إسباني شهير.
قليل هم من واجهوا الأسلمة والمد السياسي الإسلامي وطموحاته لأسبابهم السياسية الانتخابية، والنادر من هذا القليل من لم يغيروا عقيدتهم السياسية ولم يلعبوا يميناً أو يساراً أو ليبرالياً أو مع "التعددية" من أجل مصالحهم الشخصية، ومن هذه الندرة السياسية المُخلصة جورجيا ميلوني التي بدأت مشوارها السياسي بشعار "الله.. الوطن.. العائلة"، والإيمان المفرط بوطنها والعداء الواضح الصريح لخطة أسلمة أوروبا وإيطاليا ضمناً وإحلال شعوب فيها بدلا من شعوبها، وفازت بهذه الأفكار الواضحة الثابتة على اللاعبين سياسياً كبهلوانات على كل الحبال، بعدما أدرك الإيطاليون خطورة وعاقبة ما يحدث على أرضهم، والتغيير المخيف للأسوأ والأفقر والأتعس والأقذر الذي يتعاظم يوماً بعد يوم، وبدء إنهيار التعليم الذي هبط ليعلّم الاساتذة طلبة مهاجرين لا يتحدثون الإيطالية، ويريد ذووهم كحق من حقوق الإنسان أن تُبنى لهم مدارس تعلّم بالعربية، وتدهور الثقافة الإيطالية التي انطلق منها عصر التنوير والنهضة.
يُقال عن جورجيا ميلوني أنها فاشية تنتمي إلى اليمين المتطرف، حتى في أوروبا والغرب الخائف من مواجهة واقع بدء بناء عشوائيات وبؤر تعمل على نشر أسلمة ثقافاتها، وتحاول فرض شريعة تناسب أقليات لا تريد الخضوع لقوانين ودساتير الدول، وتحارب مؤسسات هذه الشريعة كطرف أجنبي وليس وطنياً مع مؤسسات حقوق الإنسان التي أفرختها وتمولها لتجاور هذه الشريعة القبائلية دساتير دول علمانية.
لكن الواقعية تقول أن ميلوني تنتمي إلى اليمين القومي الذي لا يعيبه أبداً أن يكون متطرفاً في الانتماء لقوميته وثقافته ووطنيته، فالتطرف مطلوب بشدة في حب الوطن في زمن الترهل وبيع الأوطان أو تأجيرها مفروشة من أجل المناصب، لأن التسامح والديمقراطية والإيمان بالتعددية وحقوق الإنسان لن يجدوا في مواجهة من يستخدموها بخباثة كبيرة لأسلمة أوروبا. لا يجدي مواجهة التشدد سوى بالتشدد، والتقية بفضحها وكشفها.
كيف توصف جورجيا ميلوني لإخفافة الناس منها بأنها فاشية، خصوصاً في الدول الاسلامية والناطقة بالعربية، بينما يقول حسن البنا متباهياً بعبقرية بنيتو موسوليني أبو الفاشية: "اكتشف الخواجة موسوليني أهم شيء في الاسلام وهو عسكرة المجتمع وجمعه تحت فكرة واحدة". الفاشية.
سياسياً، من حق يوسف القرضاوي أن ينادي بالغزو السكاني هذه المرة لنشر الاسلام، مخالفاً آيات الله، لأنه لا يملك القوة ورباط الخيل اليوم. وواقعياً لا يُلام أبدا من يواجه هذه السياسة ولا يجب أن يوصف بأنه متطرف. ليس كل البشر مسلمين.
وكما أن من حق القرضاوي سياسياً أن يحلم برفع راية الإسلام على الفاتيكان، من حق إيطاليا أن تدافع على دولة داخلها لا سلاح فيها.
من غير المفهوم أبدا وصف الدعاة في أوروبا بأنها غازية لبلادهم في مساجد قام دينها على الإغارة والغزو والسلب، بل أن الله في هذا الدين القيّم أوضح كيفية توزيع الغائم وأموال السلب التي يذهب خُمسها لله ورسوله.
لماذا يحق للمسلم الغزو ولا يحق لغيره؟ الاجابة بنشر الاسلام دين الله مخادعة كاذبة، لأن العثمانيين المسلمين غزو مسلمين مثلهم واحتلوهم أربعائة سنة.
من حق أي دولة وضع والاشراف على مناهج التعليم فيها، ورفض أي لغة أخرى أو مناهج تجاور مناهجها تحث على رفض ثقافة الدولة. لماذا يُسمى هذا الامر تطرفاً عند الدول وأستاذية العالم عند القرضاوي؟
لماذا لا تقبل أي دولة إسلامية أو ناطقة بالعربية ومنها قطر معقل القرضاوي دخول أي مسافر إليها بدون تأشيرة، ويُقال عن أوروبا أنها متطرفة عندما تطالب بتسوية وضع ملايين غير شرعيين فيها؟
واقعياً، من حق جورجيا ميلوني حب وطنها والدفاع عنه والحفاظ على هويته من الأسلمة وهي ثقافة مغايرة تماماً لنتاج العلمانية، ويستحيل أن تندمج معها أو تتعايش، ومن غير المفهوم أبدا أن يصفها البعض بأنها متطرفة وعدوة المهاجرين، بينما الدول الإسلامية والناطقة بالعربية لا توصف بأنها متطرفة حين ترفض الهجرة غير الشرعية إليها، وترفض حكم الإخوان المسلمين (المعتدلون كما كان روج حسين أوباما) ويوسف القرضاوي أحدهم؟
المشوار صعب أمام ميلوني، فهي تواجه في إيطاليا فقط عشرات جمعيات حقوق إنسان غير معروف مصدر تمويلها بشفافية تحارب من أجل نوال المهاجر غير الشرعي نفس حقوق المواطن، وتكافح من أجل الاعتراف بشريعة بجوار دساتير علمانية، وتتستر على اجرام تجارة البشر التي تجلب ألوف الناس يومياً إلى أوروبا.
هل تفلح ميلوني بنشر حبها لوطنها وثقافته بين سياسيي أوروبا المترهلين؟ هل ستنوّر ذهن العامة على الترهات التي تُلقن لهم تحت خطة متعمدة لإفقار الشعوب لإخضاعهم؟
هل ستقلد شعوب أوروبا ما حدث في إيطاليا على أراضيها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة